قصة قصيدة “ولي صاحب في الغار هدك صاحبا”:
أمّا عن مناسبة قصيدة “ولي صاحب في الغار هدك صاحبا” فيروى بأنّ القتال الكلابي عُبيد بن مُجيب بن المضرحي من بني كلاب بن ربيعة، في يوم كان واقفًا مع ابنة عمه، ورآه أخوه زيادًا، فأقسم عليه زياد بأنّه إن رآه مرة ثانية مع أخته ليقتلنه، وبعد عدة أيام عاد زياد ليقف معها، فرآه أخاها، ومسك بالسيف وخرج يريد أن يقتله، فهرب القتال، ولحق به زياد، وبينما هو هارب، وجد سيفًا، وعاد إلى ابن عمه وقتله، وهرب إلى جبل يدعى عماية، فأقام في كهف من كهوفه، وكان يأتي إلى هذا الكهف نمر، وفي يوم أقبل هذا النمر كما اعتاد، ورأى قتال، فكشر عن أنيابه، وأخرج لسانه، يريد أن يأكله.
وعندما رأى القتال النمر وقد كشر عن أنيابه، قام إلى سيفه، وأخرجه من غمده، فأعاد النمر لسانه إلى داخل فمه، فأدخل القتال سيفه في غمده، وبَركَ النمر بجانب القتال وأظهر له مخالبه، فاستل القتال سهمًا من كنانته، فضرب النمر على الأرض بقدمه وزأر، فأمسك القتال بقوسه، وضرب على وتره، فهدأ النمر وسكن وألِف قتال.
وأصبح النمر يخرج من الكهف فيصطاد، ويعود بما يصطاده إلى الكهف، ويلقيه بين يدي القتال، فيقوم القتال ويأخذ منه ما يحتاج، ويلقي ما تبقى إلى النمر، فيأكل كلاهما، وكان القتال يخرج من الكهف ويصطاد الحيوانات بسهمه، ويعود بما يصطاد إلى الكهف، ويأخذ منه ما يحتاج، ويلقي ما تبقى إلى النمر، وكان القتال إذا أتى الماء، قام عليه النمر لكي يشرب، فيدعه يشرب حتى ينتهي، ثم يشرب القتال، وقال القتال في خبر هذا النمر قصيدة وما حصل بينهما من ألفة، قال فيها:
وَلي صاحبٌ في الغارِ هَدَّكَ صاحِباً
هُوَ الجَونُ إِلّا أَنَّهُ لا يُعَلَّلُ
إِذا ما التَقَينا كانَ جُلَّ حَديثِنا
صِماتٌ وَطِرفٌ كَالمَعابِلِ أَطحَلُ
تَضَمَّنَتِ الأَروى لَنا بِطامِعِنا
كِلانا لَهُ مِنها نَصيبٌ وَمَأكَلُ
فَأَغلِبُهُ في صَنعَةِ الزادِ إِنَّني
أُميطُ الأَذى عَنهُ وَلا يَتَأَمَّلُ
وَكانَت لَنا قَلتٌ بِأَرضِ مَضِلَّةٍ
شَريعَتُنا لِأَيِّنا جاءَ أَوَّلُ
كِلانا عَدُوٌّ لَو يَرى في عَدُوِّهِ
مَحَزّاً وَكُلٌّ في العَداوَةِ مُجمِلُ