قصيدة - ندمت ندامة الكسعي لما

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة “ندمت ندامة الكسعي لما”:

امتاز الشعر العربي بأنّه لا يأتي من دون حادث أو مناسبة، فهو يعبر عما يشعر به الشاعر نتيجة حدث معين، فلا يكون الوصف الشعري إلّا بعد أن يشاهد الشاعر أو يستمع فيقع ما يشاهده أو يسمعه في خاطره، أو عندما يمدح الشاعر شخصًا ما فلا يمدحه إلا عندما يرى منه ما يستحق أن يمدح عليه، وعندما يهجو الشاعر شخصًا ما فإنّه يهجوه إلّا إذا كان بينهم عداوة أو عندما يرى منه فعلًا سيئًا.

وأمّا عن مناسبة البيت ” نَدِمْـتُ نَدَامَـةَ الكُسَـعِـيّ لَـمّـا ” فيروى بأنّ الفرزدق قد طلق إمرأته، وبعد أن طلقها ندم ندمًا شديدًا على مافعل، وقال في ذلك:

نَدِمْـتُ نَدَامَـةَ الكُسَـعِـيّ لَـمّـا
غَــدَتْ مِـنّـي مُطَلَّـقَـةً نَــوَارُ

والكسعي هو أعرابي خرج في يوم يرعى أغنامًا له، وبينما هو في ذلك، رأى نوعًا من النبات يدعى الشوحط ” وهو نبات ينمو في الجزيرة العر بية ” نما في صخرة ملساء، فقال: نعم منبت العود في قرار الجلمود، فأخرج ما معه من ماء وسقى به النبته، فشربته كله من شدة عطشها، وبقي يسقي هذه النبتة لمدة عام كامل، حتى نما واعتدل، ثم قام بقطعها، وأخذ يقومها حتى صلحت، فصنع منها قوسًا وخمس سهام.

وبعد ذلك خرج إلى مكان في الوادي ترده أحد أنواع الطيور وتدعى الحُمّر، واختبأ وبقي كذلك حتى أتت جماعة من هذا الطير، فرماها بسهم، فمرّ السهم من بينهم وضرب الصخرة التي أمامه فقدح منها نارًا، فظنّ أنّه أخطأ، ثم أتت جماعة أخرى من هذه الطيور، فرماها بسهم، واخترقها السهم وضرب بالصخرة التي أمامه، كما حدث معه بالسهم الأول، فظن أنّه أخطأ، وهكذا بقي حتى أنهى الخمسة أسهم، وفي كل مرة يظن بأنّه أخطأ، فخرج من مخبئه، وقال أبيت هذه الليلة هنا، وفي الصباح أعود إلى بيتي.

فنام هنالك، وفي الصباح عنما استيقظ، رأى خمسة طيور ميتة، ورأى أسهمه مليئة بالدماء، وندم على ما فعله، وعض على أصابعه من الندم حتى قطعها، ثم أنشد قائلًا:

ندمتُ ندامةً لـو أنَّ نفسـي
تطاوعني إذاً لقتلت نفسـي

تبيَّن لي سفاهُ الـرأي منـي
لعمر الله حين كسرتُ قوسي


شارك المقالة: