صاحب المقولة
أبو سفيان صَخر بن حرب بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف؛ صحابي، من سادات قريش قبل الإسلام. وهو والد معاوية بن أبي سفيان؛ مُؤسس الدّولى الأمويّة. وكان تاجراً واسع الثَّراء، وزعيم أشراف قريش، الذين عارضوا الرسول_ صلى الله عليه وسلم_، ودعوته.
عَادَى الإسلام والمسلمين، وكان على رأس غزوة أُحُد؛ واشترك في حصار المدينة في غزوة الخندق. هَادَن المسلمين في صُلحِ الحُديبية ثم أسلم عند فتح مكة، ورفع النبي من شأنه، فأمَّنَ كُلّ من يَدخل داره، ووَلّاهَ على نجران. شارك المسلمين في فتوحاتهم وغزواتهم. فاشترك في حُنَينَاً والطَّائف، فَفُقِئت عَينهُ يوم الطائف، ثمَّ فُقِئت الأخرى يوم اليرموك فَعَمِي. توفي عن 88 سنة في العام ٣١هجري.
وكان أبو سفيان في شبابه سيّد بَني عبد شمس بن عبد مناف، ثم نال سيادة جميع بطون قريش بعد معركة بدر؛ بعد مقتل” عُتبة بن ربيعةالعَبشَمِيّ، وأبو جهل” عمرو بن هشام المخزوميّ”، ثُمَّ نال سِيادة جميع فروع قبيلة كِنانة، في معركة أحد، وبقي على هذا حتى فتح مكة.
وكان أبوه حرب بن أميّة، قائد جيوش بني كِنانة، في حرب الفُجّار ضد قبائل قيس عَيلان، وهو أول من كتب باللغة العربية، وأخته هي” أمّ جميل، أروى بن حرب”، التي ذُكرت في القرآن الكريم، بوصَفِ حمَّالة الحَطب، وابنته هي” أمّ المؤمنين رَملَة بنت أبي سفيان( أم حبيبة)” زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وابنه معاوية بن أبي سفيان أول خلفاء الدّولة الأمويّة.
كان أبو سفيان قبل الإسلام أحد رجالات قريش الكبار، وصارت إليه راية الرُّؤساء في قريش بعد مقتل أبي جهل في غزوة بَدر. وكان من رُؤساء المشركين في حرب الإسلام في بِدء الدَّعوة النبوية، وقادَ قريشاً في حَربهَا مع المسلمين يوم أُحُد، ويوم الخندق. وكان رسول الله قد تزوج ابنته أم حبيبة وأبو سفيان لا يزال مشركاً، وأقرّ أبو سفيان زواج الرسول منها، فكان بذلك حمو النبي.
إسلامه وجهاده
أسلم أبو سفيان يوم فتحِ مكة، سنة ثمانية للهجرة، وعِقبَ قول رسول الله:« من دخل البيت الحرام كان آمناً، ومن دخل دار أبي سفيان كان آمناً»، وحسُن إسلامه برأي معظم المؤرّخين وأصحاب السِّيَر.
جاء إلى الرسول_ صلى الله عليه وسلم_، لمَّا أسلم وقال: يا رسول الله مُرنِي حتى أقاتل الكُفّار، كما كُنتُ أقَاتل المُسلمين. قال: «نعم»، قال: ومعاوية تَجعلهُ كاتباً بين يَديك. قال: «نعم». ثمَّ سَأل أنْ يُزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم بِابنَتهِ، وهي” عَزَّة بنت أبي سفيان”، واستعان على ذلك بأختها” أمّ حبيبة”، فَلم يَقع ذلك، وبيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنَّ ذلك لا يَحِلُّ له( الجَمع بين الأختين حرامٌ في الإسلام). وشهد حُنيناً مع النبي، وأعطاه من غنائمها مئة بعير وأربعين أوقِيّة، ثمَّ شَهِد فتح الطّائف معه، ثمَّ شَهِدَ اليرموك، تحت راية ولده” يزيد بن أبي سفيان”، وهو في عمر 72 سنة.
وفاته
توفي أبو سفيان بالمدينة المنورة سنة 31 هجري/ 652م، وله نحو من تسعين سنة، وصلَّى عليه الخليفة” عثمان بن عفّان”، وقيل ابنه” مُعاوية بن أبي سفيان”، ودُفِن في البَقيع.
قصة المقولة
لمَّا وَلَّى” عمر بن الخطاب”،” يزيد بن أبي سفيان” ما ولَّاهُ من أرض الشام، وهو أحَد القادة الأربعة الذين وَجّههُم أبو بكر الصديق، لِقِتال الروم في الشام، فكان على رُبعِهَا. خرج إليه ولَحِقَ بهِ أخاهُ معاوية لِيَكون من جُندِ جيشهِ، فقال أبو سفيان بن حرب، والد يزيد، لزوجته” هند بنت عُتبة”:” كيف تَرِينَ يا هند، صارَ ابنكِ تابعاً لابنِي“، وهند بنت عُتبة هي والدة مُعاوية بن أبي سفيان؛ أمّا والدة يَزيد فهي:” أمُّ الحَكَم زينب بنت نوفل بن خلف بن قَوالة بن جُذيمة بن علقمة بن فراس بن غُنْم بن ثعلبة بن مالك بن كِنانة بن خُزيمة بن مَدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، الفِرَاسيّة( أي من بني فِراس) الكنانية، وهو أخو أمِّ المؤمنين” أم حبيبة”، وأمّهمَا واحدة، وهي أمّ الحَكَم زينب بنت نَوفل.
فقالت له زوجتهُ هند:” إنْ اضطَربَ حبل العَرب، فَستَعلَم أين يَقعٌ ابنكَ مِمَّا يكون فيه ابني”، فمات يزيد بالشام بعدَ أنْ وَلِيَ خلافة أرض الشام خَلَفاً لأبي عبيدة عامر بن الجراح، ومُعاذ بن جَبل.
فتُوفّي يَزيد بطَاعون عُمواس مثل أصحابه عام 18هجري/640م، ولمّا احتَضَرَ استعمَلَ أخاهُ معاوية على عَملهِ في ولاية الشام، فأقرَّهُ عُمر بن الخطاب على ذلك احتراماً ليَزيد وتنفيذاً لِتَوليتِهِ.
وعندما ولَّى عُمر معاوية موضعَ أخيه يزيد، قالت هند لمعاوية:”والله يا بُنيّ إنّه لَقَلَّ ما وَلَدَت حُرَّة مِثلك، وقد استَنهَضكَ هذا الرجل، فاعمل بمُوافَقتهِ.. أحبَبتَ ذلك أمْ كَرِهت”، وقال له أبو سفيان:” يا بُنيّ، إنَّ هؤلاء الرَّهط من المهاجرين سَبقُونا، وتأخَّرنَا، فَرفَعهُم سَبقَهُم، وقَصَّرَ بنا تأخُّرنَا، فصاروا قادةً، وصِرنا أتباعاً، وقد ولُّوكَ جَسيماً من أمورهم، فلا تُخالفهُم، فإنّكَ تَجري إلى أمَدٍ فَنَافِس فيه، فإنْ بَلَغتهُ أورَثتهُ عَقِبَك”.