قصة قصيدة يا ذا الذي عن جنان ظل يخبرني
لا يفرح قلب العاشق سوى معرفة بأن من يعشق يبادله شعوره، والقصص والحكايات في ذلك كثيرة، ومنها قصة شاعرنا أبي نواس الذي فرح فرحًا شديدًا عندما علم بأن من يحب تحبه أيضًا.
أما عن مناسبة قصيدة “يا ذا الذي عن جنان ظل يخبرني” فيروى بأن رجلًا يقال له الجماز كان في يوم من الأيام جالسًا مع أبي نواس أمام باب بيته، وبينما هما جالسين مرت من عندهما امرأة ممن يترددن على ديار الثقفيين، فأوقفها أبو نواس ورد عليها السلام، فردت عليه سلامه، ومن ثم أخذ يسألها عن الجارية جنان، وعن أحوالها، وأخذ يستقصي عن أخبارها منها، فأخبرته هذه الامرأة بأخبار جنان، وقالت له: في يوم كنت استمع إلى حديث بينها وبين إحدى صديقاتها، من دون أن تعرف بأني استمع إليها، وقالت لصديقتها: ويحك يا فلانة، والله إن هذا الفتى قد آذاني، وأضجرني، وأحرج صدري، وضيق علي طريقي بنظراته إلي، والله إن قلبي قد لهج بذكره والتفكير فيه من كثر فعله لكل ذلك، حتى أني قد عشقته، ومن ثم أمسكت هذه الامرأة عن الكلام، ففرح أبو نواس بما سمع منها، وبعد أن انصرفت من عنده أخذ ينشد قائلًا:
يا ذا الَّذي عَن جِنانٍ ظَلَّ يُخبِرُني
بِاللَهِ قُل وَأَعِد يا طَيِّبَ الخَبَرِ
يطلب أبي نواس في هذا البيت ممن أخبرته أخبار جنان أن تعيد عليه ما قالت من أخبار، فأخبارها كانت طيبة.
قالَ اِشتَكَتكَ وَقالَت ما بُليتُ بِهِ
أَراهُ مِن حَيثُما أَقبَلتُ في أَثَري
وَيُعمِلُ الطَرفَ نَحوي إِن مَرَرتُ بِهِ
حَتّى لَيُخجِلُني مِن حِدَّةِ النَظَرِ
وَإِن وَقَفتُ لَهُ كَيما يُكَلِّمُني
في المَوضِعِ الخَلوِ لَم يَنطِق مِنَ الحَصَرِ
ما زالَ يَفعَلُ في هَذا وَيُدمِنُهُ
حَتّى لَقَد صارَ مِن هَمّي وَمِن وَطَري
نبذة عن أبي نواس
هو أبو علي الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن الصباح الحكمي المذحجي، شاعر من شعراء العصر العباسي.
الخلاصة من قصة القصيدة: كان أبو نواس جالس في يوم مع صديق له، فمرت من أمامه امرأة، فأوقفها وسألها عن أخبار جنان، فأخبرته بأنها سمعتها تتكلم عنه، وأخبرته بما سمعت منها، ففرح بأخبارها، وأنشد في ذلك شعرًا.