مهما كانت الخلافات كبيرة بين الأخوة فإنهم يبقون أخوة، ولا يقبل الأخ على أخيه أي شر، وما حصل مع الأمين والمأمون مهما كانت الخلافات بينهم كبيرة يؤكد ذلك، فعلى الرغم من أن الطاهر بن الحسين قتل الأمين من أجل المأمون، إلا أن المأمون لم يسامحه على ذلك، وكان عازمًا على الانتقام منه، حتى قتله.
من هو عمرو بن نباتة؟
عمر بن نباتة بن حميد بن نباتة بن الحجاج بن مطر السعدي التميمي، شاعر من شعراء العصر العباسي.
قصة قصيدة يا ذا اليمينين وعين واحدة
أما عن مناسبة قصيدة “يا ذا اليمينين وعين واحدة” فيروى بأن طاهر بن الحسين دخل في يوم من الأيام إلى مجلس الخليفة المأمون، وطلب منه حاجة له، فقضاها له الخليفة، ومن ثم أخذ الخليفة يبكي، فنظر إليه الحسين وقد اغرورقت عيناه بالدمع، فقال له: ما الذي يبكيك يا مولاي؟، ولكن الخليفة لم يخبره سبب بكاءه، فخرج الطاهر من مجلسه من دون أن يعرف سبب بكاءه.
وفي اليوم التالي أمر الحسين بإحضار خادم الخليفة، وعندما أتاه أعطاه مائة ألف درهم على أن يعرف له سبب بكاء الخليفة، فعاد الخادم إلى الخليفة، وأخذ يستقصي منه عن الخبر، فقال له الخليفة: أخبرك، ولكن إن أخبرت أحدًا بما أخبرتك فسوف أقتلك، كان سبب بكائي أني تذكرت بأن الطاهر هو من قتل أخي، والإهانة التي نالها أخي على يده، ومن ثم أقسم بأن ما فعله لأخيه لن يفوته منه، فخرج الخادم وتوجه إلى الطاهر، وأخبره بما أخبره إياه الخليفة.
وعندما تحقق الطاهر بن الحسين من ذلك، طلب من الخليفة أن ينقله من عنده، ويبعث به إلى خراسان، ولكن الخليفة رفض، وبقي يطلب منه ذلك، حتى وافق الخليفة، وولاه أمر خراسان، ولكن الخليفة بعث معه بخادم، وأمره أن يسمه إن رأى منه شيئًا مريبًا، وأعطاه سمًا قاتلًا، وفي يوم من الأيام خطب الطاهر خطبة، ولكنه لم يذكر اسم الخليفة فيها، فوضع له الخادم السم في الطعام، وقتله ليلتها، وقد أنشد عمرو بن نباتة في الطاهر بن الحسين لأنه ولي العراق وخراسان، وقيل لأنه ضرب أحدهم بشماله في يوم فكانت ضرته قاتلة، قائلًا:
يا ذا اليمينين وعين واحدة
نقصان عين ويمين زائدة
يمدح الشاعر الطاهر بن الحسين، ويقول له بأن كلتا يديه يمين، وله عين واحدة، فكان مقابل نقصان عين من عينيه، أن كانت كلتا يديه كأنهما يمين من قوتهما.
وكان الطاهر بن الحسين كريمًا يحب مجالسة الشعراء، وكان يجزل عليهم، وفي يوم ركب في حراقة، فقال في ذلك الشاعر:
عجبت لحرَّاقة ابن الحسين
لا غرقت كيف لا تغرق
وبحران من فوقها واحد
وآخر من تحتها مطبق
وأعجب من ذلك أعوادها
وقد مسّها كيف لا تورق
فأمر له الطاهر بثلاثة آلاف دينار.
الخلاصة من قصة القصيدة: دخل الطاهر بن الحسين إلى مجلس الخليفة في يوم، فأخذ الخليفة يبكي، وعندما علم الطاهر بسبب بكاءه، وبأنه ينوي له شرًا، طلب منه أن يوليه خراسان، لكي يبتعد عنه، فولاه إياها، ولكنه أرسل معه خادمًا وضع له السم في طعامه.