هناك قضية أخرى تبرز في تفسير فلسفة مارجريت لوكاس كافنديشالاجتماعية والسياسية، وهي ما إذا كانت نسوية أم لا؟ فمن المغري أن ننظر مرة أخرى إلى وجهة نظرها حول السببية العرضية؛ لإلقاء الضوء على وجهة نظرها حول الأدوار المناسبة للإناث والذكور، حيث أرادت كافنديش نفسها أن تكون عالمة وفيلسوفة ممارسة، ولكن ما إذا كان يمكن أن تكون كذلك أم لا، ولم يكن ذلك نتيجة لقراراتها فحسب بل أيضًا على تقبل العالم المحيط بها.
فلسفة كافنديش النسوية:
يمكن لكافنديش أن تقرر أن تكون عالمة ولكن ما إذا كانت ستصبح عالمة أم لا، فإنّ ذلك يتوقف على الكثير من العوامل الإضافية، سواء تم نشر نتائجها ومناقشتها وما إذا كانت منشورة وما إذا كانت تؤخذ على محمل الجد ويُنظر إليها على أنّها موثوقة، وما إذا كانت جزءًا من مجتمع علمي أكبر، وبالتناوب قد تقرر هي (أو كافنديش في عالم محتمل قريب) فتح شركة أو أن تكون شرطية أو محامية، ولكن ما إذا كانت ناجحة أم لا سيعتمد جزئيًا فقط على ما تقرر القيام به.
لكي تكون سيدة أعمال يجب أن يكون لديها قاعدة عملاء، ولكي تكون محامية يجب أن تكون موثوقة وقابلة للتصديق أمام أولئك الذين يصدرون حكمًا، فلم تكن كافنديش عالمة بارزة في عصرها، ولم تكن فيلسوفة بارزة، وحاولت أن تتوافق مع هوبز وآخرين ولكن على عكس الأجسام التي تتفاعل في تكوين النظم البيئية للطبيعة والوحدات العضوية الأخرى لم يكن هؤلاء الفلاسفة متعاونين.
تجادل كافنديش في فلسفتها الطبيعية بأنّ سلوك الأجساد يرجع جزئيًا إلى الرسائل التي يتم إرسالها من الجسم الفاعل وجزئيًا إلى استجابة الجسد السلبي وما إذا كان الجسد السلبي مضياف بشكل مناسب أم لا، كما تشير بعض النصوص بشدة إلى أنّ فلسفتها الاجتماعية والسياسية مستنيرة من وجهة نظرها للعمليات الطبيعية للطبيعة، ففي عملها العالم المشتعل يتم نقل الإمبراطورة من كوكبها الأصلي ويسعدها أن تجد أنّ الكائنات الموجودة في العالم المشتعل ستتفاعل معها وتحترم سلطتها.
في الحياة الواقعية لن يتعامل الذكور البشريون على الأرض مع كافنديش، ولكن الرجال الدودة والدببة ورجال الطيور والأسماك والرجال القرود لديهم تحفظات واسعة النطاق مع الإمبراطورة حول الكون وطبيعة المادة والعقل والكيمياء والرياضيات، وفي مرحلة ما تسعى الإمبراطورة إلى الحصول على مشورة من روح أحد أشهر الكتاب المعاصرين مثل جاليليو وجاسندوس وديكارت وهيلمونت وهوبز ومور وما إلى ذلك.
كما أُبلغت مع ذلك أنّهم سيحتقرون على أن يكونوا كتبة لامرأة، ويختلف جو العالم المشتعل تمامًا عن الغلاف الجوي على الأرض، وما إذا كان الشخص عالِمًا أو فيلسوفًا أو أي سلطة أخرى أم لا فهذا يعتمد جزئيًا فقط على ما يحدث في نهايته.
تقدم كافنديش المرأة على أنّها بارعة وناجحة في نصوص أخرى أيضًا، ففي عملها (بيل في كامبو) لدى كافنديش مجموعة من النساء يشكلن جيشًا من أجل إظهار الرجال أنّ النساء يجب أن يكن شريكات في الحكومة، ويساعدن في حكم العالم، وتخضع النساء لسخاء قوي ويهزمن معًا العدو وينقذن الجيش الذكوري في نفس الوقت، والأحداث في بيل في كامبو واضحة إلى حد ما ولكن قد يظل هناك سؤال حول موقف كافنديش تجاه تلك الأحداث، وعلى وجه الخصوص حول موقفها من إنجازات الجيش النسائي.
فمن ناحية ورد في بيل إنّ كامبو أنّ الرجال يعتبرون النساء مشكلة في الكومنولث، بالإضافة إلى ذلك يكافأ أعضاء الجيش النسائي على إنجازاتهم -يكافأهم الرجال في السلطة- مع الحق في التحكم في الشؤون المالية لأسرهم وحرية ارتداء ما يختارونه، ومن ناحية أخرى يصور كافنديش الجيش الأنثوي على أنّه قادر على القيام بما يُطلب من الجيش الذكور القيام به وقادر على فعل المزيد.
علاوة على ذلك تصور كيف أنّ الرجال في السلطة سيستجيبون في الواقع (أو كيف يستجيب الذكور في عالمها) للظروف التي تكتسح فيها أنثى الجيش لإنقاذ الموقف، ففي قراءة واحدة اقترحت كافنديش نفسها أنّ الرجال والنساء ليسوا متساوين من حيث الأدوار التي يجب أن يؤدوها، وأنّ الرجال متفوقون في نواحٍ مهمة، وفي قراءة أخرى تعكس كافنديش أنّ الرجال ليسوا متفوقين على النساء، ولكن إنجازات النساء كانت دائمًا تحدث في جو يتمتع فيه الرجال بمزايا كبيرة.
فلسفة كافنديش وطبيعة المرأة:
اقترح بعض المعلقين أنّ كافنديش تترك المجال مفتوحًا لمسألة ما إذا كانت المرأة أقل شأناً من خلال التدريب والتعليم أو ما إذا كانت أقل شأناً بطبيعتها، ويبدو من غير المحتمل أن تعتقد كافنديش أنّ المرأة أقل شأناً بطبيعتها إذا صورت النساء على أنّهن قادرات على تحقيق أعلى مستويات الإنجاز في عوالم بديلة ممكنة، ولا تزال النساء نساء في هذه العوالم البديلة، وما هو مختلف هو بنية الجماهير المحيطة التي يتعين على الرجال والنساء التعامل معها.
كانت كافنديش شخصًا رائعًا مثلها مثل الإمبراطورة وكرم بيل في كامبو، وصحيح أنّ النساء يصورن على أنّهن استثنائيات فقط في عمل كافنديش الخيالي، وقد يشير ذلك إلى أنّها تأخذ فكرة المرأة الماهرة والقادرة على أنّها خيالية، ولكن حسب وجهة نظرها فيما يتعلق بالسببية العرضية ربما كانت تفكر فقط في هذه العوالم البديلة أنّ ما يعنيه نجاح أي عامل يرجع جزئيًا إلى ما يشير إليه الفاع وجزئيًا إلى كيفية استجابة بيئته الأكبر.
ربما كانت كافنديش تعتقد (مع سبينوزا) أنّ الفرد ليس جزيرة، وأنّ ما يمكنه فعله وما لا يمكنه فعله هو إلى حد ما جزءًا من تكوينه الجسدي والنفسي، وإلى حد كبير جزءًا من الأرض الواقعة على الأرض، والذي من شأنه أن يتصرف الفرد.
ومع ذلك تشجع كافنديش مجموعة من السلوكيات المتحفظة للغاية للنساء لأدائها، ومرة أخرى تطرح السؤال عما إذا كانت تبني وجهة نظرها على بعض الافتراضات حول طبيعة المرأة بشكل عام، أو إذا كانت لديها عين على البيئة التي وجدت النساء أنفسهن فيها، حيث أكدت في كتابها أوليو على أهمية فضيلة العفة وكذلك الصبر والتواضع وكونها عصرية وثابتة.
ويتم توسيع القائمة من قبل أحد المتحدثين في الخطب فأوضحت بأنّ المتواضعة والعفيفة والمعتدلة والصبورة والورعة، وأيضًا أن نكون محبوبين ونظيفًا وقليلًا من الكلمات، وكل ذلك سوف يكسبنا الثناء من الناس والبركة من السماء والحب في هذا العالم والمجد في الآخرة.
هنا قد تعكس كافنديش كيف يجب أن تتصرف النساء في أي عالم محتمل بغض النظر عن قوة واستجابات الكائنات المحيطة بها، وإذا اعتقدت أنّ طبيعة المرأة يجب أن تكون عفيفة ومتواضعة وهادئة، فبقدر ما تعتقد أنّ الصفات الأخرى أعلى وأكثر تعالى فإنّها تأخذ المرأة على أنّها أقل شأنا من الجنس، وإذا كانت بدلاً من ذلك تقرأ من عالمها الخاص ما هي السلوكيات التي تعتبر شرعية للمرأة، فهي تصف السلوك الذي يتكيف مع تلك البيئة فقط.
كما إنّ كرم بيل في كامبو ليس متواضعًا أو معتدلًا أو هادئًا بشكل خاص، ولكن سلوكها لن يكسبنا الثناء أو الحب في هذا العالم، فبيئة القرن السابع عشر التي تعتقد كافنديش أننا نجد أنفسنا فيها، ولكن ربما تعتقد كافنديش أنّ الكرم يعمل عكس طبيعتها، وبالتناوب إذا كانت كافنديش تقرأ عن ثقافتها كيف سيكون من الحكمة أن تتصرف النساء، فربما تقدم فقط نصيحة متحفظة حول أفضل السبل التي يمكن للمرأة أن تزدهر بها في الحياة المادية القصيرة التي تم تخصيصها لها.