قصة قصيدة يا هند أظن العيش قد غدا
أمّا عن مناسبة قصيدة “يا هند أظن العيش قد غدا” فيروى بأن الشاعر ثابت قطنه قد اعتاد على أن يجلس مع جماعة من الشراة، كما أنه اعتاد على أن يجلس مع جماعة من المرجئة، وفي يوم من الأيام اجتمع الجماعتان في خراسان، وكان الهدف من اجتماعهم الجدال في أمور الدين، وفي عقائدهم، وكان يومها ثابت قطنة حاضرًا، وفي تلك الجلسة مال إلى مذهب المرجئة، كما أنه أنشد قصيدة شرح فيها مذهبهم، وهي واحدة من أشهر القصائد التي قيلت في بيان مذهبهم، وفي تلك القصيدة قال:
يـــا هِـــنـــدُ أَظُـــنُّ العَــيــشَ قَــد غَــدا
وَلا أَرى الأَمـــرَ إِلّا مُـــدَبَّراً نَــكــدا
إِنّـــي رَهـــيـــنَـــةُ يَــومٍ لَســتُ ســابِــقُهُ
إِلّا يَــكُــن يَــومُــنــا هـذا فَـقَـد أَفِـدا
بــايَــعــتُ رَبّــي بَــيــعــاً إِن وُفّـيـتُ بِهِ
جــارَوتُ قَــتــلى كِـرامـاً جـاوَروا أُحُـدا
يـا هِـنـدُ فَـاِسـتَـمِـعـي لي إِنَّ سـيـرَتَـنـا
أَن نَــعــبُــدُ اللَهَ لَم نُــشـرِكُ بِهِ أَحَـدا
نُــرجــي الأُمــورَ إِذا كــانَــت مُــشـبَهَـةً
وَنَــصـدِقُ القَـولَ فـيـمَـن جـارَ أَو عِـنـدا
المُـــســـلِمــونَ عَــلى الإِســلامِ كُــلُّهُــم
وَالمُــشــرِكــونَ أَشــتــوا ديــنَهُـم قِـدَدا
وَلا أَرى أَنَّ ذَنــــبــــاً بــــالِغٌ أَحَــــداً
مِنَ الناسِ شِركاً إذا ما وَحَّدوا الصَمدا
وقال أيضًا:
لا نَــســفِــكُ الدَمَ إِلّا أَن يُــرادَ بِـنـا
سَــفــكُ الدِمــاءِ طَــريـقـاً واحِـداً جُـدُدا
مَــن يَــتَّقــِ اللَهَ فـي الدُنـيـا فَـإِن لَهُ
أَجــرَ التَــقــي إِذا وَفـى الحِـسـابَ غَـدا
وَمــا قَــضــى اللَهُ مِــن أَمــرٍ فَـلَيـسَ لَهُ
رَدٌّ وَمــا يُــقــضَ مِــن شَــيـءٍ يَـكُـن رُشـدا
كُـــلُّ الخَـــوارِجِ مُـــخـــطٍ فــي مَــقــالَتِهِ
وَلَو تَــعَــبَّدَ فــيــمــا قــالَ وَاِجــتَهَــدا
أَمـــا عَـــلِيٌّ وَعُـــثـــمـــانٌ فَـــإِنَّهـــُمـــا
عَــبـدانِ لَم يُـشـرِكـا بِـاللَهِ مُـذ عَـبَـدا
وَكــانَ بَــيــنَهُــمــا شَــغَــبٌ وَقَــد شَهِــدا
شَــقَّ العَــصــا وَبــعـيـن اللَهِ مـا شَهِـدا
يُــجــزى عَــلَيٌّ وَعُــثــمــانَ بِــسَــعــيِهِـمـا
وَلَســــــتُ أَدري بِــــــحَـــــقِّ آيَـــــةً وَرَدا
اللَهُ يَـــعـــلَمُ مـــاذا يَـــحـــضُـــرانِ بِهِ
وَكُــلٌّ عَــبــدٍ سَــيَــلقــى اللَهَ مُــنـفَـرِدا
نبذة عن ثابت قطنة
ثابت بن كعب بن جابر العتكي الأزدي أبو العلاء، وهو واحد من شجعان العرب وأشرافهم في العصر المرواني، كان يكنى بأبي العلاء.
لقب بقطنة لأن سهمًا أصابه في إحدى عينيه أثناء اشتراكه في حروب الترك، فكان يضع على العين المصابة قطنة فعرف بها.