قصيدة - ألا لا تلوماني كفى اللوم ما بيا

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة “ألا لا تلوماني كفى اللوم ما بيا”:

أمّا عن مناسبة قصيدة “ألا لا تلوماني كفى اللوم ما بيا” فيروى بأن قبائل مذحج قامت بتجهيز نفسها، وجمعت حلفائها لقتال بني تميم، وكان جيشها جيشًا عظيمًا، فساروا إليهم، ووقع بينهم وبين بني تميم ما تسمّى بواقعة يوم الكلاب الثاني، ولكنّهم انهزموا في تلك الواقعة، وقتل منهم الكثير، كما قتل من بني تميم الكثير، وكان من بين المقتولين من بني تميم النعمان بن مالك بن الحارث بن جساس، وأسر بنو تميم عبد يغوث، وكان يومها هو قائد قبائل مذحج، وقرروا أن يقتلوه.

ولم يكن عبد يغوث من قتل النعمان بن مالك، وأراد أن يفدي بنفسه، فرفضوا ذلك، وقالوا: لقد قتلتم أحد فرساننا، ولم يقتل منكم فارس معروف، فسوف نقتلك به.

وكان قبل ذلك عندما تم إمساك به من قبل فتى من فتيانهم، أتته أم الفتى الذي أسره ” يدعى العبشمي نسبة إلى أحد فروع بني تميم ويدعون عبد شمس”، وكانت قد رأته رجلًا عظيمًا جميلًا جسيمًا، وقالت له: من أنت ؟، فقال لها: أنا سيد قومي، فضحكت عليه، وقالت له: قبح الله سيد قوم يأسره فتى أهوج، وتقصد بذلك ابنها، فرد عليها عبد يغوث ببيت من الشعر، قائلًا:

وتَضْحَكُ مِنِّي شَيْخَةٌ عبْشَمِيَّةٌ
كأَنْ لَمْ تَرَى قبْلِي أَسِيراً يمَانِيَا

ثم قال للمرأة: أيتها المرأة، هل تقبلين أن تساعديني ولك خير، فقالت له المرأة: وما هو؟، فقال لها: أعطيك مائة من الإبل ويأخذني إلى الأهتم ” وهو أحد سادات بني تميم”، فإنّي والله أخاف أن تنتزعني منه سعد والرباب ” وهم قبائل من تميم”، فقبلت بذلك، وأخذت الإبل، وانطلق الغلام إلى الأهتم، وأنشد عبد يغوث قائلًا:

أَأَهتَمُّ يا خَيرَ البَرِيَّةِ والِداً
وَرَهطاً إِذا ما الناس عَدّوا المَساعِيا

تَدارَك أَسيراً عانِياً في بِلادِكُم
وَلا تُثقِفني التَيمَ أَلقَ الدَواهِيا

ولكنّهم أخذوا منه الإبل، ولم يطلقوا سراحه، وبينما كان في الحبس، وقبل أن يقتلوه، قال لهم: أنتم تريدون قتلي، فدعوني أذم أصحابي، وأبكي على نفسي، فقالوا له: إنك شاعر، ونخاف أن تهجونا، فأقسم لهم أنّه لن يفعل ذلك، فأطلقوا لسانه، وأنشد قائلًا:

أَلاَ لا تَلُومَانِي كَفى اللَّوْمَ ما بِيَا
وما لَكُما في اللَّوْم خَيْرٌ ولا لِيَا

أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّ المَلاَمَةَ نَفْعُها
قليلٌ، وما لَوْمِي أَخِي مِن شِمَالِيَا

فَيَا راكِباً إِمَّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَنْ
نَدامَايَ مِن نَجْرَانَ أَنْ لا تَلاَقِيَا

أَبَا كَرِبٍ والأَْيْهَمَيْنِ كِلَيْهِمَا
وقَيْساً بِأَعْلَي حَضْرَمَوْتَ اليمَانِيَا

جَزَى اللهُ قَوْمِي بالكُلاَبِ مَلاَمَةً
صَرِيحَهُمُ والآخَرِينَ المَوَاليَا

ولو شِئْتُ نَجَّتْنِي مِن الْخَيْلِ نَهْدَة
تَرَى خَلْفَها الحُوَّ الْجِيَادَ تَوَالِيَا

ولكِنَّنِي أَحْمِي ذِمارَ أَبِيكُمُ
وكانَ الرِّماحُ يَخْتَطِفْنَ المُحَامِيَا

أَقُولُ وقد شَدُّوا لسانِي بِنِسْعَةٍ
أَمَعْشَرَ تَيْمٍ أَطْلِقُوا عن لِسَانِيَا

أَمَعْشَرَ تَيْمٍ قَدْ مَلَكْتُهُمْ فأَسْجِحُوا
فإِنَّ أَخاكمْ لم يَكُنْ مِن بَوَائِيَا

فإِنْ تَقْتُلُونِي تَقْتُلُوا بِيَ سَيِّدا ً
وإِنْ تُطْلِقُونِي تَحْرُبُونِي بِمَالِيَا

أَحَقًّا عِبَادَ اللهِ أَنْ لَسْتُ سامِعاً
نَشِيدَ الرُّعَاءِ المُعْزِبينَ المَتَاليَا


شارك المقالة: