قصة قصيدة ” يا زيد رد الزمل بأهل عبرتي “:
وأمّا عن مناسبة قصيدة ” يا زيد رد الزمل بأهل عبــرتي ” فيروى بأنّ رجلًا من الأعراب تزوج على امرأته، وكان له من زوجته أولادًا وبنات، وبعد أن تزوج بفترة بدأ يشك في زوجته الجديدة ولم يكن لشكه سببًا واضحًا، بل كان مجرد أوهامًا صورها له عقله وذلك لأنّها لم تكن تميل له، فهي لم تكن تكلمه إلا نادرًا، ولم تكن تضحك معه أو تبتسم أمامه مطلقًا، وبناءً على هذا تصور بأنّها كانت تحب غيره قبل أن تتزوجه، وبسبب هذا الشك كان قلقًا وحائرًا في معظم الأوقات.
ولم يتبدد هذا الشك إلّا بعد أن لجأ إلى إمرأة كبيرة في العمر وأخبرها بالأمر الذي في باله، وشكه في زوجته، وخوفه بأنّها لاتحبه، وطلب من هذه الامرأة أن تساعده وتعينه بالعثور على طريقة يتأكد فيها من حب زوجته له، فأخبرته المرأة بأنّ عليه أن يصطاد أفعى، وبعد أن يصطادها يقوم بخياطة فمها، ويضعها فوق صدره وهو نائم، وعندما تأتي زوجته لكي توقظه عليه أن يصطنع الموت.
وعندما غادر الرجل من عند العجوز فعل كما قالت له، وحينما أتت زوجته لكي توقظه من نومه في الصباح، لم يتحرك واصطنع الموت، فقامت الزوجة برفع الغطاء عنه، وعندها رأت الأفعى فظنّت بأنّها قد لدغته وبأنّه مات، فبدأت بالصراخ وأخذت تنادي على ابنه زيد، وبينما هي تنادي على ابنه ومن شدّة ذهولها أخذت تنشد قائلة:
يا زيد رد الزمل بأهل عبــرتي
على أبوك عيني ما يبطل هميلها
أعليت كم من سابقٍ قد عثرتها
بعـود القـنا والخيل عجلٍ جفيلهـا
وأعليت كم من هجمةٍ قد شعيتها
صباح والا شعيتها من مقيلهـــا
وأعليت كم من خفرةٍ في غي الصبا
تمناك ياوافي الخصايل حليلهــا
سقّاي ذود الجار لاغاب جاره
أخو جارته لاغاب عنها حليلها
لامرخيٍ عينه يطالع لزولها
ولاسايلٍ عنها ولا مستسيلهـا
وبعدما سمع زوجها ماقالت فيه تأكد بأن كل شكوكه كانت أوهامًا، وبأن زوجته كانت تحبه، وتأكد من مشاعرها تجاهه، وبأنّها كانت تخفي هذا الحب حيائًا، فنهض من فراشه ليبشر زوجته بأنه لم يمت، ولكنّها حزنت وغضبت من شك زوجها بها، وكانت هذه المرأة من نساء العرب اللواتي عندهنّ عزّة نفس وكبرياء وكرامة أقسمت بأن لاتعود له إلّا عندما يتكلم الحجر مع الحجر، ويتكلم العود مع العود، وكان قصدها من ذلك استحالة عودتها إليه مرة أخرى.
فأصبح الرجل في حيرة من أمره، وفكر بالعودة إلى العجوز التي ذهب إلى عندها من قبل فربما يجد عندها الحل لمشكلته التي أوقع نفسه بيها، وبالفعل وجد عند هذه العجوز ضالَّته، حيث قالت له بأن يحضر الرّحى ” وهما قرصين من الحجارة يستخدمان في طحن الحبوب من قمح وغيره “، وهي تصدر صوتًا عندما يتم استخدامها، وأمّا عن العود فقد ذكرت له العجوز الربابة، فذهب إلى زوجته ومعه الرّحى والربابة، وبالفعل عادت إليه زوجته بهذه الطريقة.