نبذة عن الشاعر بشر بن أبي خازم:
أمّا عن شاعر هذه القصيدة فهو بشر بن أبي خازم الأسدي يعد شاعر من شعراء العصر الجاهلي فقد كان ممّن شارك في الحرب بين قبيلتي أسد وطيء، ولد في القرن السادس.
قصة قصيدة إنّي لأرجو منك يا أوس نعمة:
أمّا عن مناسبة قصيدة “إنّي لأرجو منك يا أوس نعمة” فيروى بأنّه في يوم اجتمعت وفود العرب عند النعمان بن المنذر، وكان من الحاضرين أوس الطائي فأمر النعمان بحلة تليق بالملوك، وقال للحاضرين: إنّي ملبس هذه لأكرمكم، وفي اليوم التالي حضر جميع من كان حاضرًا إلّا أوس الطائي، فذهب أحدهم إليه وسأله عن سبب تخلفه، فقال له: إن كانت الحلة لغيري فمن الأفضل لي أن لا أكون موجودًا، وإن كانت لي فسوف يقومون بطلبي، وعندما جلس ابن المنذر، لاحظ بأنّ أوس ليس موجودًا، فقال: اذهبوا إليه وقولوا له بأن يأتي، فحضر، وألبسه النعمان الحلة.
وعندما ألبس النعمان أوس الطائي الحلة، حسده بعض من الحاضرين على ذلك، وتوجهوا إلى الحطيئة، وقالوا له بأن يهجوه، ووعدوه بأنّ له ثلاثمائة ناقة إن هو فعل ذلك، فقال لهم: كيف أهجوه وأنا لا أرى شيئًا في بيتي ليس من ماله، ومن ثم قال لهم:
كيف الهجاء وما تنفك صالحة
من أهل لأم بظهر الغيب تأتيني
وعندما رفض الحطيئة أن يهجوه تبرع بشر بن أبي الخازم بأن يهجوه لهم، فأعطوه الثلاثمائة ناقة، فهجاه، وبالغ في ذلك، حتى أنّه قد أتى على ذكر أمّه، وعندما وصل أنس ما قاله به بشر طلبه، فهرب بشر إلى بني أسد، فقاموا بحمايته، فجمع أوس رجالًا من قبيلة طيء، وقاتل قبيلة أسد وانتصر عليهم، فهربوا، وكان مِن مَن هربوا بشر، وأخذ يذهب من حيٍ إلى آخر، ويطلب منهم أن يحموه من أوس فيرفضوا.
فقام بشر بالتوجه إلى جندب بن حصن الكلابي، واستجار به، وبينما هو عنده، أرسل أوس يطلبه منه، فقام جندب بإرساله إليه، وعندما وصله أشار عليه بعض أهله بأن يقتله، ولكن أمه أشارت عليه بأن يعيد له ماله ويطلق سراحه، ويعفو عنه، وعندها سوف يقوم بمدحه، وبذلك يغسل هجاءه مدحه، فخرج إليه، وقال له: ماذا تضن بأنّي فاعل بك؟، فأنشده بشر قائلًا:
وَإِنّي لَراجٍ مِنكَ يا أَوسُ نِعمَةً
وَإِنّي لِأُخرى مِنكَ يا أَوسُ راهِبُ
فَهَل يَنفَعَنّي اليَومَ إِن قُلتُ إِنَّني
سأَشكُرُ إِن أَنعَمتَ وَالشُكرُ واجِبُ
وَإِنّي قَد أَهجَرتُ بِالقَولِ ظالِماً
وَإِنّي مِنهُ يا اِبنَ سُعدى لَتائِبُ
وَإِنّي إِلى أَوسٍ لِيَقبَلَ عِذرَتي
وَيَعفُوَ عَنّي ما حَييتُ لَراغِبُ
فَهَب لي حَياتي فَالحَياةُ لِقائِمٍ
بشُكرِكَ فيها خَيرُ ما أَنتَ واهِبُ
فَقُل كَالَّذي قالَ اِبنَ يَعقوبَ يوسُفٌ
لإخوَتِهِ وَالحُكمُ في ذاكَ راسِبُ
فأطلق أوس سراحه، ورد عليه ما أخذه منه، وأعطاه المال والإبل، فمدحه بشر بقصية، قال فيها:
أتعرف من هنيدة رسم دار
بحرجي ذروة فإلى لواها
ومنها منزل ببراق خبت
عفت حقبا وغيرها بلاها