قصة قصيدة يا موت حسبك نفسي بعد سيدها

اقرأ في هذا المقال


للعاشقين والمحبين قصص وأخبار كثيرة لا تحصى، واليوم نقص عليكم إحدى قصصهم حصلت في العصر العباسي بين جارية نصرانية وشاب مسلم.

من هي قائلة الأبيات؟

جارية من جواري العصر العباسي، نصرانية من أهل الروم، لم يرد ذكرها في كتب التاريخ بسبب ندرة شعرها وأخبارها.

قصة قصيدة يا موت حسبك نفسي بعد سيدها

أما عن مناسبة قصيدة “يا موت حسبك نفسي بعد سيدها” فيروى بأن رجلًا من العصر العباسي ذكر له بأن في دير راهبًا له معرفة جيدة بأخبار الناس وأيامهم، فتوجه صوبه لكي يسمع كلامه، وعندما دخل إلى ذلك الدير، وجد هذا الراهب قد اعتزل في غرفة من غرف الدير، وكان صاحب هيئة حسنة، ويرتدي لباس المسلمين، فجلس إليه، وأخذ يكلمه، فوجده أفضل مما وصفوه له في معرفة أخبار الناس، فسأله عن سبب إسلامه، فرد عليه الراهب قائلًا: كان في هذا الدير جارية من الروم، وكانت هذه الجارية كثيرة المال، وشديدة الجمال، وفي يوم من الأيام أحبت شابًا من المسلمين، وكان هذا الشاب خياطًا، فأصبحت هذه الفتاة تعرض عليه نفسها، وتعرض عليه المال، ولكنه أعرض عنها، ولم يكلمها، ولم يلتفت إليها، وأعرض عن المرور من أمام الدير.

ومن ثم أكمل الراهب قائلًا: وعندما فقدت الفتاة الأمل بأن يكلمها، طلبت رجلًا ماهرًا في الرسم، وأعطته مائة دينار على أن يرسم له صورة هذا الشاب، ففعل ورسمه من دون أن يخطئ في أي تفصيلة من تفاصيل وجهه، وأحضرها إلى الفتاة، وعندما رأتها الفتاة أغمي عليها، وعندما أفاقت أعطته مائة دينار أخرى، ومن ثم وضعتها على حائط غرفتها، وأصبحت تأتيها كل يوم وتقبلها، ثم تجلس أمامها وتبكي حتى المساء، وبقيت على هذه الحال شهرًا، ومن ثم مرض الشاب وتوفي، فأقامت له الفتاة عزاءً جرى ذكره في جميع النواحي، ومن ثم عادت إلى صورته وأخذت تقبلها وتحضنها حتى ماتت إلى جانبها، وعندما أتوها وجدوها ميتة، ويدها ممدودة صوب الحائط، وعلى الصورة أبيات من الشعر فيها:

يا موتُ حسبك نفسي بعد سيّدها
خذها إليك فقد أودت بما فيها

تقول الشاعرة في هذا البيت بأنها تتمنى الموت بعد أن مات من تحب، فلا طيب للحياة من بعده.

أسلمت وجهي إلى الرحمن مسلمةً
ومتُّ حبيبٍ كان يعصيها

لعلّها في جنان الخلد يجمعها
بمن تحبُّ غداً في البعث باريها

مات الحبيب وماتت بعده كمداً
محبّةٌ لم تزل تُشقي محبّيها

فشاع خبر أبياتها، وأتى المسلمون وحملوها ودفنوها بجانب قبر الغلام، وعندما عدنا إلى حجرتها، رأينا تحت شعرها متكوب:

أصبحت في راحةٍ مما جنته يدي
وصرت جارة ربٍّ واحدٍ صمد

محا الإله ذنوبي كلّها وغدا
قلبي خليّاً من الأحزان والكمد

لما قدمت إلى الرحمن مسلمةً
وقلت: إنّك لم تولد ولم تلد

أثابني رحمةً منه ومغفرةً
وأنعماً باقياتٍ آخر الأبد

الخلاصة من قصة القصيدة: أحبت جارية نصرانية شاب مسلم، ولكنه أعرض عنها، ولم يكلمها، فأمرت أحد الرسامين أن يرسم لها صورته، فرسمها لها، وبعد أن توفي، أمسكت بصورته وأخذت تبكي وتقبلها، حتى ماتت.

المصدر: كتاب "ثمرات الأوراق" تأليف أبو بكر بن محمد بن حجة الحموي كتاب "البداية والنهاية" تأليف ابن كثير كتاب "الأغاني" تأليف أبو فرج الأصفهاني كتاب "العقد الفريد" تأليف ابن عبد ربه الأندلسي


شارك المقالة: