قصة قناع الموت الأحمر - The Masque of the Red

اقرأ في هذا المقال


يُعتبر المؤلف والأديب إدجار آلان بو وهو من مواليد الولايات المتحدة الأمريكية من أبرز وأهم الكُتاب الذين تم تصنيف قصصهم ضمن قصص الرعب؛ ويعود السبب في ذلك إلى أنّ إدغار قد عانى الكثير في فترة الطفولة وهذا ما جعل تلك المعاناة تنعكس على كتاباته ومؤلفاته، ومن أكثر قصصه التي لاقت شهرة حول العالم هي قصة قناع الموت.

قصة قناع الموت الأحمر

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في الفترة التي انتشر بها مرض يُعرف باسم وباء الموت الأحمر في كافة أرجاء المنطقة، حيث كان من الأمراض التي لم يشهد لها مثيل من قبل، وهذا الوباء قد أثار الذعر بين الناس، ومن أكثر الأمور التي كان يسببها المرض الآلام المبرحة والدوار الذي يأتي للمريض بشكل مفاجئ دون أي إنذار أو عوارض مسبقة، وعلاوة على ذلك فإنه من أعراض ذلك المرض أنه يعمل على تدفق الدم على الجلد مع نزول مستمر يصل إلى درجة الغياب عن الوعي بشكل كامل.

كما أنه كانت تظهر على جلد المصاب مجموعة كبيرة من البقع ذات اللون القرمزي، وبناء على الأعراض التي كانت تظهر على على الأشخاص المصابين كان الأفراد غير المصابين يفرون من المنطقة الذي يُصاب بها أي فرد، كما كانوا يفرون قديماً من الإنسان المصاب بالجرب، ومن أبرز ما تميز به هذا المرض أنه كان لا يفتح مجال لأي مصاب أخذ أي نوع من الأدوية للتخفيف من الأعراض، فقد كان خلال نصف ساعة يقضي على حياة من يصاب به للأبد.

وفي فترة من الفترات كان الأمير الذي يعرف باسم الأمير البروسير رأى أن أكثر من نصف شعبه قد تم القضاء عليه جراء هذا المرض، وهنا طلب من جميع أصدقائه المقربين منه وخدمه وحاشيته حتى المهرجين والموسيقيين والفنانين، بالإضافة إلى صاحبات الحسن والجمال، وعزموا على تأمين كافة متطلبات الحياة المعيشية التي تؤمن لهم الحياة الراغدة وأفخم أنواع المشروبات والأطعمة وكافة المستلزمات حتى يؤمنوا لهم حياة خاصة داخل أحد القلاع فلا يختلطوا بالآخرين من المصابين على الاطلاق.

ومن هنا بدأوا بالتوجه صوب أحد مناطق الدير في المنطقة، والذي كان من الجهة الخارجية يشبه شكل الحصون المنيعة والتي لا يمكن لأي أحد أن يقتحمها، وأول ما بدأوا به هو وضع حصار حول تلك القلعة يكون شديد ومنيع، كان ذلك الدير مشهور من قبل الناس، إذا بالأصل تم تشييده بناء على تصميم يعود إلى الأمير البروسير بحذ ذاته، حيث كان مصمم داخل أسوار عالية بشكل شاهق جداً، وبعد دخول كل من الأمير وجميع من معه، سرعان ما وضع الحراس المتاريس الحديدية وأغلقوا أبواب القلقة فيها؛ وذلك من أجل أن يتم منع أي شخص من الاقتراب من القلعة.

وبقي الأمير يقطن داخل القلعة هو وكامل من معه ما يقارب الخمسة شهور، وفي ذلك الوقت كان ما زال المرض يحصد بالأرواح البشرية في الخارج، وفي إحدى الليالي شعر الأمير بالملل جراء الحال الاعتيادي الذي يعيشه، فقد سيطر التفكير في المرض عليهم، فعزم على إقامة حفلة داخل القلعة مع أصدقائه المقربين، لكن في ذلك الحفل اشترط على جميع الحضور أن يكون هذا الحفل حفل تنكري للغاية، بحيث يقوموا بارتداء أقنعة للتنكر، حيث يجعل الحفل ممتع بشكل أكثر.

كان التصميم الذي تم بناء الدير على أساسه مختلف تماماً عن باقي القصور الشاهقة التي تم بناءها على مستوى المنطقة وعلى مستوى كافة القصور التي كانت قد وجدت عبر العالم، حيث كان الأمير له أهواء وأطباع مختلفة عن الجميع، ولهذا قد صممه بما يتناسب مع الأجواء التي يرغب بها والطباع والتصرفات الغريبة التي كان يتمتع بها، إذ أن القلعة كانت تتكون من ما يقارب سبعة غرف، حيث أنّ كل غرفة في القلعة تتميز بلون مختلف عن الغرف الأخرى، بالإضافة إلى أنّ إطلالة كل غرفة أيضاً تطل على منظر مختلف عن غيرها من الغرف.

فقد كانت الغرفة الأولى تمتاز بلونها الأزرق، والغرفة الثانية تمتاز باللون الوردي والغرفة الثالثة تمتاز باللون الأخضر والغرفة الرابعة تمتاز باللون البرتقالي والغرفة الخامسة تمتاز باللون الأبيض والغرفة السادسة تمتاز باللون البنفسجي، بينما الغرفة السابعة والأخيرة فقد كانت غرفة مليئة باللون الأسود الشاحب، إذ كانت تلك الغرفة مميزة عن الباقيات، كما كان لون زجاج النوافذ فيها لون أحمر قاني مثل درجة لون الدم تماماً، وكانت تحتوي على ساعة ضخمة من الأبنوس، وفي اللحظة التي يتم عقربها دورته بالكامل يصدر عنها صوت موسيقي عالي جداً لدرجة أنه حين سماعه يتوقف العازفين عن العزف على آلاتهم.

اختار الأمير بنفسه لأصدقائه كافة الملابس التنكرية الخاصة للحفلة، وكانت ذات ألوان ساطعة بالبريق والألوان فيها متنوعة ومتعددة، ومن تلك الملابس ما كان ذا طابع غريب يشبه إلى حد ما ثياب المجانين، بدأ الجميع يشربون ويرقصون، وحينما تدق الساعة يتوقفون لبرهة من الوقت، ثم يعودوا إلى المرح من جديد بعد أن تتضاءل أصواتها، وعندما دقت الساعة الثانية عشرة، ظهر للجميع  أن هناك مقنع بينهم يظهر بهيئة غريبة عن الهيئات التي ظهر بها جميعهم، إذ كانت هيئته مرعبة بشكل كبير لجميع الحضور حتى وصل أمر مظهره أن يفزع منه جميع الموجودون في الحفلة.

فقد كان يدل مظهره على أنه شخص طويل القامة وصاحب جسد هزيل، يلبس ثياب تتسم بالوقار والشموخ، لكن كافة ثيابه ملطخة بالدم، أما بالنسبة إلى القناع الذي أخفى به وجهه، فإنه يشبه ملامح إنسان ميت ومتشنج العضلات، حين شاهده الجميع سرعان ما خطر ببالهم جميعًا الموت الأحمر، وفي المقابل حين مشاهدة الأمير لذلك المقنع أصابه الذعر والخوف الشديد إلى درجة أنه صرخ في الحاشية والخدم وكرر من هذا الذي لديه الجرأة في اقتحام قلعتي وحفلتي، وسرعان ما طلب الإمساك به ونزع القناع عن وجهه لمعرفة من هو.

وفي تلك اللحظة كان الأمير واقف في الغرفة التي يميزها لونها الأزرق، حيث أن كان للحديث فيها صدى يدوى في جميع الغرف السبعة الأخرى، لم يهتم المقنع لهذه الصرخات التي تصدر عن الأمير وأخذ بالتوجه نحو الغرفة السوداء بكل ثقة، إذ وقف إلى جانب الساعة الأبنوسية، ولما رأى الأمير ذلك أثار داخله الغضب وعلى الفور توجه خلفه إلى تلك الغرفة، وفي تلك اللحظة حاول أن يطعن المقنع بخنجر، لكنه حين شاهده نزل على الأرض وتوفي فوراً.

وعلى أثر ذلك توجه الجميع نحو المقنع ونزعوا قناعه عن وجهه، فتفاجئوا بأن وجهه ميت ويشبه القناع، وثيابه ما هي إلا مجرد كفن، وهناك أدركوا أنهم أمام الموت الأحمر بحد ذاته، والذي قام على الفور بحصد أرواح الجميع، وهنا توقفت دقات الساعة مع أخر روح أزهقت.


شارك المقالة: