قصة قصيدة - يا عجبا من عبد عمرو وبغيه

اقرأ في هذا المقال


نبذة عن الشاعر طرفة بن العبد:

أمَّا عن التعريف بالشاعر طرفة بن العبد: فهو عمرو بن العبد بن سفيان بن ضبيعة ولد سنة (543) ميلادي في المالكي بالبحرين، لقب بطرَفَة بهذا اللقب بسبب بيت قاله:

لا تعجلا بالبكاء اليوم مطرفا
ولا أميريكما بالدار إذ وقفا

وطرفة هي نوع من الشجر يشبه الأثل وأيضاً سمي طرفة بالغلام القتيل لأنّه قتل في عهد الملك الحيري عمرو بن هند، إعدم سنة (569) ميلادي. وقد كان طرفة هو الأخ الأصغر بين أخوته حيث توفي والده وهو صغيراً فكفلته أمه وردة ورعاه أخوه معبد.

ما لا تعرف عن قصة قصيدة “يا عجبا من عبد عمرو وبغيه”:

وأمَّا عن قصة قصيدة “يا عجبا من عبد عمرو وبغيه” يحكى أنَّ طرفة قد هجاء زوج أخته التي جاءت عليه يومًا تشكو من زوجها (عبد بن بشر مرثد) فقال هذه الأبيات في زوج أخته:

يا عَجَبا مِن عَبدِ عَمروٍ وَبَغيِهِ
لَقَد رامَ ظُلمي عَبدُ عَمروٍ فَأَنعَما

وَلا خَيرَ فيهِ غَيرَ أَنَّ لَهُ غِنىً
وَأَنَّ لَهُ كَشحاً إِذا قامَ أَهضَما

يَظَلُّ نِساءُ الحَيِّ يَعكُفنَ حَولَهُ
يَقُلنَ عَسيبٌ مِن سَرارَةِ مَلهَما

لَهُ شَربَتانِ بِالنَهارِ وَأَربَعٌ
مِنَ اللَيلِ حَتّى آضَ سُخداً مُوَرَّما

وَيَشرَبُ حَتّى يَغمُرَ المَحضُ قَلبَهُ
وَإِن أُعطَهُ أَترُك لِقَلبِيَ مَجثَما

كَأَنَّ السِلاحَ فَوقَ شُعبَةِ بانَةٍ
تَرى نَفَخاً وَردَ الأَسِرَّةِ أَسحَما

ذهب (عبد بن بشر مرثد) مع (عمرو بن الهند) للصيد فأصاب حمارًا فطلب من عبد بن بشر أن ينزل إليه فرفض ذلك، فقال له عمرو صدق طرفة حين قال لك:

وَلا خَيرَ فيهِ غَيرَ أَنَّ لَهُ غِنىً
وَأَنَّ لَهُ كَشحاً إِذا قامَ أَهضَما

فعندما سمع عبد بن بشر هذا الكلام غضب وقال للملك عمرو بن هند: الذي قاله عنك طرفة أشد ما قال في!، وهنا عضب وقال له ماذا قال في؟، فأخبره بالقصيدة التي هجاهُ فيها:

فَلَيتَ لَنا مَكانَ المَلكِ عَمروٍ
رَغوثاً حَولَ قُبَّتِنا تَخورُ

مِنَ الزَمِراتِ أَسبَلَ قادِماها
وَضَرَّتُها مُرَكَّنَةٌ دَرورُ

يُشارِكُنا لَنا رَخِلانِ فيها
وَتَعلوها الكِباشُ فَما تَنورُ

لَعَمرُكَ إِنَّ قابوسَ بنَ هِندٍ
لَيَخلِطُ مُلكَهُ نوكٌ كَثيرُ

فلما سمع هذه القصيدة غضب وازاد غضبه لطرفة وخاله بدأ يفكر كيف يتخلص منهما، فقام عمرو بن هند وأمر أن يأتي طرفة وخاله الذي يدعى “المتلمس” إلى مجلسه، وعندما جاءوا إليه فقال لهما: لعلكما اشتقتما إلى أهلكما!، وحان بكما أن تنصرفا؟

فرد عليه طرفة متعجبًا: نعم؟!

فقام عمرو بن هند وكتب كتابين إلى عامله في البحرين وقال لهما: أنطلقا إليه وخذا منه ما تركته لكم، فأخذ كل واحد منه كتاب وسارا حتى وصلا النجف، فدار حديث بين المتلمس وطرفة فقال له المتلمس: والله إني لا ارتاح لعمرو بن هند! فرد عليه طرفة: أنك تسيء الظن.

فأكمل طريقهما وهناك صادف غلاماً من الحيرة فوقف عنه المتلمس وقال له أقرأ لي ما هو موجود هناك، فقال الغلام: مكتوب فيه تقلص المتلمس أمّه فأخذ المتلمس هذا الكتب ورماهُ في البحيرة.

فقال المتلمس لطرفة: والله الذي في كتابك مثل الذي في كتابي، فرد عليه أن كان عمرو بن هند حاقدًا عليك لا يعني أنّه حاقدًا علي سارا ولم يطيعه، فهرب المتلمس إلى الشام قائلاً:

مَن مُبلِغُ الشُعَراءِ عَن أَخَوَيهِمَ
خَبَراً فَتَصدُقَهُم بِذاكَ الأَنفُسُ

أَودَى الَّذي عَلِقَ الصَحيفَةَ مِنهُما
وَنَجا حِذارَ حِبائِهِ المُتَلَمِّسُ

أَلقَى صَحيفَتَهُ وَنَجَّت كورَهُ
عَنسٌ مُداخِلَةُ الفَقارَةِ عِرمِسُ

عَنسٌ إِذا ضَمَرَت تَعَزَّزَ لَحمُها
وَإِذا تُشَدُّ بِنِسعِها لا تَنبِسُ

وأمَّا طرفة قد سارا إلى البحرين ووصل إلى أهله وأقاربه فألتقى هناك بصاحبه (أبو بكر بن الحارث) فلما قرأ الكتاب قال له: أتعلم ما أمرت فيك؟، فقال طرفة نعم! قد أمرت أن تجزيني وتحسن إلي.

فرد عليه أبو بكر بن الحارث: أن بيني وبينك لخؤولة وأنا لها مصون، فاهرب في هذه الليلة على الفور لإني قد أمرت أن أقتلك فأخرج قبل أن تصبح ويعلم بك الناس، فرفض طرفة الهروب وأمر أبو بكر بحبسه ثم كتب إلى عمرو بن هند ويقول له أبعث من رجالك لقتله إني غير فاعل بهذا.

فعندما وصله هذا الكتاب من أبو بكر أرسل له رجلاً من بني تغلب يدعى عبد هند لكي يقتل طرفة فقتله وكان عمره ستة وعشرين عاماً وقد رثته أخته (الخورنق) بقصيدة ذات معانٍ مؤلمة، قالت:

عَدَدنا لَهُ خَمساً وَعِشرينَ حجَّةً
فَلَمّا تَوَفّاها اِستَوى سَيَّداً ضَخما

فُجِعنا بِهِ لَمّا اِنتَظَرنا إِيابَهُ
عَلى خَير حالٍ لا وَليداً وَلا قَحما


شارك المقالة: