قصيدة - وسار تعناه المبيت فلم يدع

اقرأ في هذا المقال


نبذه عن الشاعر المثقب العبدي:

هو عائذ بن محصن بن ثعلبة العبدي، أبو عدي من بني نكرة بن عبد القيس من بني ربيعة، لقب بالمثقب لقوله :

ظهرْنَ بكِلَّةٍ وسدلْنَ رَقْما
و ثقبنا الوصاوص للعيون

وهو من الشعراء الجاهليين، عاش في البحرين “وهي ممتدة من البصرة إلى عُمان“، بين أهل قومه في القرن السادس الميلادي، اشتهر بكونه حكيمًا زاهدًا وسياسيًا محنكًا، واتسم شعره بالهدوء والمسالمة، ولعل ذلك يعود لكونه بعيدًا عن مقر الحكم بالحيرة.

تميز المثقب العبدي بدقةِ الوصف، وقوة الملاحظة، بالإضافة إلى حس مرهف، إلى جانب ابتداع في المعاني.

قصة قصيدة “وسار تعناه المبيت فلم يدع”:

أمّا عن مناسبة قصيدة “وسار تعناه المبيت فلم يدع” فيروى بأن رجلًا من العرب تاه في يوم في الصحراء، فبدأ يتخبط في غياهبها الباردة المظلمة، وقد كانت ليلتها ليلة باردة ومظلمة، وكان يعاني من الجوع الشديد، والألم، والبرد، ما لا يعلمه إلا الله، وكان بالقرب منه مجموعة من الرجال، قاموا بإشعال النار، وعندما اشتدت البرودة طلب أحدهم أن يشبوها ويرفعوا من سناها، وأن يضعوا فيها الحطب، وزاد من توهجها الريح الشديدة التي كانت تهب في تلك الليلة، وعندما رأى هذا الرجل الضال النار، كانت كأنّها كوكب يلمع في السماء، فأكذب نفسه، ولم يصدق بأنّها نار، وكانت شدة حاجته للأمان والدفء والطعام سببًا لذلك.

وعندما تيقن هذا الرجل من أنّها نار حقيقية اشتد عزمه وتجدد نشاطه حتى وصل إليها، فوجد هنالك من استقبله أفضل استقبال، وقال المثقب العبدي في ذلك:

وَسارٍ تَعَنّاهُ المَبيتُ فَلَم يَدَع
لَهُ طامِسُ الظَلماءِ وَاللَيلِ مَذهَبا

رَأَى ضَوءَ نارٍ مِن بَعيدٍ فَخالَها
لَقَد أَكذَبَتهُ النَفسُ بَل راءَ كَوكَبا

فلَمّا اِستَبانَ أَنَّها آنِسِيَّةٌ
وَصَدَّقَ ظَنّاً بَعدَ ما كان كَذَّبا

رَفَعتُ لَهُ بِالكَفِّ ناراً تَشُبُّها
شآمِيَّةٌ نَكباءُ أَو عاصِفٌ صَبا

وَقُلتُ اِرفَعاها بِالصَعيدِ كَفى بِها
مُنادٍ لِسارٍ لَيلَةً إِن تَأَوَّبا

فَلَمَّا أَتاني وَالسَماءُ تَبُلُّهُ
فَلَقَّيتُهُ أَهلاً وَسَهلاً وَمَرحَبا

وَقُمتُ إِلى البَركِ الهَواجِدِ فَاِتَّقَت
بِكَوماءَ لَم يَذهَب بِها النَّيُّ مَذهَبا

فَرَحَّبتُ أَعَلى الجَنبِ مِنها بِطَعنَةٍ
دَعَت مُستَكِنَّ الجَوفِ حَتّى تَصَبَّبا

تَسامى بَناتُ الغَليِ في حُجُراتِها
تَسامي عِتاقِ الخَيلِ وَرداً وَأَشهَبا


شارك المقالة: