نبذة عن شاعر القصيدة:
هو جرير بن عطية بن حذيفة الخَطَفي بن بدر الكلبيّ اليربوعي، وهو من تميم. ويعتر الجرير أشعر أهل عصره. ولد وتوفي في اليمام.
قصة قصيدة يقصر باع العاملي عن الندى:
أمّا عن مناسبة قصيدة “يقصر باع العاملي عن الندى” أنه في يوم دخل الشاعر جرير على الخليفة الوليد بن عبد الملك بن مروان، وكان في مجلس الخليفة وقتها رجل يدعى عدي بن الرقاع العاملي، ولم يعرفه جرير لأنّه لم يره من قبل قط، وعندما جلس الجرير، قال له الخليفة: هل تعرف من هذا الرجل يا جرير؟، فقال له جرير: لا والله يا أمير المؤمنين، فقال له الخليفة: إنه ابن الرقاع، فقال له جرير: إنّ أسوأ الثياب هي الثياب الرقاع، فمن هو يا أمير المؤمنين؟، فقال له الخليفة: هو رجل من قوم عاملة، فقال له جرير: إذن هو ممّن قال الله تعالى فيهم: “عاملة ناصبة تصلى ناراً حامية”، فقال له عدي: ويل لك أيها الملعون، فأنشده جرير قائلًا:
يقصر باع العاملي عن الندى
ولكنّ أير العاملي طويل
فقال له عدي بن الرقاع:
أأمك يا ذا أخبرتك بطوله
أم أنت امرؤ لم تدر كيف تقول!
فقال جرير: إني امرؤ لم أدر كيف أقول، وعندها اتجه عدي بن الرقاع إلى الخليفة، ونزل إلى قدمه يريد أن يقبلها، وهو يقول له: أرجوك يا أمير المؤمنين أن تجيرني من شره، وعندها التفت الخليفة إلى الجرير وقال له: والله إن عدت وهجوته يا جرير، لأضع عليك لجامًا، وأجعلك تمشي في شوارع دمشق وأنت ترتديه، فيعيرك أهل دمشق كافة بذلك، وعندها خرج جرير من مجلس الخليفة، وبعد أن وصل بيته، أنشد قائلًا:
حَيِّ الهدَملَةَ مِن ذاتِ المَواعيسِ
فالحِنوَ أَصبَحَ قَفراً غَيرَ مَأنوسِ
حَيِّ الدِيارَ الَّتي شَبَّهتُها خَلَلاً
أَو مُنهَجاً مِن يَمانٍ مَحَّ مَلبوسِ
بَينَ المُخَيصِرِ فَالعَزّافِ مَنزِلَةٌ
كَالوَحيِ مِن عَهدِ موسى في القَراطيسِ
لا وَصلَ إِذ صَرَّفَت هِندٌ وَلَو وَقَفَت
لاِستَفتَنَتني وَذا المِسحَينِ في القَوسِ
وقال فيها يهجو عدي بن الرقاع:
وَاِبنُ اللَبونِ إِذا ما لُزَّ في قَرَنٍ
لَم يَستَطِع صَولَةَ البُزلِ القَناعيسِ
إِنّا إِذا مَعشَرٌ كَشَّت بَكارَتُهُم
صُلنا بِأَصيَدَ سامٍ غَيرِ مَعكوسِ