قصة قصيدة - ذريني ونفسي أم حسان إنني

اقرأ في هذا المقال


ما لا تعرف عن قصيدة “ذريني ونفسي أم حسان إنني”:

أمَّا عن التعريف بشاعر هذه القصيدة فهو: عروة بن الورد بن زيد العبسي، يعدّ من أهم شعراء الجاهلية وأيضاً شاعرًا من شعراء غطفان وأهم فرسانها وأيضاً يعد من شعراء الصعاليك الذين كانوا يأخذوا الأموال لإطعام الفقراء، أمََّا عن لقبه فلقب بعروة الصعاليك لأنَّه كان يجمعهم ويرأى ما عندهمعندما كانوا يخفقون في غزواتهم ويفعل هذا دون مقابل.

وقد جاء في “كتاب الأغاني” لأبي الفرج الأصفهاني – أن عروة بن الورد كان إذا حدث عزوة لدى أي قوم بشدة أو عزوة وإذا تركوا فيها المريض والكبير بالسن والضعيف منهم وبيوتهم فيذهب عروة بجمعهم ويساعدهم، توفي في سنة “594” ميلادي. جاء وهذا المقال خطاب عروة بن الورد لزوجته، قائلاً:

أقِلِّي عَلَيَّ اللِّوْمَ يا ابْنَةَ مُنْذِر
ونامِي فإنْ لم تَشْتَهي النَّومَ فاسْهَرِي

ذَرِيني ونَفسي أُمَّ حَسَّانَ، إنني
بها قبل أن لا أملك البيع مشتري

أحاديثُ تَبْقَى والفَتى غيرُ خالدٍ
إذا هو أمسى هامة فوق صير

تُجَاوِبُ أحْجَارَ الكِنَاسِ وتَشْتَكِي
إلى كلِّ معروفٍ تراهُ ومُنْكَرِ

أمَّا عن مناسبة هذه القصيدة فهي تبين حوارًا دار بين عروة بين الورد وزوجته “سلمى” عندما عاتبته زوجته لأنّه دائمًا الخروج إلى الحروب وتعريض نفسه للموت من أحل توفير للفقراء الطعام وترك عائلة خلفه، بدأ هذا الحوار بإظهار وجهة نظر كل منهما الآخر حيث يأمرها بأن تبقى هادئة البال وأن تخفف عليه من معاتبتها له ولا تخاف عليه من تلك الغزوات، فهو يريد أن يكون له صيت وذكر حسن وشأن عظيم بين الناس قبل أن يموت ولأن هذا يبقى بعد موت الإنسان، وهنا في هذه الأبيات يتخيل موته في إحدى الغزوات، وهذه التضحية تخلد له بعد موته، حيث قال تلك الأبيات.

تقول لك الويلات هل أنت تارك
ضَبُوءَاً بِرَجْلٍ تارة ً وبِمنسرِ

ومستثبت في مالك العام إنني
أرَاكَ عَلَى أقْتَادِ صَرْماءَ مُذْكِرِ

فَجُوعٍ بها لِلصَّالِحِينَ مَزِلَّة ٍ
مخوف رداها أن تصيبك فاحذر

أبى الخفض من يغشاك من ذي قرابة
ومن كل سوداء المعاصم تعتري

ومستهنيء زيد أبوه فلا أرى
له مدفعاً فاقني حياءك واصبري

جاءت هذه الأبيات التي تظهر بها صوت زوجته “سلمى” وهي تناقشه لكي تقنعه بالتوقف عن تلك الغزوات، وتحاول أن توصل له فكرة الألم النفسي وخوفها التي تعاني منه عليه وكأنها تقول له أشعر بي، وأيضاً تحاول بكل قوتها وبكل الوسائل أن تبين له خطورة الذي يفعله وأنه يرمي نفسه إلى التهلكة في تلك الغزوات، وتذكر له مثلاً واضحها قائلة أنه الذي يفعله يشبه الناقة التي لا تريد أن تعتني بصغارها وتقول له أن هذه الناقة تلد فقد الذكور وهذا أبشع عند العرب فعهي بموقف سقوط وانزلاق وهذا التشبيه التي ذكرته “سلمى” تعدّ مركز هلاك وسقوط، كما جاء في تلك الأبيات.

إذا المرء لم يبعث سوامًا ولم يرح
عليه ولم تعطف عليه أقاربه

فلَلمَوتُ خيرٌ للفَتى منْ حَياتِهِ
فقيراً ومن موْلًى تدِبُّ عقارِبُهْ

وسائلة ٍ: أينَ الرّحيلُ؟ وسائِلٍ
ومن يسأل الصعلوك أين مذاهبه

مَذاهِبُهُ أنّ الفِجاجَ عريضة ٌ
إذا ضَنّ عنه، بالفَعالِ، أقاربُه

فلا أترك الإخوان ما عشت للردى
كما أنه لا يتركُ الماءَ شاربُه

يعد شعر عروة بن الورد من أروع وأعظم شخصيات الشعر العربي الجاهلي، فكان له بصمته االخاصة في الشعر العربي القديم، حيث عرف عنه بالإنسانية ومثالاً للتضحية من أجل حياة الآخرين وأنه يعيش على مبدأ العدل والمساواة وقدرته على خوض المعارك والغزوات وأيضاً قدرته على تحصيل المال، كما جاءت في تلك الأبيات.

وهذه الأبيات التي يخاطب بها زوجته “سلمى” بأن يترك الغزوات ويأتي بالمال، فقال أجمل الأبيات في ذلك:

دعِيني للغنى أسعى ، فإنّي
رأيتُ الناسَ شرُّهمُ الفقيرُ

وأبعدُهم وأهونُهم عليهم
وإن أمسى له حسب وخير

ويُقصِيهِ النَّدِيُّ، وتَزْدرِيهِ
حليلته وينهره الصغير

ويلقى ذا الغنى وله جلال
يكاد فؤاد صاحبه يطير

وأخيرًا كتب في قصيدة أبياتًا يفتخر بنفسه وشجاعته في تلك الحروب الغزوات التي يقول فيها أعذب العبارات وأجملها:

أتجعل إقدامي إذا الخيل أحجمت
وكرّي، إذا لم يمنع الدَّبرَ مانعُ

سواء ومن لا يقدم المهر في الوغى
ومن دبرُهُ، عند الهزاهز، ضائع

إذا قيل يا ابن الورد أقدم إلى الوغى
أجبت فلاقاني كمي مقارع

بكفي من المأثور كالملح لونه
حديث بإخلاص الذكورة قاطع


شارك المقالة: