قصة قصيدة “يعاتبني في الدين قومي وإنما”:
كل قصيدة من قصائد الشعر العربي تحمل في طياتها أجمل الكلمات والحروف، سنبحر في هواها فهذه القصيدة “يعاتبني في الدين قومي وإنّما” للشاعر الأموي الذي يدعى محمد بن عمير الكندي، هذا الشاعر الملقب “بالمقنع” الذي كان يحمل مكانة مرموقة في قومه ومنزلة رفيعة عندهم، وهذه القصيدة تدور قصتها عمّا جرى بين المقنع وأبناء عمومته، فقد كان المقنع سمح المال في يده وكثير الإنفاق حتى نفذ ما تركه أبوه له من مال.
فذهب المقنع يستدين من أبناء عمومته وقد كان إنفاقه من أجل هؤلاء؛ ليرفع من مكانتهم أمام العرب ويقوي علاقتهم بمن حولهم، ولكنّ المدهش في هذه القصّة عندما أراد أن يخطب ابنتهم، عيّروه بفقره وكثرة دينه، فحزن كثيرًا، وكتب قصيدته هذه التي يبين فيها أسباب فقره الذي هو فيه ويعاتب أبناء عمومته.
نص قصيدة “يعاتبني في الدين قومي وإنّما”:
يُعاتِبُني في الدينِ قَومي وَإِنَّما
دُيونيَ في أَشياءَ تُكسِبُهُم حَمدا
أَلَم يَرَ قَومي كَيفَ أوسِرَ مَرَّة
وَأُعسِرُ حَتّى تَبلُغَ العُسرَةُ الجَهدا
فَما زادَني الإِقتارُ مِنهُم تَقَرُّباً
وَلا زادَني فَضلُ الغِنى مِنهُم بُعدا
أَسُدُّ بِهِ ما قَد أَخَلّوا وَضَيَّعوا
ثُغورَ حُقوقٍ ما أَطاقوا لَها سَدّا
وَفي جَفنَةٍ ما يُغلَق البابُ دونها
مُكلَّلةٍ لَحماً مُدَفِّقةٍ ثَردا
وَفي فَرَسٍ نَهدٍ عَتيقٍ جَعَلتُهُ
حِجاباً لِبَيتي ثُمَّ أَخدَمتُه عَبدا
وَإِن الَّذي بَيني وَبَين بَني أَبي
وَبَينَ بَني عَمّي لَمُختَلِفُ جِدّا
أَراهُم إِلى نَصري بِطاءً وَإِن هُمُ
دَعَوني إِلى نَصرٍ أَتيتُهُم شَدّا
فَإِن يَأكُلوا لَحمي وَفَرتُ لحومَهُم
وَإِن يَهدِموا مَجدي بنيتُ لَهُم مَجدا
وَإِن ضَيَّعوا غيبي حَفظتُ غيوبَهُم
وَإِن هُم هَوَوا غَييِّ هَوَيتُ لَهُم رُشدا
وَلَيسوا إِلى نَصري سِراعاً وَإِن هُمُ
دَعوني إِلى نَصيرٍ أَتَيتُهُم شَدّا
وَإِن زَجَروا طَيراً بِنَحسٍ تَمرُّ بي
زَجَرتُ لَهُم طَيراً تَمُرُّ بِهِم سَعدا
وَإِن هَبطوا غوراً لِأَمرٍ يَسؤني
طَلَعتُ لَهُم ما يَسُرُّهُمُ نَجدا
فَإِن قَدحوا لي نارَ زندٍ يَشينُني
قَدَحتُ لَهُم في نار مكرُمةٍ زَندا
التعريف بالشاعر “المقنع”:
أمَّا عن التعريف بالشاعر المقنع: فهو محمد بن عميرة بن قيس بن الأسود عبد الله الكندي، شاعر من شعراء العصر الأموي، لقب بالمقنع لأنّه كان يرتدي القناع طول حياته.