قصة كيفيونج أو (Kiviung) هي حكاية شعبية جمعت من الأسكيمو الذين يعيشون في أمريكا الشمالية، للمؤلف: كلارا كيرن بايليس، نُشرت عام 1922، للناشر: شركة Thomas Crowell، الولايات المتحدة الأمريكية.
الشخصيّات:
- كيفيونج.
- الجدة.
- الحفيد.
- الساحرة العجوز.
قصة كيفيونج:
عاشت امرأة عجوز مع حفيدها في كوخ صغير، لم يكن لديها زوج يعتني بها وبالصبي، وكانا فقراء للغاية، كان لبس الصبي مصنوع من جلود الطيور التي يصطادها في الأفخاخ، وعندما كان يخرج الولد من الكوخ ليلعب، كان الأولاد الآخرون ينادونه قائلين: ها هو العصفور! حلّق بعيدًا، أيّها الطائر! وكان الرجال يضحكون عليه ويمزقون ثيابه.
رجل واحد فقط اسمه كيفيونج كان لطيفًا مع الصبي وحاول حمايته من الآخرين، لكنّهم لم يتوقفوا، وغالبًا ما كان الصبي يأتي إلى جدته وهو يبكي، وكانت تواسيه وتعده بثوب جديد بمجرد أن يحصلوا على الجلود، ثمّ توسلت إلى الرجال أن يتوقفوا عن مضايقة الطفل وتمزيق ملابسه، لكنّهم سخروا منها فقط.
في النهاية غضبت وقالت للصبي: سأنتقم لك من معذبيك، يمكنني أن أفعل ذلك من خلال استخدام قوتي للسحر، فسكبت الماء على الأرض الطينية وقالت له: ادخل إلى هذه البركة ولا تخف من أي شيء يحدث، وعندما دخلها، وعلى الفور انفتحت الأرض وغرق بعيدًا عن الأنظار، لكن في اللحظة التالية نهض بالقرب من الشاطئ وسبح مثل فقمة صغيرة ذات بشرة ناعمة ولامعة بشكل رائع.
فرآه أحدهم وصرخ أنّ هناك فقمة عمرها سنة بالقرب من الشاطئ. ركض الرجال جميعًا إلى زوارقهم المتلهفة للحصول على المخلوق الجميل، لكنّ صبي الفقمة سبح بعيدًا بشدة كما طلبت منه جدته ، واستمر الرجال في ملاحقته، وكلما صعد إلى السطح ليتنفس، كان حريصًا على الصعود خلف زوارق الكاياك حيث كان يتناثر ويشتغل من أجل إغرائهم.
وبمجرد أن جذب انتباههم واستداروا لملاحقته، كان يغوص ويصعد بعيدًا في البحر، كان الرجال مهتمين جدًا بالقبض عليه لدرجة أنهم لم يلاحظوا كيف تم اقتيادهم بعيدًا إلى المحيط وبعيدًا عن أنظار الأرض، وكان الآن بعد أن وضعت الجدة سلطاتها، وفجأة نشأت عاصفة شديدة، فكان البحر يزبد ويضرب، وأثارت الأمواج سفنهم الضعيفة وأغرقتهم تحت السطح.
وعندما غرقوا، تحوّلت الفقمة الصغيرة إلى صبي وعاد إلى المنزل فوق الماء دون ترطيب قدميه، ولم يبق أحد الآن يعذبه، أمّا كيفيونج الذي لم يسيء إلى الصبي أبدًا، خرج مع البقية، لكنّ زورقه لم ينقلب، وجاهد بشجاعة ضد الأمواج البحريّة، وانجرف بعيدًا عن المكان الذي نزل فيه الآخرون، كان هناك ضباب كثيف ولم يستطع تحديد الاتجاه الذي يجب أن يسير فيه.
قام بالتجديف لعدّة أيام دون أن يعرف إلى أين يذهب، ثمّ في أحد الأيام رأى عبر الضباب كتلة مظلمة اعتبرها أرضًا، وبينما كان يندفع نحوها، أصبح البحر عاصفًا أكثر فأكثر، ورأى أنّ ما كان يفترض أن يكون جرفًا صخريًا على جزيرة هو بحر أسود متوحش مع دوامة مستعرة في وسطه، لقد اقترب من ذلك لدرجة أنّه لم يفلت من جره إلى الدوّامة إلّا من خلال بذل أقصى جهد.
وضع كل قوته وفي النهاية هرب حيث كانت الأمواج أقل شبهاً بالجبال، لكن كان يجب أن يكون في حالة تأهب دائمًا، لأنّه في إحدى اللحظات تم حمل مركبته الضعيفة عالياً فوق قمة العواصف، وفي اللحظة التالية سقطت في قاع عميق من البحر، ومرة أخرى رأى كتلة مظلمة تلوح في الأفق، وجدّف نحوها على أمل العثور على الأرض، ولكن مرة أخرى تم خداعه، لأنّها كانت دوامة أخرى جعلت البحر يرتفع في موجات هائلة.
أخيرًا، خمدت الرياح، وأصبح البحر أقل خشونة، على الرغم من أن الرؤوس البيضاء ما زالت مزبدًا من حوله، تلاشى الضباب، ورأى من مسافة بعيدة أرضًا حقيقية هذه المرة، ذهب نحوها، وبعد التجديف على طول الساحل لمسافة ما، رأى منزلًا حجريًا به ضوء، وقد كان متأكدًا من أنّه سعيد بالاقتراب من مسكن بشري مرة أخرى، هبط ودخل المنزل، لم يكن فيه أحد سوى امرأة عجوز واحدة، استقبلته بلطف وساعدته في خلع حذائه، وعلّقت جواربه المبللة على الإطار فوق المصباح.
ثم قالت: سوف أشعل نارًا في الغرفة المجاورة وأطبخ عشاءً جيدًا، اعتقدت كيفيونج أنّها كانت امرأة جيدة جدًا، وكان جائعًا جدًا لدرجة أنّه كان بالكاد يستطيع انتظار العشاء، بدا له أنّها كانت تعده لفترة طويلة، وعندما جفّت جواربه حاول إخراجها من الإطار ولبسها، ولكن بمجرد أن لمس الإطار ارتفع بعيدًا عن متناوله، حاول عبثاً عدة مرات، وفي كل مرة كان الإطار يرتفع.
استدعى المرأة وطلب منها أن تعطيه جواربه، قالت: خذها بنفسك، ها هم هناك، وفوجئ كيفيونج بتغيير أسلوبها، وحاول مرة أخرى الاستيلاء على جواربه، لكن دون نتيجة أفضل، بعد استدعاء المرأة مرّة أخرى، أوضح له الصعوبة وقال: من فضلك أعطني حذائي وجواربي، إنّهم يفلتون مني، فأجابت: اجلس حيث جلست عندما دخلت منزلي، ثم يمكنك الحصول عليهم، وغادرت الغرفة.
حاول مرة أخرى، لكن الإطار ظهر كما كان من قبل ولم يستطع الوصول إليه، لقد علم الآن أنّها كانت امرأة شريرة، وكان يشك في أن النار الكبيرة التي أشعلتها قد تم إعدادها حتى تتمكن من تحميصه وأكله، وفكّر: ماذا يجب ان يفعل؟ لقد رأى أنّها يمكن أن تحضّر له السحر، وكان يعلم أنّه لا يستطيع الهروب ما لم يتفوق عليها في فنونها السحرية، فاستدعى التميمة التي كانت عبارة عن دب أبيض ضخم.
وفي الحال كان هناك هدير منخفض من تحت المنزل، لم تسمعها المرأة في البداية، لكن كيفيونج استمر في حث التميمة لتعمل وارتفع من خلال الأرض بصوت عالٍ، ثمّ اندفعت الساحرة العجوز مرتجفة من الخوف وأعطت كيفيونج ما طلبه، صرخت: ها هو حذائك، ها هي نعالك، ها هي جواربك، سأساعدك على ارتدائها، لكن كيفيونج لن يبقى مع المخلوق البشع أكثر من ذلك، ولم يجرؤ على الانتظار لارتداء جواربه وحذائه.
اندفع خارج المنزل وبالكاد خرج من الباب عندما صفق بعنف معًا، وأمسك بذيل سترته التي تمزقت، ودون أن يتوقف لينظر خلفه، ركض إلى قارب الكاياك الخاص به وجذّف بعيدًا، وتعافت العجوز بسرعة من خوفها وخرجت تتأرجح بسكين لامع حاولت رميها عليه، كان خائفًا جدًا لدرجة أنّه كاد يغرق بالقارب الخاص به، لكنّه ثبّته ووقف على قدميه رافعًا رمحه.
وقال سأقتلك برمحي، وفي ذلك الوقت سقطت السيدة العجوز في رعب وكسرت سكينها الذي صنعته بواسطة السحر من لوح رقيق من الجليد، سافر لعدة أيام، وظلّ دائمًا بالقرب من الشاطئ، وصل أخيرًا إلى كوخ آخر، ومرة أخرى كان مصباح مشتعلًا بالداخل، فكان لباسه مبتل وجاع فنزل ودخل البيت، وهناك وجد شيئًا غريبًا جدًا حيث كانت امرأة تعيش بمفردها مع ابنتها! ومع ذلك، كانت الابنة متزوجة واحتفظوا بصهرها في المنزل.
لكنّه كان عبارة عن جذع من الأخشاب الطافية وجدوه على الشاطئ، كان لها أربعة فروع مثل الأرجل والذراعين، وكل يوم في وقت انخفاض المياه كانوا يحملونها إلى الشاطئ وعندما يأتي المد، يسبح بعيدًا، وعندما يحل الليل، ويعود بثمانية فقمات كبيرة، اثنتان مثبتتان في كل غصن، وهكذا كان هذا البيت يوفر الطعام لزوجته وأمها وكيفيونج، وكانوا يعيشون بوفرة.
أصبح كيفيونج مرتاحًا ومنتعشًا بعد أسفاره المرهقة، واستمتع بهذه الحياة جيدًا لدرجة أنّه ظلّ لفترة طويلة، ومع ذلك، في أحد الأيام، بعد أن أطلقوا البيت كما فعلوا دائمًا، طاف بعيدًا ولم يعد أبدًا، ثمّ كان كيفيونج يصطاد كل يوم لنفسه وللنساء، وكان ناجحًا للغاية لدرجة أنهم تمنوا له أن يظل معهم دائمًا، لكنّه لم ينس المنزل الذي تركه منذ فترة طويلة، وكان ينوي العودة إليه.
كان حريصًا على وضع مخزون جيد من القفازات لإبقاء يديه دافئة في الرحلة الطويلة، وفي كل ليلة كان يتظاهر بفقد الزوج الذي كان يرتديه، لكي تصنع له النساء زوجًا آخر من جلد الأغنام التي أحضرها في السابق، وكان يخفيهم جميعًا في غطاء سترته،ثمّ في أحد الأيام، طاف أيضًا مع المد ولم يعد أبدًا، كان يجدف لعدة أيام وليالٍ، متابعًا الشاطئ دائمًا، وخلال العاصفة الرهيبة، كان بعيدًا عن أنظار الأرض.
أخيرًا، عاد مرة أخرى إلى كوخ كان يحترق فيه المصباح، وذهب إليه. لكنّه اعتقد هذه المرة أنّه سيكون من الجيد معرفة من كان بالداخل قبل الدخول، لذلك صعد إلى النافذة ونظر من خلال الفتحة حيث جلست على السرير امرأة بدا رأسها ويدها مثل العناكب الكبيرة ذات اللونين الأصفر والأسود، وكانت تخيط، وعندما رأت الظل المظلم أمام النافذة اعتقدت في البداية أنّها سحابة، لكن عندما نظرت إلى أعلى ورأت رجلاً، أمسكت بسكين كبيرة وقامت وبدت غاضبة للغاية.
لم ينتظر كيفيونج ليرى المزيد، شعر بشوق مفاجئ إلى الوطن، وذهب مسرعًا في طريقه، ومرة أخرى سافر لأيام وليال. وصل أخيرًا إلى أرض بدت مألوفة له، وعندما ذهب أبعد من ذلك تعرف على بلده، كان سعيدًا جدًا برؤية بعض القوارب أمامه، وعندما وقف ولوّح لهم وصرخ، جاؤوا لمقابلته، كانوا في رحلة لصيد الحيتان وكانوا يجرُّون حوتًا كبيرًا ميتًا إلى قريتهم.
وفي قوس أحد القوارب وقف شاب قوي البنية كان قد اصطاد الحوت. نظر إلى كيفيونج باهتمام ونظر إليه كيفيون، ثمّ فجأة تعرفوا على بعضهم البعض، لقد كان ابن كيفيونج نفسه هو الذي ترك ولداً صغيراً ، لكنّه أصبح الآن رجلاً وصيادًا عظيمًا، شعرت زوجة كيفيونج بالسرور لرؤيته الذي من المفترض أنّه مات.