قصة قصيدة يا سيد شعري نفياية شعركا
أمّا عن مناسبة قصيدة “يا سيد شعري نفياية شعركا” فيروى بأن شاعرًا يقال له اللبادي خرج في يوم من الأيام من إحدى مدن أذربيجان، وتوجه إلى مدينة أخرى، وكان يركب على حصان له، وكان يحب هذا الحصان كثيرًا، وكان ذلك العام عام أجدب، وبينما هو في الطريق لقي غلام، وكان هذا الغلام يمتطي حمارًا، فتوقف وسأله عن اسمه، فقال له: أنا نصر بن أحمد الخبزرزي.
ومن ثم سار الاثنان معًا، وبينما هما يسيران أخذا يتحدثان، فوجده اللبادي أديبًا، يروي الشعر، وبأنه صاحب روح خفيفة سريع البديهة، واستمروا في مسيرهم طوال اليوم، وفي المساء لقي الاثنان خانًا على جانب الطريق، فدخلا إلى الخان، وقام اللبادي بطلب الطعام من صاحب الخان، ولكن صاحب الخان أخبره بأنه لا يوجد عنده شيء يعطيه لهم، فأخ اللبادي يتلطف له حتى وافق على أن يعطيه رغيفين من الخبز، فأخذ اللبادي رغيفًا، وأعطى الغلام رغيفًا.
وبسبب حب اللبادي لحصانه، كان همه عليه أن يبيت من دون علف أكبر من همه على نفسه أن يبيت من دون طعام، فعاد إلى صاحب الخان، وطلب منه أن يعطيه بعضًا من الشعير لحصانه، فقال له صاحب الخان بأنه لا يقدر على حبة واحدة، فطلب منه أن يحضر له شعيرًا، ويعطيه نقودًا مقابله، فخرج صاحب الخان، وعاد بعد وقت طويل، وقال للبادي: لقد وجدت كيسين من العلف عند رجل، وقد أقسم بالطلاق بأنه لن يبيعهما بأقل من مائة درهم، فقال له اللبادي: مت بعد ذلك اليمين كلام، ومن ثم أعطاه خمسين درهم، على أن يحضر له كيسًا، فجاءه به.
أخذ اللبادي بالكيس وذهب إلى حصانه، وعلقه عليها، وجلس يتحدث إلى الغلام، وحمار الغلام ليس عنده شعير، فقال الخبزرزي: اسمع أبياتًا حضرتني في هذه الساعة، فقال له اللبادي: هات، أسمعني، فأخذ ينشد قائلًا:
يا سيد شعري نفياية شـعـركـا
فلذاك نظمي ما يقوم بنـثـركـا
وقد ابنسطت إليك في إنشـاد
مـا هو في الحقيقة قطرة من بحركا
آنستني وسررتني وبـررتـنـي
وجعلت أمري من مقدم أمركـا
وأريد أذكر حاجة إن
تقـضـهـا أك عبد مدحك
ما حييت وشكركا أنا في
ضيافتك العيشة ها هـنـا
فاجعل حماري في
ضيافة مهركا
فضحك اللبادي، واعتذر منه عن نسيانه أمر حماره، وابتاع له الكيس الآخر، ودفعه إليه.
نبذة عن الخبز أرزي
هو نصر بن أحمد بن نصر بن مأمون البصري أبو القاسم، ولد في مدينة البصرة في العراق، وهو شاعر غزل من شعراء العصر العباسي.
