الشخص الذي يريد بالآخرين شرّاً تكون عاقبته دائماً وخيمة، وهذا كان جزاء الذئب الذي مكر بالثعلب ولعب بعقل الأسد لقتله، ولكن الثعلب كان أذكى منه وقام بعمل حيلة استطاع أن ينجو من خلالها من قبضة الأسد ومكر الذئب، ولقّن الذئب أيضاً درساً لن يسناه عن عاقبة المكر.
قصة ما هي عاقبة المكر
في غابة الحيوانات يعيش أسد الغابة مع باقي الحيوانات بسعادة وأمان؛ حيث تتعاون الحيوانات مع بعضها البعض، ويساعد الكبير الصغير ويحن القويّ على الضعيف، وكانت الحيوانات قد اعتادت على زيارة أي حيوان يشعر بالمرض، وفي يوم من الأيام مرض ملك الغابة الأسد مرضاً شديداً، وصارت الحيوانات تأتي لزيارته وتطمئنّ عليه.
يعتبر الأسد ليس ملك الغابة فقط بل هو الأب للجميع؛ فكان يساعد الجميع ويقف دائماً إلى جانبهم ويقضي بينهم بالعدل، جميع الحيوانات جاءت لزيارة الأسد ما عدا الثعلب، فقد كان الثعلب يشعر بالجوع دائماً وكان يجلس في بيته، وكان قد أكل وجبة دسمة حتى امتلأت بطنه، ومن شدّة الشبع الذي شعر به نام ونسي أن يذهب لزيارة الأسد المريض.
يعتبر هذا واجب على الثعلب يجب عليه أن يؤدّيه؛ فزيارة المريض في تلك الغابة هو واجب على الجميع، لاحظ الذئب ذلك الشيء وشعر أنّه يريد استغلال ذلك الموقف وأراد أن يقوم بتأليف كذبة عن الثعلب ليمكر به، فذهب الذئب إلى الأسد وقال له: ألم تلاحظ أن الثعلب لم يأتِ لزيارتك؟ أنا أعلم ما السبب؟ سأله الأسد: وما السبب؟ رد عليه: إنّه يجلس في منزله ويتمنّى كل يوم أن يموت الأسد كي يصبح هو زعيم الغابة بدلاً منه، وهو الآن يتلذّذ بأصناف الطعام المختلفة.
عندما سمع الأسد كلام الذئب شعر بغضب كبير وجعله يزأر بصوت عالي يملأ الغابة بأكملها، سمع هذا الزئير جميع الحيوانات وشعرت بالخوف الشديد وحزنت لحال ذلك الثعلب المسكين، وصارت تتساءل يا ترى ماذا سيكون عقابه من الأسد، قام الأسد باستدعاء هذا الثعلب على الفور بعد سماعه لهذا الكلام.
اتّجه حرّاس الأسد إلى منزل الثعلب مباشرةً لإحضاره لدى الأسد، شعر الثعلب بالخوف الكبير وصار يسأل الحرّاس عن سبب إحضاره بتلك الطريقة؛ فأخبره الحرّاس عن القصّة التي أخبره بها الذئب عنه، شعر الثعلب بالضيق والانزعاج الكبير ونوى أن يقوم بعمل ثورة، ولكن قال في نفسه: وماذا ستجدي هذه الثورة على الكذب نفعاً والأسد كان قد أمر بإهدار دمي؟
قال الثعلب للأسد محاولاً أن ينتهز الفرصة الأخيرة التي ستنقذه من الموت، نظر للأسد وقال له: يا سيدي الملك لقد كنت طوال المدّة الماضية أبحث لك عن علاج سيساعدك على التخلّص من كل تلك الآلام؛ فلقد سمعت عن مرضك الذي لم تجد له دواء للآن، والحمد لله لقد استطعت أن أجده.
شعر الأسد بالفرحة والحماس لما قاله الثعلب وقال له: إذاً هيا أخبرني ماذا أحضرت؟ رد عليه الثعلب: بعد طول بحث أخبروني أن علاجك هو أكل لحم الإوزة المر وخلطه مع دماء الذئب وبذلك سوف أضمن لك الشفاء العاجل، فرح الأسد لأنّ الثعلب كان قد أحضر الإوزة معه؛ فطلب منه أن يأكلها، وعندما ذاق طعمها وجد لحمها مر بالفعل.
عندما وجد أن طعمها مر فرح بما قاله الثعلب وتأكّد من صدق كلامه، ظلّ الأسد كذلك وأراد انتظار الذئب حتى يأتي ويقوم بجرحه وشرب دمائه كما أخبره الثعلب، بعد مدّة من الوقت جاء الذئب من بعيد، وما كان من الأسد إلّا أن هجم عليه وقام بتمزيق قدمه لأخذ الدماء منها، ومزج دمائه مع ما تبقى من لحم الإوزة، متبعّاً بذلك وصفة الثعلب السحرية.
بعد مرور عدّة أيّام كان الثعلب يسير في الغابة، وكان سعيداً لأنّ وصفته السحرية كانت قد داوت الأسد وشعر بعدها أنّ صحته قد تحسنت، وبينما هو كذلك إذ مرّ بمنزل الذئب، فوجده يجلس في منزل ويتأوّه من شدّة الألم في قدمه، عندما رآه الثعلب اقترب منه وقال: أنا كنت أعلم أنّك قد وشيت بأذن الأسد ليقتلني، ولكن كان هذا هو جزاء مكرك بغيرك.
نظر الذئب إلى الثعلب وهو خجلان من فعلته وقال له: أرجوك سامحني لأنّي أردت بك شرّاً، لقد أعماني الطمع بمنصب زعامة الغابة أن أفعل ما فعلت، وصار الذئب يصرخ ويتألم من ألمه وندمه في آن واحد، وتعلّم درساً عن عاقبة المكر بالآخرين.
