قصة قصيدة “قتيل بني عوف وأيصر دونه”:
أمّا عن مناسبة قصيدة “قتيل بني عوف وأيصر دونه” فيروى بأنّ ليلى الأخيلية قد أحبت توبة الخفاجي، ولكنّ والدها لم يقبل أن يزوجها منه، فزوجها من غيره وهو عوف بن ربيعة، وقد كان عوف رجلًا غيورًا، فطلقهالغيرته الشديدة من توبة، وبعد أن طلقها عوف تزوجت ليلى من سوار بن أوفى، وقد كان من الشعراء المخضرمين، وأنجبت منه الكثير من الأولاد.
وقد كان توبة الخفاجي، يعيش حياة مليئة بالمخاطر، فهو يهوى هذا النوع من الحياة، وقد كان كثير الإغارة على القبائل القريبة والبعيدة، ومنهم قبيلة بني الحارث، وبني كعب، وقبيلتي خثعم وهمدان، وفي إحدى غاراته تمكن بنو عوف بن عقيل منه وقتلوه، وكان ذلك في منطقة تدعى “هضبة” وهي في ديار بني كلاب، وعندما وصل خبر مقتله إلى ليلى الأخيلية، قالت ترثيه:
قتيل بني عوف وأيصر دونه
قتيل بني عوف قتيل يحابر
تـوارده سيافهم فكأنما
تصادرن عن أقطاع أبيض باتر
من الهند وانيات في كل قطعـة
دم زل عن أثر من السيف ظاهر
أتته المنايا دون زغف حصينة
وأسمر خطي وخوصاء ضامـر
وقالت في هذه القصيدة أيضًا:
وتوبة أحيا مـن فتـاة حييـه
وأجرأ من ليث بخفـان خـادر
ونعم الفتى إن كان توبة فاجـراً
وفوق الفتى إن كان ليس بفاجر
فتى ينهل الحاجات ثـم يعلهـا
فيطلعها عنـه ثنايـا المصـادر
كأن فتى الفتيان توبة لـم ينـخ
قلائص يفحصن الحصى بالكراكر
ثم قالت:
فأقسمت أبكي بعد توبة هالكـاً
وأحفل من نالت صروف المقادر
وقالت ترثيه أيضًا:
أيا عين بكِّي توبة بن حمير
بسح كفيض الجدول المتفجر
ليتك عليه من خفاجة نسوة
بماء شؤون العبرة المتحـدر
سمعن بهيجاً أرهقت فذكرنه
ولا يبعث الأحزان مثل التذكر
كأن فتى الفتيان توبة لم يسر
بنجد ولم يطلع مع المتفـور
وما أعطاها الصبر والسلوان على موت حبيبها توبة، هم أولادها العديدين، الذين لم يعرف عددهم ولا مصيرهم، وقد كانت ليلى تذهب من مدينة إلى أخرى لكي تجمع لهم المال والعطايا، حيث كانت تدخل على الأمراء والملوك، وتقول فيهم الشعر، فيعطوها عليه المال.