قصيدة - أتفنى ابتسامات تلك الجفون

اقرأ في هذا المقال


مناسبة قصيدة “أتفنى ابتسامات تلك الجفون”:

أمَّا عن مناسبة قصيدة “أتفنى ابتسامات تلك الجفون” فيروى أنّ الشاعر أبو قاسم الشابي خرج في ليلة من اليالي الصيفية المظلمة من قريته إلى مكان فيه سكون، فأخذ يمشي وحده بين أشجار الزيتون، ثم ذهب إلى مكان مرتفع، وكان هناك مدافن القرية التي يعيش فيها.

وبينما هو بين القبور الخرساء تحت ضوء النجوم، جلس أبو قاسم الشابي يتحدث عن كل شيء ومنها عن تفاهة وسخافة الحياة وجلال الموت وعظمته، فالشاعر في هذه اللحظة قد تملكه التعب والخوف؛ لأنّه طافت بنفسه الذكريات والأحلام فتقلبت صور الموت أمام عينه، وظهرت أمامه رسوم الحياة، وثقلت على قلبه الخواطر، وعندما ظهرت أمامه هذه الأحداث كتب قصيدة رائعة تحمل في طياتها معاني عذبة، وكانت هذه القصيدة بعنوان “حديث المقبرة”، ويقول فيها.

نص القصيدة “حديث المقبرة”:

أتفنى ابتِساماتُ تِلْكََ الجفونِ
ويَخبو توهُّجُ تِلْكََ الخدودْ

وتذوي وُرَيْداتُ تِلْكَ الشِّفاهِ
وتهوي إلى التُّرْبِ تِلْكَ النَّهودْ

وينهدُّ ذاك القوامُ الرَّشيقُ
وينحلُّ صَدْرٌ بديعٌ وَجيدْ

وتربَدُّ تِلْكََ الوُجوهُ الصِّباحُ
وفتنةُ ذاكَ الجمال الفَريدْ

ويغبرُّ فرعٌ كجنْحِ الظَّلامِ
أنيقُ الغدائرِ جَعْدٌ مَديدْ

وقال أيضاً:

تَبَرَّمْتَ بالعيشِ خوفَ الفناءِ
ولو دُمْتُ حيًّا سَئمتَ الخلودْ

وعِشْتَ على الأَرضِ مثل الجبال
جليلاً رهيباً غريباً وَحيدْ

فَلَمْ تَرتشفْ من رُضابِ الحياة
ولم تصطَبحْ من رَحيق الوجودْ

وقال أيضاً في نهاية القصيدة:

وهلْ ينطفي في النُّفوسِ الحنينُ
وتُصبحُ أَشواقُنا في خُمودْ

فلا تطمحُ النَّفْسُ فوقَ الكمالِ
وفوقَ الخلودِ لبعضِ المزيدْ

إِذا لم يَزُل شوقُها في الخلودِ
فذلك لعَمْري شقاءُ الجُدودْ

وحربٌ ضروسٌ كما قَدْ عهدنُ
ونَصْرٌ وكسرٌ وهمٌّ مديدْ

وإنْ زالَ عنها فذاكَ الفناءُ
وإنْ كان في عَرَصَاتِ الخُلودْ

التعريف بالشاعر “أبو قاسم الشابي”:

أمَّا عن التعريف بشاعر هذه القصيدة: فهو أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الشابي، ولد في تونس بقرية الشابية، ويعد أبو قاسم الشاعر من أفضل شعراء تونس، وكان قد تعلم العربية بمعهد الزيتوني في تونس وتخرج من مدرسة الحقوق.

أمَّا عن وفاته: فقد توفي شابًا، ودفن في قريته سنة “1929” ميلادي، له عدة دواوين شعرية ومنها (ديوان شعر) وكتاب (الخيال الشعري عند العرب)، و (آثار الاب) و (مذكرات).


شارك المقالة: