قصة قصيدة يلومونني ان بعت بالرخص منزلي
أمّا عن مناسبة قصيدة “يلومونني ان بعت بالرخص منزلي” فيروى بأن الدنيا ضاقت على أبو الجهم العدوي، واحتاج إلى المال، ولكنه لم يجد أي طريقة لكي يجمع المال الذي يحتاجه، فقرر بسبب ذلك أن يبيع بيته، وكان له جار وهو سعيد بن العاص، وقد وضع ثمنًا لبيته مائة ألف درهم، وبعد أن عرض بيته للبيع بعدة أيام أتاه الرجل الذي يريد شراء البيت منه، وطلب منه أن يخبره السعر، وأخبره بأنه مائة ألف درهم، قال له: حسنًا، لقد اشتريتها منك، وأعطاه ثمن البيت.
وعندما أخذ أبو الجهم ثمن البيت قال له: ولكن هذا ثمن البيت فقط، فاعطني ثمن الجوار، فقال له الرجل: وأي جوار تتحدث عنه؟، فقال له أبو الجهم: جوار سعيد بن العاص، فقال له الرجل: ولكني لم أسمع من قبل قط بأحد يشتري جوارًا، فقال له أبو الجهم: حسنًا، لم أعد أريد أن أبيعك البيت، فخذ مالك، ورد علي بيتي، فإني لن أترك جوار رجل إن غبت عنه فترة سأل عني، وإن رآني أخذ يسلم علي مرحبًا، وإن غبت عن بيتي حفظه له حتى أعود، وإن شهدت عنده قربني، وإن سألته أي شيء قضي لي حاجتي مهما كانت، وإن رآني محتاج لشيء ولم أسأله بدأني، وإن نابتي نائبة فرج عني، وأعطاه ماله، ورد بيته.
وعندما وصل خبر ما حصل بين أبو الجهم والمشتري إلى سعيد بن العاص، بعث له بمائة ألف درهم، وبعث له بكتاب قال له فيه: هذا ثمن بيتك، وبيتك لك، وفي هذا الخبر أنشد القاضي عبد الوهاب المالكي قائلًا:
يلومونني ان بعتُ بالرخص منزلي
ولم يعرفوا جاراً هناك ينغصُ
فقلت لهم كفّوا الملامة انما
بجيرانها تغلُو الديارُ وترخصُ
نبذة عن القاضي عبد الوهاب المالكي
هو أبو محمد عبد الوهاب بن نصر بن علي التغلبي البغدادي، وهو أحد أعلام المذهب المالكي، ولد في مدينة بغداد في العراق، ونشأ هنالك.
تلقى العلم في بغداد عن أفاضل شيوخها، ووالده كان من العلماء فيها، وأخوه كان من الأدباء المشهورين.