قصة من أراد كل شيء يفقد كل شيء أو (GRASP ALL, LOSE ALL) قصه خيالية أدرجها أندرو لانغ في كتاب جنيات الزيتونة.
الشخصيات:
- داينا.
- لاينا.
- موش.
- كاهري.
قصة من أراد كل شيء يفقد كل شيء:
كان يعيش في مدينة معينة في الهند بائع نفط فقير يُدعى داينا ولم يكن بإمكانه الاحتفاظ بأي أموال في جيوبه، وفي أحد الأيام اقترض من مصرفي اسمه لاينا مبلغ مائة روبية، واتفق معه على إعادتها مع الفائدة التي يتقاضاها لاينا مع ديونه بمقدار ثلاثمائة روبية.
كان عمل داينا سيء للغاية ولم يتغير حاله السيء، ولم يكن لديه المال لسداد ديونه، لذلك كان لاينا غاضبًا جدًا وكان يذهب إلى منزل داينا كل مساء والاعتداء عليه لتحصيل دينه حتى أصبح الرجل الفقير قلقًا تقريبًا على حياته، وكان لاينا يتعمد زيارته بشكل عام عندما كانت زوجة داينا تطهو وجبة العشاء، لكي يجعل هذا المشهد يؤدّي إلى فقدان بائع الزيت الفقير وزوجته وابنته شهيتهما تمامًا، ولا يستطيعان تناول أي شيء.
استمر هذا لعدّة أسابيع، حتى في أحد الأيام، قال دينا لنفسه إنه لم يعد قادرًا على تحمله، وأنه من الأفضل أن يهرب وبما أنّ الرجل لا يستطيع الهروب بسهولة مع زوجته وابنته فقد اعتقد أنّه يجب أن يتركهما ورائه، وفي ذلك المساء بدلاً من أن يعود إلى منزله كالمعتاد بعد يومه من العمل، غادر المدينة دون أن يعرف جيدًا إلى أين يذهب.
في حوالي الساعة العاشرة من تلك الليلة، وصل دينا إلى بئر على جانب الطريق حيث وجد بالقرب منه شجرة بيبول عملاقة، ولأنّه كان متعبًا جدًا قرر أن يتسلقها ويستريح قليلًا قبل أن يواصل رحلته في الصباح، ثمّ لفّ نفسه بشكل مريح بين الأغصان العظيمة ونام بسرعة، وأثناء نومه التقطته بعض الأرواح التي كانت تتجول في مثل هذه الأماكن في ليالٍ معينة، والشجرة طارت معه بعيدًا إلى شاطئ بعيد حيث لا يعيش أي مخلوق، وهناك قبل شروق الشمس بوقت طويل، وضعوه.
عندما استيقظ بائع الزيت بدلاً من أن يجد نفسه في وسط غابة، اندهش من أنّه لا يرى سوى شاطئ النفايات والبحر الواسع، وكان يشعر بالرعب والدهشة، وبينما كان جالسًا محاولًا جمع نفسه، بدأ يجول بنظره هنا وهناك من الأضواء المتلألئة مثل الحرائق الصغيرة التي تتحرك وتتألق في كل مكان، وتساءل ما هي هذه الأضواء، ثمّ رأى واحدة قريبة جدًا منه لدرجة أنّه مد يده وأمسكها، ووجد أنّها حجر أحمر متلألئ بالكاد أصغر من حبة الجوز.
فتح زاوية من مئزره وربط الحجر فيها، وحصل على قطعة أخرى، ثم الثالثة والرابعة، وكلها ربطها بعناية في قطعة قماشه وأخيرًا عندما حلّ الصباح، ارتفعت الشجرة وحلقت بسرعة في الهواء و ثبتت مرة أخرى على البئر حيث كانت تقف في الليلة السابقة، وعندما تعافى دينا قليلاً من الخوف الذي سببته له التصرفات الغريبة غير العادية للشجرة، بدأ يشكر الله على أنّه على قيد الحياة، ولأنّ حبّه للتجول قد شفى تمامًا عاد إلى المدينة ومنزله، وهنا قابلته زوجته ووبخته بشدة، وهاجمته بمئة سؤال وتوبيخ.
ما إن توقف لالتقاط أنفاسها رد داينا: لدي هذا الشيء الوحيد لأقوله، انظري فقط إلى ما لدي! وبعد أن أغلق جميع الأبواب بعناية، فتح زاوية ثوبه الخاص وأظهر لها الحجارة الأربعة التي كانت تتلألأ وتومض وهو يقلبها مرارًا وتكرارًا، فقالت زوجته: الجمرات السخيفة! إذا كان هناك شيء نأكله، الآن سيكون هناك بعض الإحساس فيهم، ولكن ما فائدة مثل هذه الأشياء؟ وعندما جاء لاينا كالمعتاد لتقتحم داينا، كان منزعجًا إلى حد ما لأن ضحيته لم يكن في المنزل وقد أخاف المرأة المسكينة بسبب تهديداته.
ومع ذلك، سمع مباشرة أن داينا قد عاد، وظهرت له في المدخل لبضع دقائق تحدث إلى بائع الزيت بأعلى صوته، حتى تعب، ثم قال داينا: إذا كنت ستتنازل للدخول في مسكني المتواضع، فسوف أتحدث أليك فدخل لاينا، فقام بائع الزيت بإغلاق جميع الأبواب وفكّ زاوية ثوبه وأظهر له الحجارة الأربعة الكبيرة الوامضة، ثمّ قال: هذا كل شيء لدي في العالم لأواجهه في ديوني، لأنه كما تعلم ليس لدي فلس واحد، فقط هذه الحجارة الجميلة!
وعندما نظر لاينا ورأى في الحال أن هذه أحجار كريمة رائعة، وكان لعابه يسيل لهم، لكن بما أنّه لن يظهر أبدًا ما كان في ذهنه فقد تابع: ما الذي يهمني بشأن أحجارك الغبية؟ إنّ مالي هو الذي أريده، وديني الشرعي الذي تدين لي به وسأخرجه منك بطريقة أو بأخرى، أو سيكون أسوأ بالنسبة لك.
رغم كل توبيخه، لم يستطع داينا الإجابة عن أي شيء بل جلس ويداه متلاصقتان معًا متوسلاً وطالبًا الصبر والشفقة. وقد ادعى لاينا مطولاً أنّه بدلاً من أن يكون له دين معدوم فإنه مع ذلك سيخسر بأخذ الحجارة بدلاً من ماله، وبينما كاد داينا يبكي بامتنان كتب إيصالًا بثلاثمائة روبية، ولف الحجارة الأربعة بقطعة قماش ووضعها في حضنه وانطلق إلى بيته.
فكر لاينا الجشع: كيف سأحول هذه الياقوت إلى نقود؟ وهو يسير إلى بيته و لم يجرؤ على الاحتفاظ بها، لأنّها ذات قيمة كبيرة، وإذا سمع الراجا أنّ لديّه مثل هذا الكنز، فمن المحتمل أن يضعه في السجن بتهمة باطلة ويصادر الحجارة وكل ما لديه أيضًا، وكان يقول: يا لها من صفقة حصلت عليها! أربع ياقوتات تساوي فدية الملك لمائة روبية! حسنًا، يجب أن أحذر حتى لا أكشف سري.
وواصل وضع الخطط في الوقت الحالي، ثمّ قرّر ما يجب فعله وارتدى أنظف ملابسه وانطلق إلى منزل رئيس الوزراء، واسمه موش وبعد أن وصل إليه، أخرج الياقوت الأربعة ووضعها أمامه، فلمعت عينا الوزير وهو ينظر إلى الجواهر الرائعة، ثمّ قال: حسنًا، حقًا لا يمكنني شرائها بقيمتها الحقيقية، ولكن إذا كنت ترغب في ذلك، فسأعطيك عشرة آلاف روبية للأربعة.
فوافق المصرفي بامتنان على ذلك وقام بتسليم الحجارة مقابل الروبية، وهرع إلى المنزل وشكر حظه على أنه قاد مثل هذه الصفقة المعقولة وحصل على مثل هذا الربح الهائل، وبعد رحيل لينا بدأ الوزير يفكر في ذهنه ما يجب أن يفعله بالأحجار الكريمة وسرعان ما قرر أن أفضل ما يجب فعله هو تقديمها إلى الراجا الذي كان اسمه كاهري دون أن يضيع لحظة، فذهب في ذلك اليوم إلى القصر وسعى لإجراء مقابلة خاصة مع الراجا، ولما وجد نفسه وحده مع سيده الملكي، أحضر المجوهرات الأربعة ووضعها أمامه.
قال الراجا: أوه، هذه جواهر لا تقدر بثمن وقد أحسنت في إعطائي إياها، في المقابل أعطيك أنت وعائلتك عائدات عشر قرى، كان الوزير مبتهجًا بهذه الكلمات، لكنّه لم يفعل سوى طاعت الراجا، وبينما كان الملك يضع الياقوت في عمامته، أسرع الوزير مبتعدًا مبتهجًا بفكرة أنه مقابل عشرة آلاف روبية أصبح سيدًا لعشر قرى، و كان الراجا أيضًا سعيدًا بنفس القدر، وسار بمجوهراته الجديدة إلى أماكن النساء وأظهرها للملكة التي كانت على وشك فقدان عقلها بفرحة.
ثم، بينما كانت تقلبهم بين يديها مرارًا وتكرارًا، قالت: آه، إذا كان لدي ثماني جواهر أخرى من هذا القبيل يا لها من قلادة ستصنعها! أحضر لي ثمانية منهم وإلا سأموت، فصاح الراجا: غير معقول، أين يمكنني الحصول على ثماني مجوهرات أخرى كهذه؟ أعطيت مقابلهم عشر قرى وأنت غير راضية! قالت الملكة: هل تريدني أن أموت؟ بالتأكيد يمكنك الحصول على المزيد من أين أتت بهذه؟ ثم بدأت في البكاء حتى وعدها الراجا أنّه في الصباح سوف يتخذ الترتيبات للحصول على المزيد من هذا الياقوت، وإذا كانت صبورة فسيحضرهم لها.
في الصباح أرسل الراجا إلى الوزير، وقال إنّه يجب أن يتمكن من الحصول على ثمانية ياقوتات أخرى مثل تلك التي أحضرها له في اليوم السابق، وإذا لم يفعل فسوف يشنقه، فصر ولكن احتج الوزير الفقير عبثًا أنه لا يعرف من أين يطلبهم، ولكن لم يستمع سيده إلى كلمة قالها، وقال: لا يجب أن تموت زوجة الراجا من أجل القليل من الياقوت! احصل على المزيد من حيث أتى هؤلاء.
غادر الوزير القصر وهو في حيرة من أمره، وأمر عبيده بإحضار لاينا أمامه، وقال له: أحضر لي ثمانية ياقوتات أخرى مثل تلك التي أحضرتها بالأمس بأمر الوزير، أرجوك احصل عليهم مباشرة ثمانية أو أكثر وكن سريعًا، أو أنا سأكون في عداد الأموت، فصرخ لاينا: ولكن كيف يمكنني؟ الياقوت مثل هذا لا ينمو على الشجيرات! فقال الوزير: كيف حصلت عليهم؟ قال المصرفي: من داينا بائع النفط.
أجاب الوزير: حسنًا، أرسل له واسأله من أين حصل عليها، ثمّ تم إرسال المزيد من العبيد لاستدعاء داينا، وعندما وصل داينا تمّ استجوابه عن كثب، ثم بدأ الثلاثة بالنقاش حول طلب الراجا، وأخبره داينا القصة كاملة، فسألوه: في أي ليلة كنت قد نمت في شجرة البيبولا؟ قال داينا: لا أستطيع التذكر،لكن زوجتي ستعرف.
ثم تم إرسال طلب لزوجة داينا من أجل سؤالها، وأوضحت أن ذلك كان في يوم الأحد الأخير من القمر الجديد، وكان يعلم الجميع الآن أنّه في يوم الأحد من القمر الجديد، تتمتع الأرواح بقوة خاصة لتلعب وتمزح مع البشر، لذلك نهاهم الراجا جميعًا تحت تهديد الموت، أن يقولوا كلمة لأحد أو أن يخبروا أحد بذلك، وأعلنوا أنّه في يوم الأحد القادم من القمر الجديد سيذهب أربعة منهم، كاره وموش ولاينا وداينا ويجلسون في شجرة البيبولا ويرون ما حدث.
استمرت الأيام إلى يوم الأحد المحدد، وفي ذلك المساء التقى الأربعة سراً ودخلوا الغابة ولم يكن لديهم الكثير ليقطعوه قبل أن يصلوا إلى الشجرة التي صعدوا إليها كما خططت الراجا في منتصف الليل، ثمّ بدأت الشجرة تتمايل وتتحرك في الهواء، ثمّ همس داينا: “انظر يا سيدي، الشجرة تطير!
فقال الراجا: نعم، نعم، لقد قلت الحقيقة والآن اجلس بهدوء وسنرى ما سيحدث، فطارت الشجرة بعيدًا مع الرجال الأربعة الذين تمسّكوا بأغصانها بإحكام إلى أن سقطت أخيرًا على ضفاف البحر حيث سقطوا في بحر واسع على شاطئ صحراوي،ثمّ بدؤوا في رؤية نقاط صغيرة من الضوء تتلألأ مثل الحرائق من حولهم، ثم فكر داينا في نفسه: في المرّة الأخيرة أخذت أربعًا فقط كانت قريبة مني وفي المقابل تخلصت من كل ديوني،هذه المرّة سآخذ كل ما يمكنني الحصول عليه وأكون ثريًا!
فكر لاينا: إذا حصلت على عشرة آلاف روبية مقابل أربعة أحجار، فسوف أجمع أربعين الآن لنفسي وأصبح غنيًا لدرجة تجعلني على الأرجح وزيرًا على الأقل! ثمّ قال الوزير: لأربعة حجارة تلقيت عشر قرى، والآن سأحصل على حجارة تكفي لشراء مملكة، وأصبح راجا وأوظف وزراء لنفسي!
وفكر كهرا: ما فائدة الحصول على ثمانية أحجار فقط؟ لماذا، إليك ما يكفي لصنع عشرين قلادة والثروة تعني القوة! نزل كل واحد من الشجرة وهو مليئًا بالجشع والرغبة وفتح قماشه، وانطلقوا إلى هنا وهناك لالتقاط الجواهر الثمينة وكل واحد ينظر من فوق كتفه ليرى ما إذا كان جاره أفضل حالًا منه، فكانوا منغمسين في تجارة جمع الأموال حتى أنّ الفجر جاء على حين غرة، وفجأة نهضت الشجرة مرة أخرى وحلقت بعيدًا، تاركة إياهم على شاطئ البحر يحدقون بها وكل منهم معه قطعة قماش ثقيلة بجواهر لا تقدر بثمن.
حل الصباح في المدينة، وكان الذعر في القصر عظيماً عندما أعلن الخادمات أن الراجا قد خرج في المساء السابق ولم يعد، فقال واحد من الخدم: كل شيء على ما يرام! سيعرف الوزير مكانه لأنّه كان رفيق الملك، ثم ذهبوا إلى بيت الوزير وهناك علموا أن الوزير قد تركه في المساء السابق ولم يعد، قال الخادم: بقي لاينا المصرفي سيعرف مكانه، لأنّه كان معه.
ثم زاروا منزل لاينا وهناك علموا أن المصرفي قد خرج في المساء السابق وأنه هو الآخر لم يعد، لكن العتال قال لهم إنّه كان برفقة داينا بائع الزيت حتى يعرف مكانهم وعندما ذهبوا لبيته، وقابلتهما زوجة دينا في سيل من التوبيخ والنحيب لأنّ داينا أيضًا كان قد ذهب في المساء السابق إلى منزل لاينا ولم يعد، وعبثًا انتظروا، وفتشوا ولم يعد أي من الأربعة التعساء إلى منازلهم، وكانت الحكاية المشوشة التي روتها زوجة دالاينا هي الدليل الوحيد على مصيرهما.
وحتى يومنا هذا عندما تجاوز كل رجل منهم جشع نفسه، وبدأ يقول الناس: لقد فقد كل شيء! من أراد كل شئ، لا داينا ولا لاينا ولا موش ولا كاهري باقون.