قصيدة - لقد طمح الطماح من بعد أرضه

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة “لقد طمح الطماح من بعد أرضه”:

أمَّا عن قصة قصيدة “لقد طمح الطماح من بعد أرضه” يحكى أن امرؤ بعد أن قتل أباه من بني أسد، قرر أن يأخذ بثأره منهم، فذهب إلى قبيلي (تغلب وبكر) وطلب منهم أن ينصروه في حربه ضد بني أسد وقد نصروه وقرروا أن يحاربوا معه، وبعد ذلك قام ببعث مجموعة من الرجال لكي يراقبوا قبيلة بني أسد، وقد رآهم علياء بن الحارث، وعندما عاد إلى قبيلة بني أسد قال لهم: يا قبيلة بني أسد أن جماعة امرؤ القيس تراقبكم وإن امرؤ القيس آت لكي يثأر لوالده.

وعندما جاء الليل أقبل امرؤ القيس ومن معه من قبيلتي تغلب وبكر حتى وصلوا غلى بني كنانة فكان يحسب أنّهم بنو أسد فوضع السلاح بينهم وقال: أن لي ثأرًا عندكم، وهنا خرجت عجوز من بني كنانة وقالت له: ويحك!، ليس لك ثأرًا عندنا فنحنُ بني كنانة وثأرك عند بنو أسد، وعندما عرف إمرؤ القيس ومن معه بذلك ساروا حتى وصلوا بني أسد، فقال:

أَلا يا لَهفَ هِندٍ إِثرَ قَومٍ
هُمُ كانوا الشِفاءَ فَلَم يُصابوا

وَقاهُم جِدُّهُم بِبَني أَبيهِم
وَبِالأَشقينَ ما كانَ العِقابُ

وَأَفلَتَهُنَّ عِلباءٌ جَريض
وَلَو أَدرَكنَهُ صَفِرَ الوِطابُ

ووصل عندهم في وقت الظهر، وكانت خيلهم تعبة من السفر، وكان رجاله عطشين، وقد كان وقتها بنوا أسد عند الماء، فهجم عليهم وقاتلهم، حتى كثر الجرحى والقتلى فيهم، وعندما أتى الليل هرب بنوا أسد في ظلامه، وفي الصباح رفض بنوا بكر وبنو تغلب اللحاق ببني أسد، وقالوا له: لقد نلت ثأرك، فقال لهم: والله لم أفعل ذلك، ولم أصب من بني أسد أحدًا، فقالوا له: بلى، لقد فعلت، ولكنّك رجل مشؤوم، ورفضوا القتال معه، فمضى لوحده، حتى وصل إلى بني حمير واستأجر منهم رجالًا، وسار فيهم إلى بني أسد، حتى أدركهم وقاتلهم ولكنهم كانوا قد طلبوا المساعدة من كسرى، وأمدهم بجيش من عنده، فلم يقدر عليهم إمرؤ القيس، ولم يكن له بهم طاقة، فتفرق عنه من كان معه من حمير، فنزل عند رؤساء القبائل، يستجير بهم الواحد تلو الآخر، وردوه جميعهم، حتى نزل برجل من بني فزارة يدعى عمرو بن جابر بن مازن، فأجاره حتى ينظر في أمره.

وبعد برهة من الزمن قال له عمرو بن جابر: إنّي أراك من أهل الشرف، أفلا أدلك على بلد، فيها رجل لم يرد أحد استجار به؟، فقال له إمرؤ القيس: من هو؟، وأين منزله؟، فقال له: هو السموأل بتيماء، فقال له إمرؤ القيس: وكيف لي به؟، فقال له: أوصلك إلى من يوصلك إليه، وذهب به إلى رجل من بني فزارة يدعى الربيع، وكان من الذين يترددون على السموأل، وعندما وصل إليه قال له الربيع: إنّ السموأل يعجبه الشعر، فتعال نتناشد له أشعارًا، فقال له إمرؤ القيس: قل فأقول، فقال الربيعة:

قل للمنيّة أيّ حين نلتقي‌
بفناء بيتك في الحضيض المزلق‌

و لقد أتيت بني المصاص مفاخراً
و إلى السموأل زرته بالأبلق‌

فأتيت أفضل من تحمّل حاجة
إن جئته في غارم أو مرهق‌

عرفت له الأقوام كلّ فضيلة
و حوى المكارم سابقاً لم يسبق‌

فقال إمرؤ القيس:

طرقتك هند بعد طول تجنّب‌
و هنا و لم تك قبل ذلك تطرق‌

ثم مضوا حتى وصلوا إلى السموأل، وأنشدوه الشعر، وأعطى إمرؤ القيس ما يريد، فطلب إمرؤ القيس منه أن يكتب إلى الحارث الغساني لكي يوصله إلى قيصر، ففعل، ومضى إمرؤ القيس حتى وصل إلى قيصر فأكرمه وأصبح له منزلة عنده، ثم إنّ قيصر أعطاه جيشًا كبيرًا، وكان منهم أبناء ملوك، وعندما همّ بالرحيل، قال جماعة من أصحاب قيصر له: لا تأمنه فيعود بجيشه ويقاتلك به، فبعث قيصر بطوق مسموم إلى إمرؤ القيس، وقال له: إنّي بعثت إليك هذا الطوق المرصع بالذهب، فالبسه تكريمًا لك، فلبسها وسرّ بها، وانتشر السم بجسمه، فسقط أرضًا وعندها قال:

أَلِمَّا على الرَّبْعِ القديمِ بِعَسْعَسَا
كأَنِّي أُنَادي أوْ أُكَلِّمُ أخرْسَا

فلوْ أنَّ أهلَ الدَّارِ فيها كَعَهْدِنَا
وَجدتُ مَقيلاً عِندهمْ وَمْعرَّسَا

فلا تُنْكِرُونِي إِنَّني أنا ذاكمُ
لَيَاليَ حَلَّ الحَيُّ غَوْلاً فَألعَسَا

فإِمَّا تَرَيْنِي لا أُغَمِّضُ سَاعَةً
مِن الليلِ إِلا أَنْ أُكِبَّ فَأَنْعَسَا

تَأَوَّبَني دَائِي القَدِيمُ فَغَلَّسَا
أُحَاذِرْ أنْ يَرْتَدَّ دَائِي فأُنْكَسَا

فَيا رُبَّ مَكرُوبٍ كَرَرْتُ وَرَاءَهُ
وَطَاعَنْتُ عنهُ الخيلَ حتى تَنَفَّسَا

وَيَا رُبَّ يَوْمٍ قَدْ أرُوحُ مُرَجَّلاً
حَبِيبًا إلى البِيضِ الكَوَاعبِ أمْلَسَا

وقال أيضًا:

لَقَدْ طَمَحَ الطَّمّاحُ مِن بُعْدِ أرْضِهِ
لِيُلْبِسَنِي مِن دَائِهِ ما تَلَبَّسَا

أَلا إِنَّ بعدَ العُدْمِ للمرءِ قِنْوَةً
وَبعدَ المَشيبِ طولَ عُمْرٍ ومَلَبَسَا

ومات من فوره.


شارك المقالة: