ما لا تعرف عن مناسبة قصيدة ” وذكرني من لا أبوح بذكره”:
أمّا عن قيس بن الملوح فهو شاعرٌ وأديبٌ عربيٌ، ولد في نجد بشبه الجزيرة العربية عام ستمائة و خمسة و أربعون، قد عاش قيس بن الملوح بمنطقة “بني عامر” بالتحديد في وادٍ كان يُعرف بين الناس بوادي الحجاز.
وأمَّا عن ديوانه الذي نظّم فيه القصائد وكانت أكثر مواضيعه هو قضيّة حبه لليلى، فكانت قصة حبه لليلى لها أثر واضح على الأدب العربي في العصر الجاهليّ وأيضاً الأدب الفارسي، وكانت قصة عشق قيس بن الملوح لليلى إحدى القصص، التي ذكرها وكتبها الشاعر الفارسي نظامي كونجي في كتابه الكنوز الخمسة.
وأمّا عن مناسبة قصيدة ” وَذَكَّرَني مَن لا أَبوحُ بِذِكرِهِ ” فيروى بأنه وبينما كان قيس بن الملوح يدور في البرية، مرّ بصيادين قد اصطادوا ظبيًا وقاموا بربطه، فوقف عند الصيادين وبدأ بتأمل الظبي، وبينما هو كذلك بدأ بالبكاء، ثم عزم عليهما أن يطلقانها وأن يعطيهما في المقابل شاة من غنمه، ثم أنشد قائلًا:
شَرَيتُ بِشاتي شِبهَ لَيلى وَلَو أَبوا
لَأَعطَيتُ مِن مالي طَريفي وَتالِدي
فَيا بائِعي شِبهاً لِلَيلى قُتِلتُما
وَجُنِّبتُما ما نالَهُ كُلُّ عابِدِ
لَو كُنتُما حُرَّينِ ما بِعتُما مَعا
شَبيهاً لِلَيلى بَيعَةَ المُتَزايِدِ
وَأُعتَقتُماها رَغبَةً في ثَوابِها
وَلَم تَرغَبا في ناقِصٍ غَيرِ زائِدِ
فَلا ظَفَرَت كَفّاكُما بِكَريمَةٍ
وَجُنِّبتُما صَوبَ الغَمامِ الرَواعِدِ
فلم يقبلا بذلك، وقد قيل بأنّ هذان الصيادان كانا أخوه وابن عمه، فأنشدهما منزعجًا من بخلهما قائلًا:
يا صاحِبَيَّ اللَذَينِ اليَومَ قَد أَخَذا
في الحَبلِ شِبهاً لِلَيلى ثُمَّ غَلّاها
إِنّي أَرى اليَومَ في أَعطافِ شاتِكُما
مُشابِهاً أَشبَهَت لَيلى فَحُلّاها
وَأَرشِداها إِلى خَضراءَ مُعشِبَةٍ
يَوماً وَإِن طَلَبَت إِلفاً فَدُلّاها
وَأَورِداها غَديراً لا عَدِمتُكُما
مِن ماءِ مُزنٍ قَريبٍ عِندَ مَرعاها
وعندما قبلا بأن يبدلوه الظبي بالشاة قام بإخلاء سبيلها، وأنشد قائلًا:
وَذَكَّرَني مَن لا أَبوحُ بِذِكرِهِ
مُحاجِرُ خِشفٍ في حَبائِلِ قانِصِ
فَقُلتُ وَدَمعُ العَينِ يَجري بِحُرقَةٍ
وَلَحظي إِلى عَينَيهِ لَحظَةُ شاخِصِ
أَلا أَيُّهَذا القانِصُ الخِشفَ حَلِّهِ
وَإِن كُنتَ تَأباهُ فَخُذ بِقَلائِصي
خَفِ اللَهَ لا تَقتُلهُ إِنَّ شَبيهَهُ
حَياتي وَقَد أَرعَدتَ مِنّي فَرائِصي
وقيل بأنّه افتداها بواحد من أبله، وعندما أطلق سبيلها، أنشد قائلًا:
أَيا شِبهَ لَيلى لا تُراعي فَإِنَّني
لَكِ اليَومَ مِن بَينِ الوُحوشِ صَديقُ
وَيا شِبهَ لَيلى أَقصِرِ الخِطوَ إِنَّني
بِقُربِكِ إِن ساعَفتِني لَخَليقُ
وَيا شِبهَ لَيلى رُدَّ قَلبي فَإِنَّهُ
لَهُ خَفَقانٌ دائِمٌ وَبُروقُ
وَيا شِبهَها أَذكَرتَ مَن لَيسَ ناسِياً
وَأَشعَلتَ نيراناً لَهُنَّ حَريقُ
وَيا شِبهَ لَيلى لَو تَلَبَّثتَ ساعَةً
لَعَلَّ فُؤادي مِن جَواهُ يُفيقُ
وَيا شِبهَ لَيلى لَن تَزالَ بِرَوضَةٍ
عَلَيكَ سَحابٌ دائِمٌ وَبُروقُ