تُعتبر هذه القصة من القصص الأدبية التي صدرت عن الأدب الإنجليزي، وقد تناولت في مضمونها الحديث حول حادثة غامضة حدثت لأحد المهاجرين من جمهورية إيرلندا إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
قصة لغز الغرفة المغلقة
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في وصف الكاتب لآثار الجرائم، حيث قال: إن الجريمة هي من أسوأ الأمور التي من الممكن أن يتعرض لها الإنسان، كما أنها من أكثر الأمور التي تؤثر بشكل سلبي على المجتمعات وتعكس صورة المجرم بشكل بشع وسيء للغاية، فكل من يظهر من خلالها هو الوجه الحقيقي للشر، كما أنها تسبب للروح تعذيب نفسي وإرهاق للروح البشرية، إلا أنه هذا النوع بالذات من السلوكيات البشرية المنفرة يكون خلفها العديد من الدوافع، وتلك الدوافع تتغير من شخص إلى آخر.
فهناك الكثير من الأشخاص الذين ارتكبوا الجرائم لم يكونوا من ضمن الأشخاص الذين وقع بحقهم أي تصرف أو سلوك سيء طوال حياتهم، ولكن قاموا بمثل تلك الفعل الشنيع جراء وقعهم في خلاف أو عراك ومشاجرة مع الضحية، وهناك ممن قاموا بارتكاب مثل تلك السلوكيات جراء أنهم يعانون من العديد من الاضطرابات العصبية والنفسية، وهناك آخرون قاموا بمثل تلك التصرفات وعند التحقيق معهم لم يكن دافعهم إلى مثل تلك الجرائم سوى الرغبة والهواية في القتل لا أكثر من ذلك.
وأردف الكاتب حديثه قائلاً: هناك الكثير من الجرائم التي يتم التوصل إلى القاتل ومقترف الجريمة بعد مرور فترة قصيرة من الوقت على حدوثها؛ وذلك من خلال التحقيق والتحري والوصول إلى الأدلة والإثباتات، ولكن في حال لم يتم التوصل إلى معرفة الجاني والوصول إليه، فهنا يكون أمر محير للغاية، وهذا تماماً ما حدث في إحدى الجرائم التي حدثت في الزمن القديم، والتي كان ضحيتها شاب يدعى سيدور فينك.
حيث أنه في ذلك الزمن كان هناك شاب يدعى سيدور، وقد كان ذلك الشاب من أصول بولندية ويبلغ من العمر ما يقارب على الثلاثين عاماً، وفي أحد الأيام كان ذلك الشاب يرغب في الهجرة والسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وبالفعل جمع بعض النقود وجهز كافة الأوراق اللازمة وهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وأول ما وصل إلى هناك سرعان ما قام بالبحث عن عمل، إلا أنه لم يجد ما يناسب خبرته وقدرته، فرأى أنه من الأفضل أن يحصل على مكان يقوم بفتح عمل لنفسه، وبالفعل لم ينتظر طويلاً إذ حصل بعد أيام قليلة على محل في إحدى الشوارع الصغيرة، وبعد أن حصل على المحل حوله إلى مكان يعمل في غسيل الملابس وكيها، ومن ضمن ذلك المحل كان هناك إلى داخله غرفة صغيرة، وقد اتخذها كمكان للعيش به بشكل كامل.
كان ذلك الشاب من الشباب المعروفين لكل من قابلهم باللطف وحسن الخلق، كما أنه كان شاب وحيد ولا يوجد له أي من الأقارب أو الأصدقاء، إذ يقيم لوحده في تلك الغرفة الملحقة بالمحل، ولم يكن في أي يوم من الأيام قد زاره أحد، على الرغم من أنه كانت علاقته طيبة مع كافة الزبائن والمجاورين له في المحلات، وفي أحد الأيام سمع أحد التجار والذي كان محله إلى جوار محل سيدور العديد من الأصوات المرتفعة قادمة من صوب الغرفة التي يقيم بها ذلك الشاب، وعلى ما يبدو أن هناك شجار وعراك كبير.
وبعد أن كانت الأصوات تصدع بشكل عالي فجأة اختفت تلك الأصوات مرة واحدة، وهذا الصمت المفاجئ جعل التاجر يدب به الرعب والخوف من الأمر ودارت في ذهنه العديد من الشكوك، وأول ما فكر به هو إخبار عناصر الشرطة، وبالفعل كان هناك أحد العناصر موجود في آخر الشارع، وسرعان ما توجه نحوه مسرعاً وأخبره بما سمع، وفي تلك اللحظة سارا سوياً وتوجها نحو محل الشاب ومن ثم إلى الغرفة الداخلية التي يقيم بها وبدأوا بطرق الباب.
وعلى الرغم من أنهم طرقوا الباب كثيراً، إلا أنه لم يتلقوا أي إجابة، وهنا أدرك كلاهما بأن باب الغرفة مغلقة بشكل محكم من الداخل، وحينما رأوا أنهم طرقوا الباب كثيراً دون إجابة أحد بدأ الرعب والارتباك يسيطر عليهم، حينها قاما كلاهما بالاستعانة بأحد الأطفال وإدخاله من نافذة الغرفة إلى الداخل؛ وذلك حتى يتمكن من فتح باب الغرفة لهم وعلى وجه الخصوص الباب الخلفي للغرفة، إذ انه كان كذلك مغلق من الداخل، والنوافذ لا تسمح بدخول وخروج أي شخص من الأحجام الكبيرة.
وبالفعل لم تمر دقائق قليلة حتى تمكن الطفل من فتح الباب، وهنا سرعان ما دخل كل من الشرطي والتاجر إلى الداخل، وفي تلك اللحظة أصيب كلاهم بالدهشة إذ وجدوا الشاب ملقى على الأرض وقد نزف الكثير من الدماء على أثر إصابته بثلاثة عيارات نارية، اثنتين منها في منطقة الصدر والأخيرة جهة معصمه الأيسر، ولكن لم يكن في تلك الغرفة أي نوع من أنواع السلاح، وهنا أثارت الحادثة استغراب الموجودين، فكيف أن الأبواب كانت مغلقة بشكل محكم من الداخل، والنافذة لا تسمح بمرور أي شخص بالغ بالخروج أو الدخول منها، ولا يوجد أي نوع من أنواع الأسلحة في الغرفة.
وكل ما كان أمامهم من دلائهم كان يبعدهم عن تفكير ذلك الشاب بالانتحار، حيث أنه في حال كان هناك حادثة انتحار لا بد أن يكون هناك من وجود لأي نوع من أنواع الأسلحة، أقلها الذي تم قتله به، كما لاحظوا الموجودين أن المكوى ما زال دافئ، وهذا ما جعل كل من الشرطي والتاجر يشكان أنهما قد وصلا إلى الغرفة عقب حدوث الجريمة بدقائق قليلة.
ومنذ تلك اللحظة وقد بدأ الشرطي في فحص ومعاينة الغرفة جيدًا؛ وذلك حتى يتبين له بأنه لا توجد هناك في تلك الغرفة أية سراديب أو أبواب أو فتحات سرية داخل الغرفة تؤدي إلى أماكن بعيدة عن الغرفة، وفي تلك الأثناء أخذ بتوجيه مجموعة من الأسئلة إلى جيرانه وزبائنه ممن ارتادوا المحل في ذلك الوقت، إلا أنهم جميعهم أشاروا إلى أن ذلك الشاب كان شاب خلوق وطيب المعشر ومهذب، ولم يكن قد بدر منه أي إساءة تجاه أي شخص.
إلا أن أحدهم أخبر الشرطي أنه قبل ما يقارب العام كان قد بدر من ذلك الشاب تصرف غريب بعض الشيء، إذ أنه لا يتم السماح لأحد بالدخول إلى غرفته، سوى بعض الشخصيات فقط، كما أنه كان على الدوام يخشى من أن يتعرض للسرقة، إلا أن الأمر الذي بدا أنه منطقي خلال تلك الفترة من تاريخ أمريكا من وجهة نظر الموجودين، ولكن الشرطي أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار وأخذ بفحص الغرفة والمحل، ولكنه لم يجد أي من مقتنيات الشاب قد تعرض للسرقة، كما أنه كانت النقود في جيبه كما هي لم يمسسها بشر، وكذلك كان هناك بعض التحف الثمينة كانت موضوعة على الأرف داخل الغرفة لم يمسها شخص كذلك، وهذا ما جعل الشرطي يتوقع أن الجريمة لم تحدث بدافع السرقة.
ومع ذلك استمرت عناصر من الشرطة في البحث لمعرفة من هو القاتل في تلك الجريمة المحيرة والغامضة، وكيف أن تمكن من الدخول والخروج من الغرفة، دون أن يراه أحد، كما فكروا في أن يكون من المحتمل أن القاتل قبل أن ينصرف قد واجه كل من الشرطي والتاجر في الحي.