الخوف من فقدان المناصب الكبيرة يجعل الشخص يقوم بأشياء لا يتوقعها، هذا ما حدث مع الملك الذي يحب ارتداء الملابس الجديدة، فقد قام عدّة رجال محتالين بالتظاهر بمعرفتهم حياكة ملابس ملكيّة، ولا يستطيع رؤيتها إلّا الحكماء وليس الأغبياء، وعندما طلب منهم الملك حياكة ملابس له، أخبروه بهذا الشيء، فلم يستطع أي أحد أن يكشف حيلتهم؛ خوفاً من أن يقال عنه شخص غبي ولا يستحق منصبه، لذلك احتالوا على الملك وسرقوا منه أمواله، وتعرّض الملك بسبب ذلك لموقف محرج أمام شعبه.
قصة ملابس الحاكم
في إحدى الممالك القديمة كان هنالك حاكم يحب ارتداء الملابس الجديدة كثيراً، كان الناس دائماً ما ينتقدون هذا الحاكم ويتحدّثون عنه؛ وذلك لأنه ينفق الأموال الكثيرة في سبيل ارتداء الملابس، وكانت هي من أكبر اهتماماته على العكس من الحكّام الآخرين، كان الناس يرون هذا الحاكم كل يوم بملابس جديدة وعليها الكثير من النقشات المختلفة.
وفي يوم من الأيام ظهر في تلك المملكة بعض الأشخاص الذين يقومون بتصرّفات غريبة؛ حيث كانوا يقومون بحياكة ملابس لأنفسهم وللآخرين، كانت تلك الملابس غير مرئية للجميع، ولكنّهم عندما كان أي أحد يسألهم عن سبب افتخارهم الشديد بما يصنعون كانوا يقولون: نحن نقوم بحياكة ملابس ملكية، ولا يراها إلّا الملوك والحكماء، فأنتم يا عامّة الشعب لا تستطيعون رؤيتها أبداً.
ذاع صيت هؤلاء المحتالين في كل أنحاء المملكة حتّى وصل للملك، ومن شدّة حب الملك للملابس المميّزة قرّر أن يقوم باستدعائهما لقصره، فرح المحتالون بدعوة الملك لهم كثيراً، وانطلقوا مسرعين وقال لهم الملك: أريد منكم أن تصنعوا لي ملابس جديدة ومميّزة مقابل أن أعطيكم المال الكثير، قال له أحدهم: إنّه لشرف كبير أن تطلب منّا أن نقوم بحياكة ملابس جديدة لك يا حضرة الملك.
وأكمل قوله: ولكن عليك يا حضرة الملك أن تعلم بأنّ ملابسنا المميّزة التي نحيكها هي للحكماء والأكفّاء فقط، ولا يستطيع الأغبياء رؤيتها، قال الملك في نفسه: إنّها فرصة لكي أستطيع معرفة من الحكيم من المقرّبين والمستشارين حولي، فطلبوا من الملك أن يحضر لهم القماش المصنوع من الحرير، وبعض العدد الأخرى، وطلبوا منه مهلة لحياكة ثياب مميّزة.
بدأ المحتالون بالتظاهر بأنّهم يقومون بحياكة الملابس، واحتفظوا بالأموال والحرير في صناديقهم، وعندما رأى، المستشارون والمقرّبون من الملك ذلك، شعروا بالخوف الكبير وقالوا في أنفسهم: ماذا سيحصل لنا لو لم نستطع أن نرى ملابس الملك الجديدة؟
عندما اقترب موعد استلام الملابس أرسل الملك وزيره لكي يتأكّد من جودة الملابس قبل استلامها، كان الوزير قد سمع عن قصة المحتالين، وكان خائفاً من عدم قدرته على رؤية الملابس لكي لا يقوم الملك بطرده، وعندما ذهب إلى هؤلاء الرجال، لم يستطع رؤية أي شيء، ولكنّه اضطر بالتظاهر أنّه قد رأى الملابس، فأبدى إعجابه وقال لهم: إنّها بالفعل ملابس ممتازة.
وعندما عاد إلى الملك وسأله عن الملابس، أجابه الوزير إنّها ملابس مميّزة وبنقوش رائعة، قرّر الملك بعد ذلك أن يرسل مستشاريه لرؤية الملابس، وحدث معهم الشيء نفسه؛ فعندما وصلوا لحجرة الحائكين أبدوا إعجابهم بالملابس، بالرغم من عدم رؤيتهم لأي شيء، وعندما عادوا للملك أخبروه بذلك أيضاً.
حان دور الملك للذهاب إلى حجرة الحائكين، وعندما وصل حجرتهم صار الحائكون يرحبّون بالملك، ويتظاهرون بأنّهم يمسكون الملابس بأيديهم ويظهرونها للملك، ولكن الملك عندما وجد أنّه لم يرى أي ملابس قال في نفسه: ربمّا سينقلب الأمر علي، وسيقومون بعمل انقلاب ضدي ويطردونني من الحكم، فاضطرّ أن يظهر إعجابه بتلك الملابس، وأعطاهم الكثير من النقود.
ظلّ أمر هؤلاء الحائكون مجهولاً، فالجميع كان يراهم وهم يقومون بتحريك أيديهم دون رؤية أي شيء، ولكن كان الجميع خائف من فقدان مناصبهم لدى الملك، وفي يوم من الأيام قرّر الملك أن يخرج في مسيرة، فجاء المحتالون وقاموا بمساعدته بارتداء تلك الملابس الوهمية، وسار الملك أمام شعبه وفجأةً صرخ طفل بصوت عالي: إن الملك لا يرتدي شيئاً، وقال الأب: إن الملك يرتدي ملابسه الداخلية فقط.
شعر الملك بالخجل وعاد إلى قصره يشعر بخيبة أمل كبيرة، أما المحتالون فقاموا بسرقة الأموال وسافروا بعيداً بها، ولم يكن في ذلك الوقت أي أحد يجرؤ على كشف خدعتهم.