الضحك هي وسيلة يعبر فيها الإنسان عن سروره وبهجته في تلك الحياة، فلا يمكن للإنسان أن يعيش بلا ضحك، فحس الفكاهة هي موهبة يمتلكها بعض الناس دون عن غيرهم، حيث أن التراث الأدبي العربي يحتوي على الكثير من الحكايات والطرائف الأدبية المضحكة والمسلية، ومن تلك الحكايات والقصص قصة هارون الرشيد وأبو نواس مع الرهان.
قصة هارون الرشيد وأبو نواس مع الرهان
في يوم من تلك الأيام الجميلة قال هارون الرشيد لأبي نواس: هل تقبل يا أبا نواس أن تأخذ مبلغ ألف دينار مقابل أن تنام فوق القصر دون غطاء ولا أي وسيلة تكون مصدر دفء لك؟ قال أبو نواس في خاطره: سوف أوافق هذا الشرط وحال ما يخلد الأمير إلى النوم، أنزل من أعلى القصر وأنام في فراشي الدافئ، قال أبو نواس للخليفة بصوت مسموع: أقبل ذلك الشرط أيها الخليفة.
وعند قدوم الليل عرج أبي نواس سلم القصر ليصل إلى أعلى نقطة في القصر، وإذ بالبرد القارص يأتي من كل الاتجاهات، بدأ أبا نواس يشعر ببرودة شديدة تلامس أطراف جسده بالتدريج، فلم يقدر أبا نواس على النوم، وفي فجر اليوم المقبل أتى هارون الرشيد على أبي نواس وسأله قائلاً: ألم تدفأ خلال الليل يا أبا نواس؟ قال له أبو نواس بتعجب وكيف أدفئ يا أيها الخليفة وأنا بلا غطاء وبلا شيء يَقي جسدي من برودة هذا الجو! سأله الخليفة: ألم تر ضوء أو أي شعلة؟ قال أبو نواس: لا يوجد ضوء إلا ضوء الفجر أيها الخليفة!
قال أمير المؤمنين: لم تكسب الشرط يا رجل، فهذا الضوء كان سبب في خسارتك، سكت أبو نواس وقبل بالكمين الذي أوقعه الخليفة به ولم يتحدث شيء، وبعد عدة أيام قام أبو نواس بدعوة الخليفة على العشاء في أرضه الجميلة، حيث قَبِل الخليفة تلك الدعوة، ذهب الخليفة إلى المزرعة ومعه حشد من الجنود، انتظروا فترة كبيرة من الزمن ولم يأتي ذلك العشاء.
قال الخليفة: أين عشاؤك يا أبا نواس؟ قال: إنه على الحطب أيها الخليفة، وبعد مدة من الزمن قال الخليفة لأبي نواس: خذني إلى مكان طبخ الطعام يا أبا نواس، فلما ذهبوا إلى مكان طبخ الطعام، وإذ بالقدر معلق على السور العالي والنار الموقدة على الأرض، قال أمير المؤمنين بتعجب: وكيف سينضج ذلك العشاء والنار بعيدة عنه؟! قال أبو نواس: وكيف سأدفأ على ضوء الفجر يا أمير المؤمنين؟! تعجب الخليفة من حيلة وذكاء أبي نواس وأمر له بنقود ذلك الشرط.
ومن هنا ندرك حيلة أبي نواس وذكاءه، فقد طلب الخليفة هارون الرشيد من أبي نواس أن يبيت أعلى القصر دون أي وسيلة دفء له مقابل حصوله على ألف دينار، وبعد أن قبل أبي نواس بهذا الرهان وعمل به، فقد رفض الخليفة أن يعطيه مبلغ الرهان بحجة أن ضوء شمس الفجر كانت له وسيلة للدفء.