قصة مغامرات هارون الرشيد خليفة بغداد

اقرأ في هذا المقال


قصة مغامرات هارون الرشيد خليفة بغداد أو (The Adventures of Haroun-al-Raschid, Caliph of Bagdad) قصه خيالية من سلسلة حكايات ترفيه الليالي العربية، تم اختيار هذه الحكايات الشعبية وتحريرها بواسطة أندرو لانج، وقد تم تبسيطها واختصارها ممّا يجعلها أكثر ملاءمة للأطفال، وتاريخ نشرها عام( 1918)

الشخصيات:

  • هارون الرشيد.
  • المتسول الأعمى.
  • الشاب الذي يضرب الحصان.

قصة مغامرات هارون الرشيد خليفة بغداد:

جلس الخليفة هارون الرشيد في قصره، متسائلاً عمّا إذا كان هناك أي شيء باقٍ في العالم يمكن أن يمنحه بضع ساعات من التسلية، عندما ظهر أمامه فجأة الوزير الأكبر وصديقه القديم حيث انحنى وانتظر كما كان واجبه حتى يتكلم سيده، لكن هارون الرشيد أدار رأسه فقط ونظر إليه، ثم غرق مرّة أخرى في وضعه السابق المرهق.
كان لدى جيافار شيئًا مهمًا ليقوله للخليفة، ولم يكن لديه أي نية للتأجيل لأنّ الخليفة كان صامتًا، لذلك انخفض مرة أخرى أمام الأمير وبدأ في الكلام، ثمّ قال: يا أمير المؤمنين، لقد أخذت على عاتقي أن أذكِّر سموك بأنك تعهّدت سراً بأن تراقب بنفسك الطريقة التي يتم بها تحقيق العدالة والحفاظ على النظام في جميع أنحاء المدينة، هذا هو اليوم الذي حددته لتكريس هذا الشيء، وربما في أداء هذا الواجب قد تجد بعض الإلهاء عن الكآبة التي كما أرى قد وقعت فريسة له.
عاد الخليفة لوعيه وقال: أنت على حق، لقد نسيت كل شيء، اذهب وغير معطفك وسأغير معطفي، وبعد لحظات قليلة، عاد كلاهما إلى القاعة متنكرين بزي تجار أجانب ومرا عبر باب سري إلى الخارج، ثمّ استداروا نحو نهر الفرات وعبروا النهر في قارب صغير، وساروا عبر ذلك الجزء من المدينة الواقع على طول الضفة الأخرى دون أن يروا أيّ شيء يدعو إلى تدخلهم.
كان الخليفة ووزيره مسرورين جدًا بسلام المدينة ونظامها الجيد حيث شقوا طريقهم إلى الجسر الذي أدى مباشرة إلى القصر، وكانوا قد عبروه بالفعل عندما أوقفهم رجل عجوز وأعمى توسل الصدقات منهم، وأعطاه الخليفة قطعة من المال وأراد أن يمر لكن الأعمى أمسك بيده وأوقفه، ثمّ قال: أيها الإنسان الصالح، أعطني طلب آخر أرجوك، اضربني أتوسل إليك، ضربة واحدة، لقد استحققتها وحتى استحققت عقوبة أشد.
فاستغرب الخليفة كثيراً من هذا الطلب، فأجاب بلطف: أيها الرجل الصالح ما تطلبه مستحيل، ما فائدة صدقاتي إذا عاملتك بهذه الطريقة ؟ وبينما كان يتحدث حاول أن يخفف من قبضة المتسول الأعمى الذي كان يضغط على يده، أجاب الرجل: يا مولاي، عفوًا عن جرأتي وإصراري، استرد أموالك، أو أعطني الضربة التي أتوق إليها، لقد أقسمت اليمين بأنّني لن أتلقى شيئًا دون تأديب، وإذا كنت تعرف كل شيء، فستشعر أنّ العقوبة ليست الجزء السئ ّأستحقه.
تأثر الخليفة بهذه الكلمات، وربما لأنّ لديه أعمالًا أخرى ليقوم بها فاستسلم لطلب المتسو، وضربه برفق على كتفه، ثم أكمل طريقه حيث تبعته كلمات الأعمى ودعواته له بالبركة، وعندما كانوا بعيدًا عن الأنظار، قال للوزير: لا بد أنّ هناك شيئًا غريبًا جدًا لجعل هذا الرجل يتصرف على هذا النحو، أود معرفة السبب لذلك ارجع اليه وقل له من أنا، وأمره أن يأتي دون تأخير إلى القصر غدًا، بعد ساعة من صلاة العشاء.
لذلك عاد الوزير الأعظم إلى الجسر، ثمّ أعطى المتسول الأعمى أولاً قطعة من المال ثم ضربه وأخبره برسالة الخليفة، وعاد إلى سيده حيث مروا باتجاه القصر، لكن أثناء سيرهم في الطريق، صادفوا حشدًا يشاهد رجلاً شابًا حسن المظهر كان يحث حصانًا بأقصى سرعة حول المكان المفتوح، مستخدمًا في نفس الوقت سوطه بلا رحمة حتى أن الحيوان كان مغطى بالرغوة والدم.
استغرب الخليفة من هذا التصرف واستفسر من أحد المارة عمّا يعنيه كل هذا، لكن لم يستطع أحد إخباره بأي شيء، إلا أنّهم أخبروه أنّ هذا يحدث كل يوم في نفس الساعة ونفس الجمهور، ثمّ مات الحصان والخليفة لا يزال يتسائل، واضطر في الوقت الحالي إلى الاكتفاء بإخبار الوزير أن يأمر الفارس أيضًا أن يمثل أمامه في نفس الوقت مع الأعمى.
في اليوم التالي بعد صلاة العشاء، دخل الخليفة القاعة وتبعه الوزير بجلب الرجلين اللذين تحدثنا عنهما، ثمّ انحنوا جميعًا أمام العرش حيث أمرهم الخليفة بالقيام، وسأل الأعمى عن اسمه، فقال: بابا عبد الله، سموك فرد الخليفة: بابا عبد الله، بدت لي طريقتك في طلب الصدقات بالأمس غريبة جدًا، لدرجة أنّني كدت أن آمرك في ذلك الوقت وهناك بالكف عن التسبب في مثل هذه الفضيحة العامة.
لكنّي أرسلت لك للاستفسار عن الدافع وراء هذا التعهد الغريب على نفسك وعندما أعرف السبب، سأكون قادرًا على الحكم فيما إذا كان من الممكن السماح لك بالاستمرار في ممارستها، لأنّني لا أستطيع إلّا أن أفكر في أنّه يقدم مثالًا سيئًا للغاية للآخرين، فقل لي الحقيقة كاملة ولا تخف شيئا، أزعج هذا الكلام قلب بابا عبد الله الذي سجد عند قدمي الخليفة.
فقال بابا عبد الله: يا أمير المؤمنين، أطلب منك بتواضع، أن لا تمانع على إصراري للقيام بعمل يبدو ظاهريًا أنّه لا معنى له، كما أتوسل إلى جلالتك أن تنتظر مني الشرح الوافي لك، لا شك أن هذا عمل لا يناسب الرجال ولكنّي أنظر إليه على أنّه كفارة بسيطة لخطيئة مخيفة أرتكبها، وإذا تكرم سموكم لسماع قصتي، فسترى أنّه لا يمكن التكفير عن الجريمة التي ارتكبتها بغير تلك الطريقة.



شارك المقالة: