قصة قصيدة يا من أطلت تفرسي
أمّا عن مناسبة قصيدة “يا من أطلت تفرسي” فيروى بأن فضل جارية المتوكل كانت سريعة البديهة، وخاصة إن أراد أحد منها أن تجيز بيتًا من الشعر، فقد كانت ترتجل الشعر في نفس اللحظة التي يطلب منها ذلك، ففي يوم من الأيام سألها الخليفة المتوكل إن كانت بشاعرة، فقالت له بأن من قام ببيعها ومن قام بشرائها قد زعم ذلك، فقال لها الخليفة: إذن أنشدي شيئًا من الشعر، فأنشدته على البديهة قائلة:
استقبل الملك إمام الهدي
عام ثلاث وثلاثينا
خلافة أفضت إلى جعفر
وهو ابن سبع بعد عشرينا
إنا لنرجو يا إمام الهدي
أن تملك الناس ثمانينا
لا قدس الله امرءا لم يقل
عند دعائي لك آمينا
وكان اسمها قد ارتبط بكل من سعيد بن حميد والخليفة المتوكل، ولكنه ارتبط بشكل أكبر بالخليفة المتوكل، فقد كانت تقول في الخليفة العديد من قصائد المدح، ولكنه لم يكن يستحسن شعرها، فلم تجد عنده القبول والصدى الذي كانت تأمله، كونه كان يحضر إلى مجلسه كبار شعراء ذلك العصر من أمثال البحتري وغيره.
إن أكثر شعر فضل كان في الغزل والشكوى والغيرة واللوعة والصد والهجر إلى غير ذلك من المعاني المتعلقة بالغزل، وقليل منه كان في المديح أو الهجاء.
ومن شعرها اللطيف أبيات ترتبط بقصة طريفة، فيروى بأن سعيد قد مرض، فبعثت إليه فضل بهدايا قيمة، وعندما ذهب ما فيه من مرض كتب سعيد إليها يطلب منها الحضور لكي يستمتع بشعرها هو والحاضرين، فلبت دعوته، وتوجهت إلى مجلسه، وعندما دخلت المجلس، وجلست مع سعيد وجلسائه، دخل إلى المجلس بنان بن عمرو المغني وكان بنان شابا وسيما حسن الغناء، فأعجبت فضل به، وأظهرت نحوه الكثير من التودد والإعجاب، مما جعل سعيد يغير عليها ويستشيط غضبا، فما كان منها إلا إن أمسكت بقلمها وكتبت هذه الأبيات الطريفة، قائلة:
يــا مــن أطـلت تـفـرسـي
فــي وجــهــه وتــنــفـسـي
أفـــديـــك مــن مــتــدلل
يـزهـى بـقـتـل الأنـفس
هـبـنـي أسـأت -وما أسأت
بلى أقول أنا المسى
أحــلفـتـنـي أن لا أسـارق
نــظــرة فــي مـجـلس
فــنــظــرت نــظـرة مـخـطـئ
ووصـــلتـــهــا بــتــفــرس
ونــســيــت أنــي قـد حـلفت
فـمـا عـقـوبة من نسي
يـا مـن حـكـاه الياسمين
وطــيــب ريــح النــرجــس
إغـفـر لعـبـدك مـا جـناه
مـن اللحـاظ الخلس
نبذة عن فضل
هي فضل جارية المتوكل الشاعرة، وهي واحدة من أشهر شاعرات زمانها، ولدت في اليمامة، ولم يكن في زمانها شاعرة أفصح منها.
