قصة قصيدة “أيا صاحب الذود اللواتي يسوقها”:
أما عن أبي نواس فهو الحسن بن هاني الحكمي، وهو شاعر من أهم شعراء العصر العباسي، ويعدّ من شعراء الثورة التجديدية، ولد في عام سبعمائة وإثنان وستون ميلادية وتوفي عام ثمانمائة وثلاثة عشر ميلادية في البصرة، ثم انتقل إلى بغداد وعاش بها، وكان من الشعراء الذين يبدون آراءهم بكل جرأة وصراحة.
وأما عن مناسبة قصيدة “أيا صاحب الذود اللواتي يسوقها” فيروى بأن الشاعر المخضرم أبو نواس خرج في يوم من الأيام يتمشى في أحياء الكوفة في اليوم السابق لعيد الأضحى وبينما هو في السوق مرّ بإعرابي جالس ومعه أغنام يريد أن يبيعها فذهب باتجاهه وعندما وصله قال له:
أيا صاحب الذود اللواتي يسوقها
بكم ذلك الكبش الذي تقدما
وعندها قام الأعرابي بالرد عليه ببيت شعر على نفس وزن بيته وقال له:
بِيعُكَهُ إن كنت تبغي شراءَه
ولم تكُ مزَّاحاً بعشرين درهما
وعندما سمع أبو نواس ردّ الأعرابي ورأى ما عنده من دهاء وفصاحة قال له:
أجدت هداك الله رجع جوابنا
فاحسن إلينا إن أردت تكرما
فرد عليه الأعرابي وقال له:
أحط من العشرين خمسا لأنني
أراك ضريفا فاقبضنه مسلما
ولم يعجب أبو نواس سعر الشاة فغادر من عند الأعرابي، وبعد أن انصرف أبو نواس من عنده أتى بعض الناس الحاضرين على هذه المفاصلة بالشعر بين الأعرابي وأبو نواس إلى صاحب الأغنام وقالوا له: هل تعرف من الذي كنت تفاصله على سعر الشاة، فقال لهم: لا والله إني لاأعرفه، فقالوا له: إنه أبو نواس.
وعندما عرف الأعرابي بأن الذي كان عنده هو أبو نواس أمسك بالشاة وأسرع بها لبيت أبي نواس وقال له: إني أقسم عليك بأن تأخذها هدية مني خالصة لك من دون مقابل وإلا والله سوف أترك كل أغنامي في الطريق، فما كان من أبي نواس إلا أن يأخذها.
وبعدها بوقت قام أبو نواس بالسؤال عن ها الرجل فقالوا له بأنه أعرابي من بلد تدعى باهلة، فقال في ذلك:
وباهلي من الأعراب منتخب
جادت يداه بوافي القرن والذنب
فإن يكن باهليا عند نسبته
ففعله قرشي كامل الحسب.