قصيدة والفقر في زمن اللئام

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة والفقر في زمن اللئام:

أمّا عن مناسبة قصيدة “والفقر في زمن اللئام” فيروى بأن سحّار بن أبي الطبق توجه إلى منبج وهو وجماعة، وهي في وقتها كانت مدينة للشعراء الأدباء، وبينما هو في طريقه وقد جدّ بالمسير هو ومن معه، وكان وقتها الظلام قد حلّ، وكان القمر بدرًا، إذ سمع أحدهم ينشد الشعر ويقول:

والفقرُ في زمن اللئآمِ
لكلِّ ذي كرمٍ علامه

والموت في هذا الزمان
مطيَّةٌ فيها السلامة

يا ليت شعري هل أُلاقي
صاحبًا يرعى الإمامةْ

أو ذا ندىً أرجو نداهُ
ولا ينغّصُ بالملامة

ذهب الكرام وودعـــــوا
وأتى الزمان بكلِّ لامه

وعندما سمع سحّار ما قاله هذا الرجل، أوقف الراحلة، وذهب إليه، وحياه بتحية الإسلام، فرد عليه الرجل سلامه بأفضل منه، وسأله سحّار قائلًا: من أين أنت؟، فأجاب الرجل قائلًا:

أنا من ديارٍ قد تقادم عهدها
ونمت على فلواتها الأمجادُ

حتّى إذا طاب القطافُ تبدلّت
وعثا بطيب ترابها الأوغادُ

فطرب السحّار لما سمع من هذا الرجل، ودهش لما عاين عنده من أخبار، وقال له: يا عم، لقد سمعتك وقد ذكرت اللئام، فأوقفت الرحل بسبب ذلك، فهل يمكن أن تقول لي ما هي صفاتهم، وكيف أقوم بتمييزهم، فقال له الرجل: سأذكر لك ما أعلم عنهم، فاكتب عندك: ألا إنّ اللئيم هو دنيء الأصل، وأفعاله كلها سوء، هو شحيح بخيل، يقر بالمنكر، وينكر الجميل، يخون السر، ويطلب الضر، يتجبر على غيره، ويمنّ عليهم إن فعل لهم شيء، إذا أمنه أحدهم خان الأمانة، لا يقبل الأعذار، ولا يترك مجالسة الأشرار، يسيء لمن يحسن إليه، ويحسد الناس على ما هم فيه.

فقال له سحّار: يا عم، هل لك من حاجة قبل أن أفارقك، فقال له الرجل:

عندي حوائج لا تفنى ولستُ بها
إلا لربي في الأسحارِ قوَّالُ

وقد قنعت من الدنيا بأحقرهــا
وليس ينفع ما يُرجى به المالُ

فانصرف السحّار من عند هذا الرجل، وهو في تعجب من قناعته ورصانته وحسن جده، وقال في نفسه: إنّ وراء الأكمة ما وراءها.


شارك المقالة: