قصة قصيدة يريد وثاق ناقتي ويعيبها
أمّا عن مناسبة قصيدة “يريد وثاق ناقتي ويعيبها” فيروى بأنه كان لأبي الأسود الدؤلي جار يقال له وثاق، وكان وثاق من قبيلة خزاعة، وكان هذا الجار يحب أن يأخذ اللقاح للأخيلة التي يملك، ويغالي بها، ويقوم بوصفها، وفي يوم من الأيام أتى وثاق إلى بيت أبي الأسود الدؤلي، فوجد عنده حصان غزير اللقاح، يقال له الصفوف، فوقف يتأمل بهذا الحصان، ومن ثم قال لأبي الأسود: يا أبا الأسود، لا يوجد بحصانك هذا بأس، لولا عيب كذا وكذا، فإن أردت اشتريتها منك، فقال له أبو الأسود: أتشتريها مع ما ذكرت فيها من عيوب؟، فقال له وثاق: سوف أتجاوز عن كل عيوبها، مقابل ما أرجوه من غزارتها، فقال له أبو الأسود: بئست الصفتان اللتان بك، فقال له وثاق: وما هما؟، فقال له أبو الأسود: الحرص والخداع، وإني لعيب مالي أشد اغتفارًا، ومن ثم أخذ ينشد قائلًا:
يُريدُ وَثاقٌ ناقَتي وَيَعيبُها
يُخادِعُني عَنها وَثاقُ بنِ جابِرِ
فَقُلتُ تَعَلَّم يا وِثاقُ بِأَنَّها
عَلَيكَ حِمىً أُخرى اللَيالي الغَوابِرِ
بَصَرتَ بِها كَوماءَ حَوساءَ جَلدَةً
مِنَ المولياتِ الهامِ حَدَّ الظَهائِرِ
فَحاوَلتَ خَدعي والظُنونُ كَواذِبٌ
وَكَم طامِعٍ في خِدعَتي غَير ظافِرِ
وكان عنده فرس أخرى، وكان قد أسماها الطيفاء، وكان دائمًا ما يقول: والله إني لم أملك مالًا في حياتي قط أحب إلي من الطيفاء، وفي يوم من الأيام أتاه رجل من بني السدوس، يقال له أوس بن عامر، وأخذ يماكر أبي الأسود، ويغيب في الطيفاء، ومن ثم دفع له مقابلها مبلغًا كبيرًا من المال، فأنشد أبو الأسود قائلًا:
أَتانيَ في الطَيفاءِ أَوسُ بنُ عامِرٍ
لَيَخدَعَني عَنها بِجِنِّ ضِراسِها
فَسامَ قَليلاً يائِساً غَيرَ ناجِزٍ
وَأَحضَرَ نَفساً واثِقاً بِمكاسِها
فَأَقسَمتُ لَو أَعطيتَ ما سُمتَ مِثلَهُ
وَأَنتَ حَريصٌ ما غَدوتَ بِراسِها
أَغَرَّكَ مِنها عَذمُها عَن حوارِها
تَقَذُّرَ أُمِّ السَكنِ عِندَ نِفاسِها
فَوَلّى وَلَم يَطمَع وَفي النَفسِ حاجَةٌ
يُرَدِّدُها مَردودَةً بِإِياسِها
نبذة عن أبي الأسود الدؤلي
هو ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل بن يعمر بن حلس بن نفاثة بن عدي بن الديل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، من كبار التابعين، كان محدثًا وفقيهًا وشاعرًا، ولد في الحجاز في الجزيرة العربية.
هو أول من شكل أحرف المصحف بأمر من علي بن أبي طالب.
توفي أبو الأسود الدؤلي في البصرة في العراق.