قصيدة - لقد علمت وما الإسراف من خلقي

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة “لقد علمت وما الإسراف من خلقي”:

أمّا عن مناسبة قصيدة “لقد علمت وما الإسراف من خلقي” فيروى بأنّ عروة بن أذينة في يوم أتى إلى مجلس الخليفة هشام بن عبد الملك، وقد كان من ضمن مجموعة من العلماء والشعراء، وعندما دخلوا على الخليفة هشام، قال له: أنت عروة؟، فقال له عروة، نعم يا أمير المؤمنين، فقال له الخليفة، ألست أنت القائل:

لَقَد عَلِمتُ وَما الإِسرافُ مِن خُلُقي
أَنَّ الَّذي هُوَ رِزقي سَوفَ يَأتيني

ثم قال له هشام:  إني الآن أرى بأنّك تفعل عكس ما كنت تقول، فقد جئتني من الحجاز إلى الشام تطلب الرزق، فقال له عروة: يا أمير المؤمنين لقد زادك الله من العلم، وصحة في الجسم، وأنا أعرفك لا تردّ من يفدك خائبًا، والله إنك قد بالغت في الوعظ، وقد ذكرني وعظك بما أنسانيهُ الدهر، ثم خرج من عنده، وركب حصانه، وتوجه راجعًا إلى الحجاز.

وبعد أن غادر عروة متوجهًا إلى الحجاز، وعندما أتى الليل، كان هشام بن عبدالملك في فراشه، وعندها تذكر عروة، وقال في نفسه: لقد أتاني رجل من قريش، فرفضت أن أعطيه حاجته، وهو شاعر، وأنا لا آمن ما قد يقول في، وعندما أتى الصباح سأل الخليفة رجاله عنه، فأخبروه بأنه قد انصرف عائدًا إلى الحجاز، فقال لهم: إن الرزق سوف يأتيه أينما كان، وقام بدعوة أحد الغلمان، وأعطاه ألف دينار، وقال له: الحق بعروة بن أذينة، وأعطه هذه الألف دينار، قبل أن يصل إلى دياره، فلحق الغلام بعروة، ولم يدركه إلا وقد وصل دياره، ودخل إلى بيته، فقرع عليه باب البيت، وعندما خرج عروة، أعطاه الألف دينار، وقال له: هذه من الخليفة هشام بن عبدالملك، فقال له عروة، أبلغه عني قولي:

أَسعى لَهُ فَيُعَنّيني تَطَلُّبُهُ
وَلَو جَلَستُ أَتاني لا يُعَنّيني

وَأَنَّ حَظَّ اِمرىءٍ غَيري سَيَبلُغُهُ
لا بُدَّ لا بُدَّ أَن يَحتازَهُ دوني

لا خَيرَ في طَمَعٍ يُدني لِمَنقَصَةٍ
وَغُبَّرٍ مِن كَفافِ العَيشِ يَكفيني

لا أَركَبُ الأَمرَ تُزري بي عَواقِبُهُ
وَلا يُعابُ بِهِ عِرضي وَلا ديني

كَم مِن فَقيرٍ غَنِيِّ النَفسِ تَعرِفُهُ
وَمِن غَنِيٍّ فَقيرِ النَفسِ مِسكينِ

وَمِن عَدُوٍّ رَماني لَو قَصَدتُ لَهُ
لَم يَأخُذِ النِصفَ مِنّي حينَ يَرميني

وَمِن أَخٍ لي طَوى كَشحاً فَقُلتُ لَهُ
إِنَّ اِنطِواءَكَ عَنّي سَوفَ يَطويني

إِنّي لَأَنطُقُ فيما كانَ مِن إِرَبي
وَأُكثِرُ الصَمتَ فيما لَيسَ يَعنيني

لا أَبتَغي وَصلَ مِن يَبغي مُفارَقَتي
وَلا أَلينُ لِمَن لا يَشتَهي ليني


شارك المقالة: