هنالك بعض الأماكن التي يكتب لها أن تكون أماكن طاهرة مطهرة، على الرغم من ماضيها، وما كانت عليه قبل ذلك، ومن هذه الأماكن جامع التوبة في مدينة دمشق، واليوم نقص عليكم قصة بنائه، وشيئًا من أمره بعد ذلك.
من هو ابن زويتينة؟
عبد الرَّحِيم بن عَليّ جمال الدّين بن زويتينة، شاعر من شعراء دمشق، ارتحل إلى مصر وعاش فيها.
قصة قصيدة يا مليكا أوضح الحق
أما عن مناسبة قصيدة “يا مليكا أوضح الحق” فيروى بأنه كان في مدينة دمشق خانًا يقال له خان المحروسة، وكان هذا الخان قد اجتمع فيه أسباب اجتماع الناس فيه، وقد اتفق بأنه كان مكان فسق وفجور، فقد كان فيه منهما ما لا يحد ولا يوصف، ووصل خبر هذا الخان إلى أبي الفتح موسى بن أبي بكر العادل بن أيوب الملقب بالأشرف، فأمر أن يتم هدمه، وبعد أن هدمه أقام مكانه جامعًا، وسماه بجامع التوبة.
ومما حصل في خطابة هذا المسجد، أنه كان في مدرسة الشام التي تقع خارج البلد إمام مشهور بجماله، وقد كان في أيام صباه يلعب بشيء من الملاهي، وعندما كبر واستقام، وعاشر أهل العلم وأهل الصلاح، حتى أصبح معروفًا بالصلاح، ومعدودًا من بين الأخيار في دمشق، وعندما احتاج جامع التوبة إلى خطيب رشحوه هو لكي يكون خطيبًا فيه، بسبب كثرة الثناء عليه من قبل علماء المدينة، فولوه الخطابة فيه، وبقي خطيبًا فيه حتى توفي.
ومن بعد أن توفي، وضعوا العماد الواسطي خطيبًا في هذا المسجد، ولكن العماد كان متهمًا بأنه يشرب الخمر، وكان والي دمشق في تلك الأيام الصالح عماد الدين إسماعيل بن العادل أيوب، فبعث إليه عبد الرحيم بن علي بن جمال المعروف بابن زويتينة أبياتًا من الشعر قال فيها:
يا مليكاً أوضح الحقَّ
لدينا وأبانه
جامع التوبة قد حملني
منه أمانه
قال قل للملك الصالح
أعلى الله شانه
يا عماد الدين يا من
حمد الناس زمانه
كم إلى كم أنا في بؤسٍ
وضرٍّ وإهانه
لي خطيبٌ واسطيٌ
يعشق الشربَ ديانه
والذي قد كان من قبل
يغنيّ بجفانه
فكما نحن وما زلنا
ولا أبرح حانه
ردني للنمط الأول
واستبقِ زمانه
يمدح الشاعر في هذه الأبيات عماد الدين الأيوبي، وبعد أن يكمل مدحه يقول له بأن هنالك خطيبًا في مسجد التوبة اشتهر بالشرب، ويطلب منه أن يعيد الخطابة في هذا المسجد إلى سابق زمانها.
الخلاصة من قصة القصيدة: كان في دمشق خان اشتهر بالفسق والفجور، فأمر موسى بن أبي بكر العادل الأيوبي بهدمه، وبنى مكانه جامعًا سماه جامع التوبة.