قصة قصيدة “نأتك بليلى دارها لا تزورها”:
أمّا عن مناسبة قصيدة “نأتك بليلى دارها لا تزورها” فيروى بأنّ ليلى الأخيلية قد عرفت بحبها لتوبة الخفاجي، مذ كانت صغيرة، فقد هامت بحبه وهو هام بحبها، وكانت ليلى تمتاز بأنّها جميلة فقد كانت من أجمل نساء العرب في زمانها، وبأنّها شجاعة، وقد كانت تسكن بجانب توبة، وكانت ماشيتهم وإبلهم ترعى في نفس المرعى، وقد كانت ليلى وتوبة يلتقيان عندما كان الفرسان يلتقون للاحتفال بعد أن يعودوا من الغزوات.
وفي يوم قرّر توبة أن يتزوج من ليلى، فذهب إلى والدها يخطبها، ولكنّه رفض أن يزوجه منها، لأنّ خبر حبّه لها قد انتشر بين الناس، وزوجها لعوف بن ربيعة، وهو من قوم الأذلع، ولكن توبة وعلى الرغم من أن ليلى قد تزوجت بقي يحبها، وكان يزورها في ديار زوجها، فكانت تخرج للقائه وهي منقبة، وفي إحدى اللقاءات بينهم، شاهدهم بعض رجال الحي، فاشتكوه إلى السلطان، فأباح السلطان دمه إن عاد ليلقاها، وهددها أهلها بأن يقتلوها إن هي قابلته، وعندما علمت ليلى بذلك، خرجت تنتظره، ولكنّها أسدلت عن رأسها النقاب، وعندما رأى توبة ذلك، علم أنّ أهلها قد عرفوا، وأنّها تريد تحذيره، فعاد مسرعًا ونجا بحياته، وقد قال في ذلك:
نأتْكَ بليلى دارُها لا تَزورها
وشطّت نواها واستمَّر مريرُها
وخفت نواها من جَنوب عُنيزةٍ
كما خفّ من نيلِ المرامي جفيرُها
وقال رجال لا يَضيرُكَ نأيُها
بلى كلَّ ما شفَّ النفوسَ يضيرها
أليس يضير العينَ أنْ تكثرَ البُكا
ويمنعَ منها نومُها وسُرورُها
أرى اليومَ يأتي دونَ ليلى كأنما
أتى دونَ ليلى حِجةٌ وشهورُها
لكلَّ لقاءٍ نلتقيهِ بشاشةٌ
وإنْ كانَ حولا كلُّ يومٍ أزورُها
خليليَّ روحا راشدينَ فقد أتتْ
ضَرّيةُ من دون الحبيبِ فِنيرُها
خليليَّ ما منْ ساعةٍ تَقفانِها
منِ الليلِ إلاّ مثلُ أخرى نَسيرُها
وقد تذهبُ الحاجاتُ يطلُبها الفتى
شَعاعا وتخشى النفسُ مالا يَضيرُها
وكنت إذا ما زُرتُ ليلى تبرقعتْ
فقد رابني منها الغَداةَ سُفورها
خليليَّ قد عمَّ الأسى وتقاسمتْ
فنون البِلى عُشّاق ليلى ودورها
وَقَدْ رابني منها صُدودٌ رأيتُهُ
وأعراضُها عن حاجتي وبُسورُها
ولو أنَّ ليلى في ذُرى مُتَمنّع
بنجرانَ لالتفتْ عليَّ قصورُها