قصة كوفلاد ملك مملكة المعادن أو ( Kovlad: The sovereign of the mineral kingdom) هي حكاية شعبية عن الشعب السلافي، نُشرت في الأصل باللغة الفرنسية ضمن كتاب دار الآلهة، للمؤلف الكسندر تشودسكو، ترجمتها إميلي جيه هاردينج، نُشرت عام 1896، للناشر (George Allen، London).
الشخصيات:
- الفتاة المتكبرة.
- الأم.
- كوفلاد.
قصة كوفلاد ملك مملكة المعادن:
منذ زمن بعيد، عاشت هناك أرملة لديها ابنة جميلة جدًا، كانت المرأة الطيبة الصادقة راضية تمامًا عن حياتها، ولكن الابنة كانت عكس والدتها حيث كانت من شدة جمالها تنظر بازدراء إلى العديد من المعجبين بها، وكان عقلها مليئًا بالأفكار الفخورة والطموحة، وكلما زاد عدد المحبين لديها، أصبحت أكثر فخراً، وفي إحدى ليالي ضوء القمر الجميلة كانت الأم مستيقظة.
ولأنّها غير قادرة على النوم، بدأت تصلي من أجل سعادة طفلتها الوحيدة، رغم أنها غالبًا ما جعلت حياة والدتها بائسة، ونظرت المرأة الطيبة بحب إلى الابنة الجميلة التي تنام بجانبها، وتساءلت وهي ترى ابتسامتها، ما هو الحلم السعيد الذي زارها، ثمّ أنهت صلاتها، ووضعت رأسها على وسادة الفتاة، ونامت، وقالت في اليوم التالي: تعالي يا طفلتي الحبيبة، أخبريني بما كنت تحلمين به الليلة الماضية.
لقد بدوت سعيدةً جدًا وأنت تبتسمين في نومك، فقالت الفتاة: أوه أمي، أتذكر أنّه كان لدي حلم جميل جداً، حلمت أنّ رجلاً ثريًا من النبلاء جاء إلى منزلنا في عربة رائعة من النحاس الأصفر، وأعطاني خاتمًا مرصعًا بالحجارة، يتلألأ مثل نجوم السماء، وعندما دخلت الكنيسة معه، كانت مليئة بالناس، وكانوا جميعًا يعتقدون أنني جميلة ورائعة، مثل السيدة العذراء.
فقالت الأم: آه! يا طفلتي، هذه خطيئة! حفظك الله من مثل هذه الأحلام، لكنّ الأبنة ذهبت وهي تغني وتشغل نفسها بالمنزل، وفي نفس اليوم، دخل مزارع شاب وسيم إلى القرية في عربته وتوسل إليها أن تقبل عرضه بالزواج منها، وتقاسمه خبزه، وكانت الأم تحبه كثيرًا، لكنّ الابنة رفضت دعوته وأهانته، ثمّ قالت: حتّى لو كنت قد قمت بقيادة عربة نحاسية، وقدمت لي خاتمًا مرصعًا بالحجارة المتلألئة كنجوم السماء، ما كنت لأتزوجك أبدًا، أنت مجرد فلاح!
انزعج المزارع الشاب بشدة من كلماتها، وعاد حزيناً ويائساً إلى المنزل، لكنّ والدتها وبختها بشدة، وفي الليلة التالية استيقظت المرأة مرة أخرى، وصلت بحماسة أكبر ليبارك الله طفلتها، وهذه المرة ضحكت الفتاة وهي نائمة، فقالت الأم لنفسها: بماذا يمكن أن تحلم؟ وتنهدت وصلّت ثانية، ووضعت رأسها على وسادتها وحاولت دون جدوى أن تنام، وفي الصباح، عندما كانت ابنتها ترتدي ملابسها سألتها عن حلمها مرة أخرى.
ولماذا كانت تضحك مثل مجنون، فقالت الفتاة: حلمت أن رجلاً نبيلًا جاء لي في عربة فضية، وأعطاني إكليلًا ذهبيًا، عندما دخلت الكنيسة معه، أعجب الناس بي، فقالت الأم: يا له من حلم رهيب! وشرير! ثمّ وبخت ابنتها بشدة وخرجت وأغلقت الباب وراءها، وفي نفس اليوم، دخلت عربة إلى القرية، وطلب سيد العربة وهو رجل نبيل الفتاة أن تتزوج سيده الملك وتصبح سيدة قصره، اعتبرت الأم مثل هذا العرض شرفًا عظيمًا.
لكن الابنة رفضت ذلك وأجابت بازدراء: حتى لو أتيت لجلبي في عربة من الفضة الخالصة وقدمت لي إكليلًا ذهبيًا، فلن أوافق على أن أكون زوجة سيدك، فابتعد الرجل في اشمئزاز، ثمّ وبختها الأم بشدة، وأخبرتها أنّ من واجبها أن تكون متواضعة، وصادقة ولطيفة، فردت الابنة بضحكة، ونامت بهدوء في الليلة الثالثة، لكنّ المرأة المسكينة بجانبها لم تستطع إغلاق عينيها، كانت تعذبها أحلام الفتاة التي تنذر بالشؤم، وتخشى حدوث مصيبة لأبنتها.
وفجأة بدأت الفتاة النائمة تسخر وتضحك، أمّا المرأة المسكينة تساءلت: ما هذه الأحلام التي تقلق دماغها الصغير! وفي الصباح سألتها ما الذي جعلتها تسخر بشكل مخيف الليلة الماضية، فقالت الفتاة: حلمت أنّ شخصًا ما قاد عربة ذهبية وطلب مني الزواج منه، وأحضر لي عباءة من القماش من الذهب الخالص، و عندما جئنا إلى الكنيسة، اندفع الجموع إلى الأمام للركوع أمامي.
قامت الأم بالصراخ، وغادرت الفتاة الغرفة لتتجنب سماع رثائها، وفي نفس اليوم دخلت الفناء ثلاث عربات، واحدة من النحاس والأخرى من الفضة والأخرى من الذهب، وخرج السادة الذين يرتدون عباءات خضراء من العربات النحاسية والفضية، بينما نزل من العربة الذهبية أميرًا بدا وكأنه يرتدي الذهب، وشقوا طريقهم إلى الأرملة وطلبوا يد ابنتها، فأجابت الأرملة بخنوع: أخشى أننا لسنا مستحقين هذا الشرف.
ولكن عندما وقعت عينا الابنة على خاطبها رأت فيه فتى أحلامها ،ووافقت على الزواج منه، ووضع على إصبعها خاتمًا مرصّعًا بالحجارة التي تتألق مثل النجوم في السماء، في هذه الأثناء، قالت الأم القلقة من أحلام ابنتها التي تنذر بالشؤم، لزوج ابنتها: لقد وافقت ابنتي على تقاسم خبزك، أخبرني عن نوع الدقيق الذي يتم تحضيره؟ أجاب الأمير: لدينا في بيتنا خبز من نحاس وفضة وذهب، ستكون زوجتي حرة في الاختيار، أذهلها هذا الرد أكثر من أي وقت مضى.
وجعلها أكثر تعاسة، لم تطرح الابنة أي أسئلة، وكانت في الواقع راضية عن عدم معرفة أي شيء، وغادرت منزلها مع الأمير دون أن تقول وداعًا لأمها، كما أنها لم تطلب بركة والدتها، وبعد مراسم الزواج، ركبوا العربة الذهبية وانطلقوا، تحرك الموكب ببطء على طول الطريق دون توقف حتى وصل إلى سفح صخرة عالية، وهناك، كان هناك كهف كبير يؤدي إلى منحدر حاد إلى الأسفل حيث كانت الخيول تنزل، وأغلق عملاق الفتحة بحجر ضخم.
وشقوا طريقهم في الظلام لبعض الوقت، وطمأن الزوج العروس المروعة، ثمّ ظهرت أقزام بشعة، تحمل مشاعل مضيئة من جميع الجهات، وحيّوا ورحبوا بملكهم كوفلاد حيث أضاءوا الطريق له، ثم ولأول مرة عرفت الفتاة أنها تزوجت كوفلاد، لكن هذا لم يكن مهمًا لها، وعند الخروج من هذه الممرات القاتمة إلى العراء وجدوا أنفسهم محاطين بالغابات الكثيفة والجبال التي يبدو أنها تلامس السماء.
والغريب أن كل الأشجار من أي نوع وحتى الجبال التي بدت وكأنها تلمس السماء، كانت من الرصاص الصلب، وعندما عبروا هذه الجبال الرائعة، أغلق العمالقة جميع الفتحات في الطريق الذي مروا به، ثم انطلقوا في رحلة عبر سهول شاسعة وجميلة، كان في وسطها قصر ذهبي مغطى بالأحجار الكريمة، كانت العروس متعبة من النظر إلى العديد من العجائب، وجلست بكل سرور للحفل الذي أعده الأقزام، وتمّ تقديم لحوم من أنواع كثيرة، لكنّها كانت من معدن.
وكان كل واحد يأكل ويستمتع بالطعام، لكن الزوجة الشابة، والدموع في عينيها طلبت قطعة خبز، أجاب كوفلاد: بالتأكيد يا سيدتي، ولم تستطع أن تأكل الخبز الذي كان من النحاس، فطلب الملك كسرة خبز من الفضة فلم تستطع أكلها، وبذل الخدم كل ما في وسعهم للحصول على شيء يناسب ذوقها، لكن دون جدوى، قال كوفلد: سأكون في غاية السعادة لإرضائك، لكن ليس لدينا أي نوع آخر من الطعام.
ثم أدركت للمرة الأولى لمن وضعت نفسها، وبدأت تبكي بمرارة وتتمنى لو أنها أخذت بنصيحة والدتها، قال كوفلاد: لا فائدة من البكاء والندم، لا بد أنك عرفت نوع الخبز الذي يجب أن تأكليه هنا، أمنيتك قد تحققت، واضطرت الفتاة البائسة من الآن فصاعدا للعيش تحت الأرض مع زوجها كوفلاد، إله المعادن، وهذا لأنها لم تفكر إلا بحيازة الذهب، ولم تتمنى أبدًا أي شيء أفضل.