قصة قصيدة يسائلني أهل العراق عن الندى

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة يسائلني أهل العراق عن الندى

أمّا عن مناسبة قصيدة “يسائلني أهل العراق عن الندى” فيروى بأن يزيد بن مفرغ الحميري خرج في يوم من الأيام إلى سجستان، وكان يريد الدخول على عبيد الله بن أبي بكرة، لعله ينل من عنده شيئًا، وعندما وصل إلى هنالك، ودخل إلى مجلس عبيد الله، قال له عبيد الله: اصدقني القول يا يزيد، فقال له يزيد: أفعل، أصلح الله الأمير، فقال له عبيد الله: ماذا قلت لنفسك حينما خرجت من ديارك وتوجهت إلي؟، فقال: لقد قلت: يا نفس، إني مسافر إلى أحد أكرم أهل الأرض وأجودهم، فإن وجدته كثير الزائر والحاشية فسوف أنال ثلاثون ألفًا، وإن وجدت زواره قد قلوا، وكثرت جبايته، ودرت أراضيه، وصلحت أطرافه، فسوف أنال خمسين ألفًا، وتوقفت أمنيتي عند ذلك الحد.

فقال له عبيد الله: هذ كان قولك عندما خرجت من ديارك، فما كان قولك عندما وصلت إلى هنا؟، فقال له: عندما وصلت أيست من أن آخذ الخمسين، ولم تعد نفسي تحدثني بالعشرين، وكان أكثر رجائي أن آخذ عشرين، ولكني طمعت، وما الطمع إلا أخو الرجاء، فقال له عبيد الله: وكيف ذلك؟، فقال له: عندما وصلت رأيت على بابك الناس كأنهم في يوم العيد ذاهبون للصلاة، وكان أكثر من واقف على بابك من أهل المروءة والثروة، وعلمت بأنهم لا يرضون بالقليل، كما رأيت بأن من يرد على بابك أكثر ممن يخرج من عندك، ورأيتك تلقاهم بوجه مبتسم، ورأيتك تصبر على طول الكلام، وكثرة السؤال، فضحك عبيد الله وأمر له بخمسين ألف درهم، فأخذها وشكره، وتوجه عائدًا إلى البصرة، وعندما وصل سأله إخوانه عن صنيع عبيد الله، فأنشد قائلًا:

يُسائِلُني أَهلُ العِراقِ عَنِ النَدى
فَقُلتُ عُبَيدَ اللَهِ حِلفُ المَكارِمِ

فَتَىً حاتِمِيٌّ في سِجِستانَ رَحلُهُ
وَحَسبُكَ جوداً أَن يَكونَ كَحاتِمِ

سَما لِينالَ المُكرُماتِ فَنالَها
بِشِدَّةِ ضِرغامٍ وَبَذلِ الدَراهِمِ

وَحِلمٍ إِذا ما سَورَةُ الحِقدِ أَطلَقَت
حُبا القَومِ عِندَ الفادِحِ المُتفاقِمِ

وَإِنَّ لَهُ في كُلِّ حَيٍّ صَنيعَةً
يُحَدِّثُها الرُكبانُ أَهلَ المَواسِمِ

دَعاني إِلَيهِ جُودُهُ وَوَفاؤُهُ
وَمِن دونِ مَسراهُ عُداةُ الأَعاجِمِ

فَلَم أَبقَ إِلّا جُمعَةً في جِوارِهِ
وَيَومَينِ حِلّا مِن أَلِيَّةِ آثِمِ

إِلى أَن دَعاني زانَهُ اللَهُ بِالعُلا
فَأَنبَتَ رِيشي مِن صَميمِ القَوادِمِ

وَقالَ إِذا ما شِئتَ يا بنَ مُفرّغ
فَعُد عَودَةً لَيسَت كَأَضغاثِ حالِمِ

فَقُلتُ لَهُ لا يُبعِدِ اللَهُ دارَهُ
أَعودُ إِذا ما جِئتُكُم غَيرَ حاشِم

نبذة عن يزيد بن مفرغ الحميري

هو يزيد بن مفرغ الحميري، شاعر من شعراء العصر الأموي، كان نديمًا لسعيد بن عثمان بن عفان.


شارك المقالة: