صاحب المقولة
أبو سفيان صَخر بن حرب بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف؛ صحابي، من سادات قريش قبل الإسلام. وهو والد معاوية بن أبي سفيان؛ مُؤسس الدّولى الأمويّة. وكان تاجراً واسع الثَّراء، وزعيم أشراف قريش، الذين عارضوا الرسول_ صلى الله عليه وسلم_، ودعوته.
وكان أبو سفيان في شبابه سيّد بَني عبد شمس بن عبد مناف، ثم نال سيادة جميع بطون قريش بعد معركة بدر؛ بعد مقتل” عُتبة بن ربيعةالعَبشَمِيّ، وأبو جهل” عمرو بن هشام المخزوميّ”، ثُمَّ نال سِيادة جميع فروع قبيلة كِنانة، في معركة أحد، وبقي على هذا حتى فتح مكة.
كان أبو سفيان قبل الإسلام أحد رجالات قريش الكبار، وصارت إليه راية الرُّؤساء في قريش بعد مقتل أبي جهل في غزوة بَدر. وكان من رُؤساء المشركين في حرب الإسلام في بِدء الدَّعوة النبوية، وقادَ قريشاً في حَربهَا مع المسلمين يوم أُحُد، ويوم الخندق. وكان رسول الله قد تزوج ابنته أم حبيبة وأبو سفيان لا يزال مشركاً، وأقرّ أبو سفيان زواج الرسول منها، فكان بذلك حمو النبي.
إسلامه وجهاده
أسلم أبو سفيان يوم فتحِ مكة، سنة ثمانية للهجرة، وعِقبَ قول رسول الله:« من دخل البيت الحرام كان آمناً، ومن دخل دار أبي سفيان كان آمناً»، وحسُن إسلامه برأي معظم المؤرّخين وأصحاب السِّيَر.
جاء إلى الرسول_ صلى الله عليه وسلم_، لمَّا أسلم وقال: يا رسول الله مُرنِي حتى أقاتل الكُفّار، كما كُنتُ أقَاتل المُسلمين. قال: «نعم»، قال: ومعاوية تَجعلهُ كاتباً بين يَديك. قال: «نعم». ثمَّ سَأل أنْ يُزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم بِابنَتهِ، وهي” عَزَّة بنت أبي سفيان”، واستعان على ذلك بأختها” أمّ حبيبة”، فَلم يَقع ذلك، وبيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنَّ ذلك لا يَحِلُّ له( الجَمع بين الأختين حرامٌ في الإسلام). وشهد حُنيناً مع النبي، وأعطاه من غنائمها مئة بعير وأربعين أوقِيّة، ثمَّ شَهِد فتح الطّائف معه، ثمَّ شَهِدَ اليرموك، تحت راية ولده” يزيد بن أبي سفيان”، وهو في عمر 72 سنة.
وفاته
توفي أبو سفيان بالمدينة المنورة سنة 31 هجري/ 652م، وله نحو من تسعين سنة، وصلَّى عليه الخليفة” عثمان بن عفّان”، وقيل ابنه” مُعاوية بن أبي سفيان”، ودُفِن في البَقيع.
قصة المقولة
قِيل أنَّ أولُ من قَال” لا في العِير، ولا في النَّفير”، هو أبو سفيان بن حَرْب؛ وذلك أنّه أقْبَلَ بعِيرِ قريش، وكان رسول الله_ صلى الله عليه و سلم_، قد تَحَّيَنَ انصرافها من الشأم؛ فَنَدَب المسلمين للخروج معه للإستيلاءِ على هذه القافلة.
فأقبل أبو سفيان حتى دَنا واقتَربَ من المدينة المنوّرة؛ وقد خاف خوفاً شديداً؛ فَقَال” لمجدىّ بن عمرو”: هل أحْسَسْتَ من أحدٍ من أصحاب محمد ؟ فَقَال : ما رأيت من أحدٍ أنكِرهُ، إلّا رَاكِبَين أتيَا هذا المكَانَ؛ وأشار له إلى مكان عَديٍّ وبَسبَس؛ عَيْنَا رسول الله_ صلى الله عليه وسلم_، في بدر.
فأخذ أبو سفيان أبْعَاراً من أبعارِ بَعِيرَيهمَا ففَتَّها، فإذا فيها نَوىً فَقَال: عَلائفُ يَثْرب هذه عيون محمد، فضرب وجوه عِيْرِهِ فسَاحَلَ بها( اتّجه إلى طريق السّاحل عند البحر الأحمر)، وترك بَدْراً يَساراً، وقد كان بَعَثَ إلى قريش حين فَصَلَ من الشأم يخبرهم بما يخافه من النبي_ صلى الله عليه وسلم_، فأقبلت قريش من مكة فأرسل إليهم سفيان يخبرهم أنه قد أحرَزَ العِير ويأمُرهم بالرجوع. فأبَتْ قريش أن تَرْجِع ورَجَعَتْ” بنو زهرة“من ثَنيَّة أجْدَى؛ وعَدلُوا إلى الساحل مُنْصَرِفين إلى مكة.
وصَادفَهم في الطريق أبو سفيان فَقَال: يا بني زُهرَة لا في العِيرِ، ولا في النَّفِير؛ قَالوا: أنت أرسَلْتَ إلى قريش أنْ ترجع؛ وكانت بنو زُهرة ليس لها سهم في إبِل القافلة مع أبي سفيان.
وكان أبو سفيان هو صاحب العِير، وعُتبة بن ربيعة صاحب النَّفِير.
ومَضَت قريش إلى بدر، فواقَعَهُم رسول الله_ صلى الله عليه وسلم_، فأظْفَرهُ الله تعالى بهم، ولمْ يَشهد بدراً من المشركين من بني زُهرَة أحد.
ويُضرَب هذا المَثل؛ للرجل يُحَطُّ أمرهُ، ويُصغَرُ من قَدَرهِ؛ ولِمَن ليس له فائدة.