في أغلب الأحيان توقعات الإنسان تفوق معتقداته وقدراته، فحين يكون لديه سلة من البيض فإنه يتوقع أن تفقس جميعها مرة واحدة، وفي واقع الأمر لا ننكر أهمية التخطيط من أجل المستقبل، ولكن عندما نقوم ببناء آمال كبيرة وواسعة وعريضة دون أن يكون مبني على أساس قوي ومتين، فإنه يؤدي بنا إلى الانخساف بكافة طموحاتنا إلى الأرض، لذلك يتوجب علينا عند التخطيط من أجل المستقبل أن نضع في حسابنا الحالات الطارئة وغير المتوقعة، حتى لا نصاب في نهاية الأمر بالخيبة والخذلان.
قصة مثل “لا تحسب الدجاج قبل أن يفقس”:
يُحكى في قديم الزمان أنه كان هناك مزارع يقوم بزراعة أرضه بالفول السوداني، فيحصل في نهاية الموسم على محصول جيد من المال، وفي ذات مرة حصل على عائد كبير بعد أن قام ببيع المحصول، فأراد أن يعمل به حفل زفاف كبير من أجل ابنته لكن النقود التي تتواجد معه ليست كافية.
قرر المزارع في الموسم القادم أيضاً أن يزرع الفول السوداني، وذلك من أجل أن يحصل على مبلغ أكبر من المال، لكنه لم يقوم بدراسة الأمر والتخطيط له، فقد كانت الأرصاد الجوية قد حذرت من هطول أمطار غزيرة كما حان موعد الرياح الموسمية في تلك السنة، وبالرغم من أن زملائه المزارعين قد قاموا بتحذيره من المجازفة في الزراعة لكنه لم يصغي إليهم.
فعند هطول الأمطار كان من أنسب المحاصيل للزراعة في ذلك الوقت من السنة هو محصول الأرز، فقد كان بإمكانه أن يقوم بزراعة الفول السوداني بالإضافة إلى الأرز لكن ما كان يمنعه هو صغر قطعة الأرض، لم يصغي المزارع إلى أي من النصائح التي كانوا يوجهونها له زملائه، فبدأ بزراعة الفول السوداني على كامل الأرض متاملاً الحصول على مبلغ مالي كبير.
كان المزارع في ذلك الوقت قد قام باقتراض مبلغ من المال؛ لينفقه على تجهيزات عرس ابنته على يقين منه أنه سيعود عليه المحصول في نهاية الموسم بالفائض من المال، وعندما اقترب وقت الحصاد كان المزارع على استعداد تام لجني المحصول، ولكنه تفاجأ بهطول الأمطار بغزارة على القرية، حيث قامت بجرف كافة المحاصيل التي كان قد قرب حصادها.
حزن المزارع على ما قد حصل لمحصوله، فهو لم يفقد محصوله فقط وإنما خسر كافة أمواله والمال الذي استعاره من أجل عرس ابنته، فأدرك حينها مدى حماقته بالتبذير الهائل على المظاهر الفارغة، وعدم إصغائه إلى نصائح زملائه، مما جعله يستغرق الكثير من السنوات من أجل سداد المبلغ الذي اقترضه.