كان الشاعر أبو نواس كثير الأخبار، واليوم نقص عليكم خبرين من أخباره، إحداهما مع حديث من أحاديث الرسول صل الله عليه وسلم، والآخر مع عالم حديث.
من هو أبو نواس؟
هو أبو علي الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن الصباح الحكمي المذحجي، شاعر من شعراء العصر العباسي، أقام في مدينة بغداد وفيها توفي.
قصة قصيدة يا قلب ويحك جد منك ذا الكلف
أما عن مناسبة قصيدة “يا قلب ويحك جد منك ذا الكلف” فيروى بأن أبو نواس سمع في يوم من الأيام وهو في أحد المجالس أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: “القلوب جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف”، فأنشد في ذلك قصيدة، قال فيها:
يا قَلبُ وَيحَكَ جِدٌّ مِنكَ ذا الكَلَفُ
وَمَن كَلِفتُ بِهِ جافٍ كَما تَصِفُ
وَكانَ في الحَقِّ أَن يَهواكَ مُجتَهِداً
كَذاكَ خَبَّرَ مِنّا الغابِرُ السَلَفُ
قُل لِلمَليحِ أَما تَروي الحَديثَ بِما
خالَفتَ فيهِ وَقَد جاءَت بِهِ الصُحُفُ
إِنَّ القُلوبَ لَأَجنادٌ مُجَنَّدَةٌ
لِلَّهِ في الأَرضِ بِالأَهواءِ تَختَلِفُ
يصف الشاعر القلوب بأنها أجناد من جنود الله في الأرض، ولكن هذه الجنود تختلف في أهواءها.
فَما تَعارَفَ مِنها فَهوَ مُؤتَلِفٌ
وَما تَناكَرَ مِنها فَهوَ مُختَلِفُ
وفي يوم من الأيام دخل أبو نواس هو وعدد من طلاب العلم في مجال الحديث إلى مجلس أحد علماء الحديث، وعندما جلس هو ومن معه، قال لهم الشيخ: فليختر كل واحد منكم عشرة أحاديث، وسوف أحدثه بها، فاختار كل واحد من المحدثين عشرة من أحاديث رسول الله صل الله عليه وسلم، ولكن أبا نواس لم يختر، فقال له الشيخ: ما بك يا أبا نواس لا تختار كما اختاروا؟، فقال له أبو نواس:
ولقد كنا روينا
عن سعيد عن قتادة
عن سعيد بن المسيب
ثم سعد بن عباده
وعن الشعبي والشعبي
شيخ ذو جلاده
وعن الأخيار نحكيه
وعن أهل الإفادة
أن من مات محبا
فله أجر شهاد
فقال له الشيخ: قم واخرج من مجلسي أيها الفاجر، والله لن أحدثك أو أي أحد من هؤلاء بسببك، وعندما وصل خبر ذلك إلى الإمام أنس بن مالك قال: كان يجب عليه أن يحدثه لعل الله يصلح له حاله.
الخلاصة من قصة القصيدة: سمع أبو نواس حديثًا للرسول صل الله عليه وسلم، فأنشد فيه شعرًا، وفي يوم دخل إلى مجلس أحد علماء الحديث، وأراد الشيخ أن يحدث كل واحد من الحاضرين بعشرة أحاديث يختارها، ولكن أبا نواس لم يختر، وأنشد شعرًا، فطرده المحدث.