قصة جحا مع السلطان تيمورلنك

اقرأ في هذا المقال


جحا له الكثير من القصص مع السلاطين، وكان والي البلدة يستدعي جحا في كثير من الأحيان من أجل سماع قصصه الشيقة، وأحياناً من أجل عمل تحدّي ما، وفي هذه القصة تحكي عن تحدي بين جحا والسلطان ويستطيع جحا أن ينتصر به كعادته.

جحا والسلطان تيمورلنك:

كان جحا يسكن في قرية وكان سلطان هذه القرية يسمّى تيمورلنك، وكان هذا الحاكم ظالم جدّاً، وفي مرة من المرات أراد هذا الحاكم أن يقوم بتحدي لأهل البلدة، فأحضر كتاباً للطبخ وبه الكثير من الوصفات المختلفة للطعام، وكان يطلب من أهل القرية أن يضعوا بهذا الكتاب كل الوصفات المميّزة  للطعام التي يعرفونها، وبدأ الرجال في القرية بالتوافد على رجال السلطان لكي يعطونهم ما يعرفون من وصفات للطعام.

سمع جحا بالتحدي وقال في نفسه: لماذا لا أقوم باختراع وصفة خاصة بي لأي نوع من الطعام وأذهب وأعطيها للسلطان، فذهب جحا بالفعل للرجل الذي يأخذ الوصفات من رجال القرية، فقال له جحا: أنا لدي وصفة لأكلة الثوم بالعسل، قال له الرجل: حسناً أعطني الوصفة الخاصة به، قال له جحا: تحضر القليل من الثوم ثم تقشره وتقوم بتقطيعه وتقليبه مع العسل، وهذه الأكلة لها الكثير من الفوائد، ظن هذا الرجل أن مقالة جحا حقيقية فوضعها بالكتاب ثم ذهب به للسلطان.

أخذ السلطان هذا الكتاب الذي امتلأ بوصفات الطعام المختلفة، وأعطاها للطبّاخ وقال له: أريدك أن تصنع لي طعاماً مختلفاً كل يوم، وعندما تعجبني الوصفة سأعطي لصاحبها جائزة كبيرة، وإذا لم تعجبني سأقوم بقطع رأسه، بدأ طباخ السلطان بصنع هذه الوصفات حتّى وصل لوصفة جحا فقام بعمل الثوم مع العسل ووضعها للسلطان، وعندما أكلها السلطان استاء كثيراً من سوء طعمها وسأل عن صاحبها، فقال له الرجل: إنّه جحا، كان هذا السلطان يظلم ويسفك الدماء فقام بالحكم على جحا بأن يقتل بشكل مباشر.

ذهب الحرس ليبحثوا عن جحا وعندما وجدوه قالوا له: تعال معنا يا جحا فالسلطان يريدك، فرح جحا وظن أن السلطان يريد أن يكافئه بجائزة كبيرة، فذهب معهم للسلطان وهو فرحاً، وعندما وصل للسلطان وجدوه نائماً فطلبوا من جحا الانتظار لحين أن يستيقظ الملك، ولكن جحا طلب منهم أن يوقظوه فهو في عجلة من أمره، فقالوا له: نحن لا نستطيع أن نجرؤ على إيقاظ السلطان بل نتركه ليستيقظ لوحده، فقال لهم جحا: إذاً أعطوني الجائزة ودعوني أذهب، قالوا له: إن أوامر السلطان أن نحضرك إلى هنا فقط.

بينما جحا بانتظار السلطان أن يستيقظ إذ نهق حماره بصوت عالي، واستيقظ السلطان على صوت هذا الحمار، فقام السلطان غاضباً وقال: ما هذا الصوت، فأخبره رجاله أن هذا صوت حمار جحا، غضب السلطان وقال: لماذا أحضرتم حمار جحا معه؟، قالوا له: إن جحا يقول أن هذا حماراً ليس عادياً بل هو حماراً مسخوط  وممسوخ من السلطان القديم، فسألهم السلطان عن سبب هذا، قالوا له: إن هذا الحمار كان حارس للسلطان القديم ولكن السلطان غضب منه ومسخه إلى شكل حمار، وأراد جحا أن يري السلطان تيمورنلك هذا الحمار لعله يشتريه منه.

ولكنَّ هذه ليست الحقيقة وليس ما قاله جحا، ولكن قال الحراس هذا الكلام من شدة ارتباكهم وخوفهم من السلطان، لأنهم أحضروا جحا بحماره وكانت الأوامر بإحضار جحا لوحده، غضب السلطان ومسك سيفه وذهب مسرعاً لقتل جحا مع حماره، وعندما رآه جحا ابتسم وقال له: أنا أعتذر منك يا سيدي ولكنّ هذا الحمار لا يفهم، فهو أراد أن يهتف فرحاً باسمك، عندما رآه السلطان كذلك قال له: من أنت؟ فأجابه جحا: أنا مقهور البر والبحر أتيت إلى قاهر البر والبحر، فسأله السلطان: وهل تعرف لغة الحمير وفهمت أن حمارك يهتف باسمي؟، فأجابه جحا: نعم، قال له السلطان: لقد أمرت بقتل العلماء والحكماء بهذه البلدة فكيف لم يقتلوك يا جحا فأنا كما وصفتني قاهر البحرين والبرين، وما هي قصة حمارك الذي سخطه السلطان الذي كان قبلي؟، فاعتذر منه جحا ولم يقل شيئاً.

غضب السلطان وقال لجحا: أنا قد أمرت بقتلك لسوء وصفتك، وأمر بإحضار الثوم والعسل ليأكله جحا كله، فأكل جحا وأصبح يأكل ويحفي سوء طعمه وقال للسلطان: الناس أذواق يا سيدي ولولا اختلاف الأذواق لبارت السلع، أعجب السلطان بحجة جحا وكلامه، فأراد أن يعمل اختبار لجحا ليتأكد هل هو عالم أم لا، وقال له انتظرني يا جحا أنت وحمارك لليوم التالي، فقال له جحا: أخاف أن ينهق حماري ويوقظك من نومك، فسمح له السلطان بالذهاب بمنزله على أن يأتيه اليوم التالي عصراً.

ذهب جحا لمنزله ولم يستطيع النوم في تلك الليلة، فكان كلما يغفو يحلم بأن السلطان يقتله، وفي اليوم التالي جاء رجال السلطان لأخذ جحا ولكنه قال لهم: موعدي مع السلطان ليس الآن وإنما العصر، قالوا له: لقد أمر السلطان بإحضارك الآن، خاف جحا وقال: إنا لله وأنا إليه راجعون، وعندما وصل للسلطان قال له: هل أنت جاهز يا جحا للاختبار؟، قال له جحا: يا سيدي لقد كان موعدنا في العصر، قال له السلطان: أنا أريد اختبارك الآن، وهنا يوجد عالمين أريد أن أسأل كل منكما أسئلة لأحكم من سيموت ومن سيبقى، فسأل السلطان العالم الأول وقال له: ما رأيك بي هل أنا عادل أم ظالم؟، قال له العالم: بل أنت عادل، فقال له السلطان: أنت ترى أنني عادل فإذاً لقد حكمت عليك بالموت، وأنا سأقتلك وأنا مرتاح الضمير فأمر به فقطعوا رأسه.

فسأل العالم الثاني نفس السؤال فأجاب: أنت حاكم ظالم، فقال له السلطان: أنا حاكم ظالم فإذاً سآمر بقتلك، فأمر به فقتلوه كذلك، جاء الدور لجحا وسأله نفس السؤال، فكر جحا واحتار بماذا سيجيبه، وقال في نفسه أنه حاكم ظالم وظلوم، فقرر جحا أن يجيبه فقال له: أنت ليس عادل ولا ظالم، فاستغرب السلطان لإجابته وقال له: كي يكون ذلك؟، قال له جحا: أنت سيف قد سلطه الله علينا بذنوبنا، فأنت سيف ليس عادل ولا ظالم، أعجب السلطان بإجابة جحا، فقال له السلطان: لو كنت أنا من السلاطين الذين سموهم باسم مع كلمة الله مثل، الواثق بالله والمنتصر بالله والمعتصم بالله، فماذا تعطيني اسماً مثل ذلك.

قال له جحا: أعطيك اسم العياذ بالله وضحك، فغضب السلطان منه ولكن جحا قال له: هذا اسم عظيم، فسأله السلطان: ما رأيك يا جحا هل سأذهب للجنة ام للنار في يوم القيامة؟، قال له جحا: بل ستحشر مع العظماء مثل فرعون والنمرود وهولاكو، فغضب السلطان وقال له: إذاً هل أنا بالنار؟ قال له جحا: أنت من تختار يا سيدي هل تريد أن تكون مع فقراء الحنة أو عظماء النار؟، فنجح جحا بالاختبار ونجا من عقاب الحاكم الظالم لأنّ يوقعه بالخطأ.


شارك المقالة: