قصة لذة الحب لحظة

اقرأ في هذا المقال


يُعتبر الناقد والفنان موريس دينيس وهو من مواليد دولة فرنسا من أهم وأبرز الكُتاب الذي لاقوا صدى واسع حول العالم، حيث كان لمؤلفاته تأثير كبير على الكُتاب من بعده، ومن أبرز القصص التي اشتهر بها هي قصة لذة الحب لحظة، وقد تم تصنيف القصة على أنها من القصص التي يغلب عليها طابع الخيال والأحلام.

نبذة عن القصة

الموضوع الذي تناولته القصة هو قصة حب بين الكاتب وفتاة حين كان في مرحلة الشباب، وقام بسرد القصة بعد أن صار في مرحلة متقدمة من العمر إذ أراد أن يعيد ذكرياته حول قصة حبه، إذ تحدث عن عشقه في أيام الصبا وقد كان قد مرّ على تلك القصة ما يقارب نصف قرن، فقد كان يرى من وجهة نظرة أن الشباب الجديد يغرق في عالم بعيد كل البعد عن الخيال والشعر، فاعتبره في زمن أزمات وضيق، ورأى أن ذلك من حقه ذلك فقد أغلقت في وجهه كافة أبواب الأمل كما تم نشر في طريقه ظلام اليأس فلم يعد يؤمن على المستقبل ولم يطمئن للغد، ومنذ قرن مضى كان العصر هو عصر خيال، وكما كانت للنساء في أفكار وتصورات الرجال يحتلن مقام غير مقامهن في هذه الأيام.

قصة لذة الحب لحظة

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول اللحظة التي تعرف بها الكاتب على فتاة تدعى انجيل، حيث كان عمر انجيل في ذلك الوقت ما تزال في ريعان شبابها ولا تتجاوز الثامنة عشر عاماً، وعلى الرغم من أنها كانت ما تزال صغيرة في العمر إلى أنه كانت تجمع بين النضوج والجمال والحكمة، كما كان وضعها يدل على أن لها ماضي غامض ولطالما حاولت أن تخفيه عن الجميع، وحين كان عشيقها يسألها عن ماضيها، ولكنها كانت على الدوام تتهرب من الإجابة، كانت انجيل تعمل في أحد المحلات المتخصصة في بيع الأزياء، وتقطن مع والديها وهما فقراء الحال من عامة الشعب.

وكان على الدوام يسأل الشاب نفسه أن كيف يمكن لهذين الأبوين البسيطين أن ينجبا مثل تلك الفتاة الفاتنة والجميلة والذكية، فقد كانت تمتلك مواصفات عالمية في الجمال كطول القامة واتزان جسمها وركازه حركاتها ونضرتها التي كان يشبهها كل من ناظرها بأزهار الربيع وكانت يداها ورجليها طويلة ناعمة وتمتلك شعر أصفر كلون الذهب ولها أنف صغير وعينين واسعتين.

وقد كان الشاب قد رآها لأول مرة وهي ترتدي فستان جميل للغاية، وهنا حاول الحديث إليها لكنها جحرته بعينيها وتحدثت عن أهمية الأدب، وعلى الرغم من أنها كانت لا تلم بالثقافة من جميع الجهات إلا أنها كان تلم في بعض العلوم، حيث كان الكاتب ينظم العديد من المنظومات الشعرية فتقرأها وتلحنها وقد كان هناك كثير من الفتيات يقرأن الشعر بشكل جميل، إذ كثيراً ما يجدن من يقول فيهن الشعر.

وكانت انجيل تعشق الفن وساحة الفنانين وتحب سماع الموسيقى والشعر وفن الرسم، فتحب معها الموسيقيين والشعراء والرسامين، فقد كانت تعشق نظرة الآخرين لها، ولكنها أكثر ما تفضل الرسامين؛ لأنّ هذه الحسناء المفتونة بجمالها أكثر ما يعجبها أن ترى رسمها في صورة رسام أكثر مما تراه من خلال أبيات شاعر أو أنغام موسيقي.

وكان للكاتب مجموعة من الأصدقاء الذي أبدعوا في مجال الشعر والموسيقى والرسم، ونظراً لحبها لتلك المجالات عرفها عليهم، وقد كان مفتخر بذلك ولكن الغرور في تلك اللحظة كان قرين الرعونة كما يقول السلف، إذ كانت انجيل في الأيام الأولى من معرفتها بالكاتب لا تعرف سوى الأناشيد القديمة التي تعلمتها من روايات تنشدها بصوت هادئ، فتخرج حاملة للسامع كل معاني الألم والحزن.

ومع مرور الوقت بدأت تحكي عن أحدث الأناشيد وتنشد بصوتها الذي كان قد حدث به تغيير كبير، فلم يكن الكاتب قد سمع عن تلك الأناشيد من قبل كما أصبح صوتها شيئًا أخر غير ذلك الصوت الحزين الهادئ، شعر حبيبها فيها تغير ورقي أكثر مما كانت عليه في السابق، وهنا بدأت شيئاً فشيئاً تتغيب عن مواعيد حبيبها كثيرًا، حيث طالما كان ينتظرها.

وفي أحد المواعيد بينهم حين اقتربت ساعة اللقاء المحددة بينهم وصل إليه كتابها الأزرق الصغير الذي كان يعرفه من قبل وعرف خطها من عنوانه، ففتحه بقلب يرتعش ويقرأ ما به بهلع حتى انتهى منه فعلم ما كان أخشاه، وهو أنه حرم من رؤيتها في ذلك المساء فانتابه الهموم وراودته الشكوك وأخذ يسأل نفسه أين هي الآن؟ وماذا تعمل؟ وأكثر هذه الأسئلة التي طالما رددها العاشقون المظلومون عن أحبابهم الغائبين.

عاد إلى غرفته فجلس على المقعد الوحيد ثم تناول كتاب وحاول أن يقرأ فيه، ولكن الأفكار تضطرب داخله من جديد، فأخذ يكرر ذات الأسئلة في نفسه أين تقطن الآن؟ وماذا تعمل؟، وقد الشاب مولع من أيام الدراسة بالفريد دي دي موسيه، حيث حفظ له قصيدة الليالي عن ظهر قلب فاعتاد قلبه على احتمال الآلام والأحزان، وقد أخذ في تذكر اللقاء الأول وأيام حبهم الأولى وبدأت تأخذهم الأفكار وتمر الساعات إلى أن وصلت الساعة الثانية بعد منتصف الليل وهكذا كان يقضي ليلة الفرح المنتظر في حزن وشجون وبقي حليف الآلام والهموم.

كان له صديق يتحاور معه في أحد الأيام عن الحب والفتيات فبادر صديقه بسؤاله أتجتمع كثيرًا مع انجيل، فرد عليه أجتمع بها ولكن بشكل قليل، فعاد وسأله وهل تحبها، فأجاب: وكيف لا، وكرر سؤال آخر: وهل تحبك؟ أجاب ومن يعرف حقيقة قلوب النساء، ولكن أعتقد أنها تحبني، فسأله صديقه مرة أخرى: وهل أنت واثق من إخلاصها لك، هنا امتنع عن الجواب ومكث قليلاً وكان يشك في هذا الصديق أنه يميل إلى المزح والسخرية.

فأخذ يحدق فيه عسى أن يلمح عليه علامات الهزل فيما يقول، ولكنه وجد أنه جاد في سؤاله، أراد صديقه أن يتراجع عن سؤاله، وهنا ألح عليه الشاب لمعرفة ما فيه جعبته من أخبار وحقائق يعرفها، وهنا أوضح أنّ انجيل تقيم علاقة  في الوقت الحالي، وأنها عزمت على غدره وخيانته، فلم يتعجب الكاتب من تلك الحقيقة فقد كان قد عود نفسه على الآلام والأحزان وعزف عن معرفة أخبارها وتشكر صديقه على تنويره وتفتيح بصيرته على أمور كانت مخفية عنه.

وبعد ركوده وهدوءه فترة من الوقت جراء ما سمعه، بدأ يفكر لما يقر له صديقه بكل تلك الحقائق وقد كان قد تعرف عليه من جديد، وهنا توجه له بسؤال حول مدى علاقته ب انجيل ومن أين حصل على كل تلك الأخبار، فأجاب صديقه أنه مجرد صديق مقرب من انجيل فقط، ولكن ملامح الاحمرار التي ظهرت على وجهه وتلعثمه في الكلام جعل الكاتب يشك في أنه يكذب وأنه هو ذات العشيق الجديد.


شارك المقالة: