قصة 127 ساعة

اقرأ في هذا المقال


هناك أعداد هائلة من القصص التي تناولت في مضمونها الحديث عن قصص حقيقية وواقعية حدثت بالفعل، وأكثر ما كانت تلك القصص تتعلق بتناول موضوع المغامرات، فهناك أعداد هائلة من الأشخاص الذين يمتلكهم الشغف في خوض المغامرات، ولكن مما هو معروف عن المغامرة أنها تضفي شيء من الذكريات الجميلة للمغامر، ولكن هل من الممكن أن تكون مأساة وكابوس له؟ تابع معنا عزيزي القارئ القصة للنهاية لنرى ما حدث مع بطل قصتنا لهذا اليوم.

قصة 127 ساعة

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في بداية الألفية الثانية في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أنه في يوم من الأيام قرر أحد الشباب والذي يدعى أرون رالستون أن يقوم بمغامرة لا ينساها مدى حياته، وقد كان أرون من الشباب الطموحين والجامحين وأول ما بدأ بمغامرته قام بقيادة دراجته النارية التي تعود ملكيتها له، وأخذ يسير باتجاه صحراء تعرف باسم صحراء يوتاه وهي ما كانت تابعة إلى المناطق الغربية من الولايات المتحدة الأمريكية، وقد كانت تلك المسافة تقدر بحوالي سبعة عشر ميلاً.

وفي تلك الأثناء كان أرون يشق الطرق بمفرده وبين الحين والآخر يفتح ذراعيه على مصرعيها من شدة السعادة التي تغمره؛ وقد كان السبب الذي يكمن خلف تلك السعادة حسب وصفه بأنها أروع مغامرة في حياته بأكملها، وقد تمكن أرون من الوصول إلى سلسلة الجبال التي عزم على تسلقها، وفي تلك اللحظات وخلال مروره عبر الوديان شاهد فتاتان تريدان تسلق تلك السلسلة من الجبال، فقام أرون بإرشاد الفتاتان إلى الطريق الصحيح، كما أنه قام وعرض على الفتاتان أن يصحبهما معه في جولة جميلة عبر وديان الجبال، وبالفعل وافقت الفتاتان وذهبتا معه في جولته الرائعة وقد أمضوا جميعهم هناك وقتًا ممتعاً.

وطوال تلك المغامرة كان أرون يوثق كل شيء من خلال مجموعة الكاميرات الخاصة به، ففي كل مكان يصل إليه يقوم بالتقاط العديد من الصور التذكارية، وبعد أن مر بكافة الوديان وأنزل الفتاتان في المكان الذي رغبتا بالنزول به انطلق لوحده مسرعًا باتجاه سلسلة الجبال، فقد كانت رغبته الجامحة تدفع به إلى اكتشاف وتسلق أعلى قمة على تلك السلسلة، وبالفعل أخذ أرون بتسلق الجبال ومشاهدة المناظر الجميلة والخلابة التي كانت تحيط به من كافة الجوانب، ولكنه ما حدث معه بشكل مفاجئ هو أنه انزلق في أحد الأودية الضيقة جداً.

وما زاد الأمر سوءًا في تلك اللحظة هو أنه وقعت صخرة يبلغ وزنها ما ثمانية أرطال على يد أرون من الجهة اليمين، وبذلك أصبحت يده محشورة ولا يمكنه تحريكها على الإطلاق، كان الوضع بالنسبة إليه مزري للغاية ورهيب فهو أصبح معلق في وادي ضيق وعلى يده تقع صخرة تسببت في حبسه هناك ومنعته من الحركة، وبذلك تكون قد تحولت مغامرته بذلك إلى أسوا كابوس يمكن أن يواجه الإنسان.

ومنذ تلك اللحظة تبدأ معاناته، كما أدرك أن حقيبته ليس بها سوى زجاجة من الماء صغيرة وكمية بسيطة من الطعام، بالإضافة إلى سكين صغيرة غير حاد وكاميرته التي اعتاد حملها معه من أجل توثيق مغامراته، وقد بقي أرون عالق في هذا المكان لفترة دون أن يصل أو يعلم بمكانه أي أحد، كما أنها لم يقوى على تخليص نفسه من تلك المشكلة، على الرغم من أنه حاول مراراً وتكراراً، إلا أن جميع محاولاته باءت بالفشل.

وفي يوم من الأيام كانت زجاجة الماء التي بحوزته قد أوشكت على النفاذ، إذ كان قد مرّ على تواجده في ذلك المكان وعلى هذه الحال ما يقارب خمسة أيام، وفي لحظة من اللحظات أخذ أرون بالغرق في خضم ذكرياته في الماضي وسرح بخياله بعيدًا عن هذا الواقع المرير الذي يعيشه، وفي نهاية الأمر رأى أنه أفضل حل لما هو عليه أن يقوم ببتر يده بتلك السكين الصغير غير الحادة التي بحوزته؛ وذلك من أجل أن يحرر نفسه من هذا الموت المحتوم في حال بقي في ذلك المكان.

وبالفعل منذ تلك اللحظة بدأ ببتر يده وقد استغرق معه ذلك الأمر ما يقارب على خمس ساعات متتالية، والتي من خلال تلك الخمسة ساعات ظهرت على ملامح وجه أعظم معاناة يستطيع الإنسان تحملها، وكل دقيقة من تلك الساعات الخمس كان يوثقها من خلال كاميرته الخاصة، وبعد انقضاء تلك المدة تمكن من تحرير نفسه وتخليصها من ذلك الكابوس المخيف الذي كان يعلق به.

ثم بعد ذلك توجه أرون إلى المناطق العالية من تلك الجبال من أجل محاولة البحث عن أي مخرج للنجاة بنفسه، ولكن في تلك اللحظات كان بالكاد يقوى على المسير، فقد كان جسده متهالك، وأول ما وصل إلى المناطق العائلة قابل واحدة من العائلات من أصول هولندية كانت في تلك اللحظة تقوم بجولة في المنطقة، وأول ما شاهدته تلك العائلة على هذه الحالة على الفور قدموا له المساعدة وأعطوه المياه ليشرب ثم سرعان ما اتصلوا وطلبوا سيارة الإسعاف، وهكذا تمكن أون من أن ينجو بقصة ملحمية للصمود.

وحينما تم إيصال أرون إلى المستشفى أخذ دفتر مذكراته وأخذ بالكتابة به حول تلك المغامرة التي خاضها، إذ أشار إلى أنه لا يمكن لأي شخص أن يتصور مدى الألم الذي كان يشعر به وعاناه خلال تلك الفترة، كما أضاف إلى أن اللحظة التي قام تمكن بها من بتر يده وتحرير نفسه من ذلك الموت المحتم كانت في الحقيقة هي أسعد لحظة في حياته.

كما أشار إلى أنه من المؤكد كان شديد الحزن على فقدانه لذراعه، ولكن لم يكن ذلك الحزن يوازي فرحته بالنجاة، كما أشار كذلك إلى أنه قام بتسلق الوادي الذي كان في الأعلى بالاعتماد على ذراع واحدة فقط، على الرغم من أن المسافة كانت تقارب على العشرين متر، ثم بعد ذلك سار على قدماه لمسافة تقدر بحوالي ثلاثة عشر كيلومتر، إلى أن ابتسم له الحظ في النهاية وقابل عائلة كانت تقضى إجازتها في تلك المنطقة، ومن خلال مساعدتهم تم نقله في البداية بمروحية إلى المستشفى من أجل تلقي العلاج.

وما كان غريب في تلك القصة هو أن أرون عاد لذات المكان بعد فترة بسيطة لم تتجاوز الستة أشهر؛ ولكن ما دفعه لذلك هو رغب في استعادة ذراعه، كما أنه لم يتخذ المكان على أنه نذير شؤم بسبب الحادث، وفوق ذلك كله لم ينقص شغفه وحبه لتسلق الجبال، واستمر أرون في ممارسة مغامراته وهواياته، ولكنه أشار إلى أنه بالتأكيد تعلم درسًا من ما حصل معه في أن يبلغ عن وجهته أينما ذهب وأن يستعد جيدًا ويحمل معه كل ما يحتاجه في رحلته حتى لا يقع فريسة لسوء الحظ ومفاجآت السفر مرة ثانية.

المصدر: كتاب من روائع الأدب الأمريكي المعاصر - توني موريسون - 2014


شارك المقالة: