قصة قصيدة قالت أنيسة دع بلادك والتمس:
أمّا عن مناسبة قصيدة “قالت أنيسة دع بلادك والتمس” فيروى بأنّ زوجة جبيهاء الأشجعي قالت له في يوم من الأيام: لو أنك تسافر إلى المدينة المنورة، وتقوم ببيع ما نملك من إبل، يكن أفضل لنا، فنحن نعيش في حالة سيئة، وهذه الإبل التي عندنا لا تكفينا قوتنا، وإن قمنا ببيعها نعيش من ما يأتينا من نقود منها، فرفض ذلك، ولكنها بقيت تطلب منه هذا الطلب لعدة أيام حتى وافق وقال لها: حسنًا سوف أفعل ذلك، وأمرها بأن تقوم بتجهيز نفسها، وتجهيز الإبل للسفر إلى المدينة.
وبعد عدة أيام خرج جبيهاء الأشجعي، هو وزوجته وما عندهم من إبل، وتوجهوا نحو المدينة المنورة، وبقي في مسيره حتى وصل إلى منطقة يقال لها بحرّة واقم، وهي إلى الشرق من المدينة، فنزل هنالك وأنزل إبله بحوض واقم لكي تشرب الماء، فحنت واحدة من إبله إلى بيتها ورفضت أن تشرب الماء، وتبعها بقية الإبل، وأخذت الإبل بالمسير عائدة باتجاه مدينته، فنادى عليها ولكنها لم تجيبه، فنظر إلى زوجته وقال لها: إن هذه الإبل وهي لا تعقل تحن إلى بيتها، ونحن من نعقل أحق بأن نحن لبيتنا وموطننا، وأكمل قائلًا: أنت طالق إن لم تعودي معي إلى البيت، فما كان من زوجته إلا أن توافق على أن تعود معه إلى منزلها، وبينما هم عائدون إلى بيتهم، أنشد قائلًا:
قالَت أَنيسَةُ دَع بِلادَكَ وَاِلتَمِس
داراً بِطيبَةَ رَبَّةَ الآطامِ
تَكتُب عِيالَكَ في العَطاءِ وَتَفتَرِض
وَكَذاكَ يَفعَلُ حازِمُ الأَقوامِ
فَهَمَمتُ ثُمَّ ذَكَرتُ لَيلَ لِقاحِنا
بِلِوى عُنيزَةَ أَو بِقُفِّ بَشّامِ
إِذ هُنَّ عَن حَسَبي مَذاوِدُ كُلَّما
نَزَلَ الظَلامُ بِعُصبَةٍ أَغتامُ
إِنَّ المَدينَةَ لا مَدينَةٌ فَاِلزَمي
حِقَفَ السِنادِ وَقُبَّةَ الأَرجامِ
يُحلَب لَكِ اللَبُن الغَريضُ وَيُنتَزَع
بِالعيسِ مِن يَمَنٍ إِلَيكِ وَشامِ
وَتُجاوِري النَفَرَ الَّذينَ بِنَبلِهِم
أَرمِيَ العَدُوَّ إِذا نَهَضتُ أُرامي
الباذِلينَ إِذا طَلَبتُ تِلادَهَم
وَالمانِعي ظَهري مِنَ الغُرّامِ
نبذة عن الشاعر جبيهاء الأشجعي:
هو يزيد بن خشيمة الأشجعي، يعد شاعرًا من شعراء العصر الإسلامي، من شعراء المفضليات، وله عدة قصائد ومنها: أقام هوى صفية في فؤادي وأيضًا وأرسل مهملا جذعاً وحقاً.