قصة محتال تندر

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر هذه القصة من روائع الأعمال الأدبية الأوروبية، حيث طرحت موضوع مخاطر وضع الثقة بمن هم خلف الشاشات في مواقع التواصل الاجتماعي.

قصة محتال تندر

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول إحدى الفتيات التي تدعى سيسيليا وهي من أصول نرويجية وتقيم في مدينة لندن، حيث أن تلك الفتاة كانت تحلم بما تحلمه كافة الفتيات وهو الارتباط بفتى الأحلام، ونظراً لأننا في عصر التكنولوجيا، فإن اللجوء لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي هو أسرع وسيلة لتحقيق ذلك، ولهذا همت بالبحث في أحد المواقع والذي يعرف بموقع تندر عن فتى أحلامها.

ففي يوم من الأيام بينما كانت سيسيليا تتصفح في الملفات الشخصية لمستخدمي التطبيق، لفت انتباها أحد المستخدمين الذي يبدو من خلال تلك الصور التي ينشرها على الموقع أنه ذو مظهر جذاب ويرتدي ملابس أنيقة كما كانت تدل طريقة حياته على أنه شخص مرفه ويسافر كثيرًا إلى أماكن متنوعة ويمتلك سيارات فاخرة في جميع أنحاء العالم.

وحينما شاهدت كل تلك الصور التي تدل على أنه رجل ثري قامت بالضغط على زر الإعجاب على إحدى صوره، وعلى الفور جاءها الرد على الفور من صاحب الحساب، وقد كان شاب يدعى سيمون، وفي بداية المحادثة بينهم أبدا سيمون إعجابه بها، وبعد تبادل مطول من المحادثات بينهما أخبرها أنه يعمل في تجارة الألماس وأن والده هو أحد المليارديرين المشهورين وهو من أصول إسرائيلية، كما أنه يملك شركة في تجارة الألماس وهو يعمل في الوقت الحالي من أجل ترتيب أمور الصفقات في تجارة الألماس، كما أخبرها أنه رجل مطلق ولديه طفلة بعمر السنتين.

وفي يوم من الأيام دعاها من أجل مرافقته في رحلة على طائرته الخاصة، وهنا وافقت على الفور، إذ لم تكن في يوم من الأيام قد ركبت في طائرة خاصة، وحينما أخبرت بعض من أصدقائها حذروها من ذلك، ولكنها لم تصغي إليهم، وأثناء رحلة السفر كانت في استقبالها مفاجأة إذ وجدت ابنته وإلى جانبها سيدة، وقد علمت أنها زوجته السابقة، والتي بدورها أثنت عليه بأنه كم هو رجل رائع.

كان كل شيء على متن تلك الرحلة على أفخم طراز من الطائرة مروراً بالأطعمة التي تم تناولها وصولاً إلى التنزه في أحدث موديلات السيارات، وكان كل شيء يبدو من أنه من نسج الخيال بالنسبة إلى سيسيليا، وبعد انتهاء تلك الرحلة استمرت المحادثات بينهما وفي كل يوم كانت تجد باقة زهور تصل إلى باب منزلها، وهكذا عاشت سيسيليا أيام مليئة بسعاة لم تشعر بها من قبل.

وقد زادت من سرورها أنه أخبرها عن رغبته في قضاء بقية حياته معها، وطلب منها في تلك الأثناء أن تبدأ بالبحث عن شقة في مدينة لندن ليقيما بها بعد زواجهما، وبالفعل سرعان ما بدأت في البحث، وقد دعاها للمرة الثانية لزيارته، ولكن في هذه المرة كانت تلك الزيارة مختلفة، إذ أخبرها أنه يواجه متاعب في العمل وأن هناك عدد من الأعداء بدأوا بالظهور أمامه ويهددون حياته، وقد أراها لقطات فيديو أدعى أنها من البيت الذي يمتلكه في إسرائيل وأن هناك أشخاص اقتحموه.

وبعد أن عادت إلى منزلها أرسل إليها صور حارسه الشخصي وهو مصاب بالعديد من العيارات النارية، كما أشار لها أنه كان على وشك الموت لولا إنقاذ حارسه له، ثم بعد ذلك أخبرها أنه مجبر على إغلاق حسابه في الموقع لأسباب أمنية، وهنا أوضح لها أنه ليس بإمكانه أن يسحب أي أموال من حسابه، وأنه يطلب منها أن تجلب له خمسة وعشرون ألف دولار كاش، وقد كانت سيسيليا تخشى عليه، ولهذا اضطرت لاقتراض المبلغ من بطاقتها الائتمانية وذهبت إليه بالمبلغ.

وبعد أن حصل على المبلغ منها أوضح أن يتوجب عليه العودة إلى مدينة لندن ولها أن تستمر بمراسلته، ثم صرح لها أنه سوف يقوم بإرسال بطاقة ائتمانية تحمل اسمها؛ حتى لا يتمكن أي من أعدائه تتبع عمليات السحب التي يقوم بها، ولكنه استغل ذلك الأمر من أجل الاقتراض من مجموعة من البنوك تحت اسمها، إلا أن حصل على ما يقارب مئتين وخمسين ألف دولار، وحينما طلبت منه أن يقوم بسدادها، قام بإرسال شك لها بالمبلغ، وعند محاولتها صرف الشيك، اكتشفت أنه فارغ الرصيد، وبعد أن أخبرته بذلك رد عليها بأنه لا علاقة له بدفع الأموال، وهنا أدركت أنها وقعت في مشكلة كبيرة.

وفي تلك الأثناء توجهت من أجل الاتصال بخدمة العملاء أمريكان إكسبريس، وقد أخبرتهم أنها لا تعرف كيف تم سحب تلك القروض، وقد تم إرسال فريق إلى منزلها وطلبوا منها أن تريهم صورة ذلك الشخص، وحينما قامت بمراجعتهم من أجل الاطلاع على نتائج التحقيقات طلبوا منها أن تقوم بالبحث عن شخص شمعون، وأول ما بادرت في ذلك وجدت في الصحافة الفنلندية مقال يتحدث عن ذلك الشخص، وبعد أن قامت بترجمته للغة الإنجليزية ووجدت العنوان المليونير الذي يخدع الفتيات.

وكان المقال يتحدث حول قيامه بالاحتيال على مجموعة من الفتيات، وهنا شعرت بالارتباك ولا تعرف ما بها تفعل، فلا هي ولا عناصر الشرطة يملكون أي دليل ضده، وكان أول ما خطر ببالها هو أن تقوم بنشر قصتها على الملأ وتفضحه حتى لا يتمكن من الاحتيال على فتيات أخريات، وبالفعل تواصلت مع إحدى أشهر الصحف في دولة النرويج، وقد تم التوصل إلى العديد من الفتيات اللواتي احتال عليهن، ومن بينهن تلك التي ادعى أنها زوجته السابقة وقد شهدن ضده.

وخلال التحقيقات تم التوصل إلى عنوان منزله الأصلي، وفي ذلك المنزل لم يعثروا سوى على والدته التي أخبرتهم أنها لم تراه منذ فترة طويلة، لكنها أخبرتهم أنه في الوقت الحالي يستخدم اسم لفيف، وفي النهاية تم التوصل إلى حل وهو استخدام إحدى الفتيات التي ما زال على علاقة معها، وبالفعل هذا ما حدث وقد حاولت الفتاة مسايرته حتى تسهل عمل عناصر الشرطة بالقبض عليه، وحينما التقت به قام بعض المصورين بالتقاط العديد من الصور له، وهنا عندما أدرك ذلك سرعان ما هم بالفرار.

وبعد التقاط مجموعة من الصور تم نشر العديد من المقالات بخصوص المحتال في مختلف الجرائد الأوروبية كما ظهرت الفتيات في برامج إخبارية عبر أوروبا وأمريكا ليرون قصة المحتال، وأخيراً بعد العديد من المحاولات تم إلقاء القبض عليه بتهمة التزوير فقط، وتم ترحيله إلى بلده، لكن المفاجأة كانت أنه تم الحكم عليه فقط بخمسة عشر شهراً، ولم تتمكن الفتيات إثبات عمليات النصب والاحتيال ومازلن يدفعن القروض التي حصل عليها منهن، أما هو فأطلق سراحه بعد خمسة شهور وما زال يقيم في بلده ويواصل العيش بأسلوب حياة فخم كعادته.

المصدر: كتاب الأدب الأوروبي مجموعة كتب عالمية مترجمة - فرانك سينوبولي - 2007


شارك المقالة: