كثير من الأمثال ما جاءت على ذكر صفات طبيعية في الشخص، فصفات الأشخاص وصلت لحدود لا نهاية لها، وجاء هذا المثل لوصف حالة الشخص الذي يدعي الكثير من المعرفة بجميع أمور الحياة، وهو لا يفقه شيء منها.
مضمون مثل “كثير الكارات قليل البارات” وأصله:
أصل هذا المثل هو مثل شامي، ويقال في أصل كلمة “بارة”، أنها كلمة تركية يقصد بها المال، ويشار بها أيضاً إلى عملة قديمة أصغر من “المتليك”، يشير هذا إلى الأشخاص الذين يدعون المعرفة والفهم في جميع المهن والقضايا والنقاشات التي تدور حولهم، فكانوا الناس يشبهونهم بالأوزة التي تكون قادرة على السباحة، ولكن ليست بمهارة السمك في السباحة، وكذلك تكون قادرة على الركض ولكن ليست بسرعة الحجل، وكذلك بمقدورها الطيران ولكن ليست برشاقة النسر، وكما أنها قادرة على الغناء ولكن ليست كما ينشد الحسون، فهي قادرة على أن تفعل كل شيء ولكن ليس كالمراد.
كذلك هو مسبع الكارات الموجود في كل الأماكن، فما أن تكون في أي مجلس وتقوم بفتح أي موضوع مختص، حتى يبادر جميع من في المجلس بالإدلاء بما لديهم من معلومات ومعرفة، وهذه العادة يتبعها أغلب الأشخاص، فيكون غير واثق من الأمر، ويدلي بما لديه، وأحياناً يتعدى الأشخاص إلى الجدال والمناقشة في أسس علمية خاطئة في أمور تحتاج إلى الدراسة والدقة، فوصل الأمر في كثير من الحالات التي تُطرح للنقاش، إلى علماء مختصون للبت فيها.
أحداث دارت حول المثل:
دارت مشاجرة كلامية بين مهندس وأحد المزارعين في مبنى الوحدة الإرشادية في القرية، على كمية السماد التي سوف يقوم بذرفها في أرضه، قال المهندس رأيه: بأنه لا يجب إضافة أية نوع من أنواع السماد الآزوتي، وذلك بناءً على معرفته التامة؛ لأن هذا كان من ضمن اختصاصه، فرد المزارع: أن جميع المزارعين يضيفون منه إلى مزارعهم، وأنه هذا الأمر معروف عند الجميع.
فأوضح المهندس للمزارع، بأنه عندما يقوم بإضافة أي نوع من هذه الأسمدة، فإن ذلك يؤدي إلى القضاء على المحصول بأكمله، عدا عن الخسائر المادية التي تلحق به، وبيّن أيضاً أن هناك العديد من المهندسين الخريجين، الذين لا يختصون بنفس القسم في كلية الهندسة الزراعية، فهناك أمور كثيرة يجب أخذها في عين الاعتبار عند إعطاء معلومات صحيحة في الزراعة، وهي البساتين والمياه والتربة والإنتاج الحيواني.
إذ يقضي المهندسين خمس سنوات في دراسة تخصصهم، حتى يتمكنوا من إعطاء معلومات حقيقية، تُبنى على دراساتٍ علمية، في حين يقوم مزراع بفرض رأيه بناءً على حالات شاهدها عند المزارعين من حوله، فهذا الأمر قد يؤدي إلى خسائر كثيرة، خاصةً وأن معظم هؤلاء المزارعين فقدوا محاصيلهم بسبب قلة معرفتهم.