صاحب المقولة
المأمون عبدالله بن هارون الرَّشيد، سابع خلفاء بني العبّاس. وُلِدَ عام 170هجرية، وتوفّي غازياً عام 218 هجرية في مدينة طرسوس شمال الشام. وهو الخليفة الذي سَجن الإمام” أحمد بن حنبل” في فتنة خَلق القرآن.
عندما توفي هارون الرشيد، وأُخِذَت البيعة لابنه الأمين وفقاً لوصيّة والدهِ، والتي نصّت أيضاً أنْ يَخلُفَ المأمون أخاهُ الأمين، إلّا أنَّ الخليفة الجديد سريعاً ما خلعَ أخاهُ من ولاية العهدِ، وعيّنَ ابنه موسى الناطق بالحقّ وليّاً للعهد. وكان المَأمونُ آنذَاكَ فِي خُراسانَ، فَلمّا عَلِمَ بأنَّ أخاهُ قد خَلعَهُ عَن ولايةِ العَهدِ، أخذَ البيْعةَ مِن أَهالِي خُراسَانَ، وتَوجَّه بجيشٍ لمحاربَة أَخيْهِ؛ وقد استمرَّت الحُروبُ بْينَهُما لمدَّة أربعِ سنواتٍ، إلى أنْ استطاع المأمون محاصرة بغداد، والتَّغلُّب على الأمينِ وقتلهِ عام 813 هجرية؛ ظافراً بالخلافة.
هو ابن الخليفة العباسيّ الشّهير هارون الرَّشيد، وأمّهُ جارية فارسية توفيت بعد ولادتهِ بأيّام بسبب مرضها بِحُمّى النِّفاس. وقد وُلِد المأمون في ليلة من ليالي شهر ربيع الأول، سُمِّيت هذه الليلة بليلةِ الخُلفاء؛ ففيها توفِّي عمُّ المأمون موسى الهادي، وكان خليفةً وفيها تولَّى والدهُ الخِلافة، وفيها وُلِدَ المأمون الخليفة اللّاحق.
عاش المأمون في بيت الخلافة، فتعلّمَ وتربّى وتثقّف كما ينبغي للأمراء والملوك، وكان فَطِناً ذكيّاً، وبسبب ذكائهِ عَقدَ له والدهُ هارون الرشيد بيعة الخلافة بعد أخيهِ الأمين.
استلمَ المأمون خلافة المسلمين وهو في الرابعة والعشرين من عمرهِ، وكانت فترة حُكمهِ فترة ازدهارٍ عظيمة في تاريخ العصر العباسي الأول. حيث شَهدَ عصر المأمون ازدهاراً علميّاً كبيراً، وكان هذا بسببِ تشجيع ألمأمون الناس على العلوم، كالفلسفة، والطّبِّ، والرياضيات، والفلك. وقد أسّسَ جامعة الحِكمة في بغداد فازدهرت الدولة الإسلامية في عهدهِ إلى أنْ توفّي سنة 218هجرية في طرسوس. فاستلمَ الخلافة بعدهُ أخوه المعتصم بالله.
قصة المقولة
دخلَ” معن بن زائدة” على” المأمون بن هارون الرشيد” وقد كَبرَ؛ فقال له المأمون: إلى أيِّ حالٍ صَيّركَ الكِبَرُ؟ فقال: إلى أنْ أعثُرَ ببعرةٍ، وتُقيُّدني شعرة، فقال: كيف حالك في المأكول والمشروب؟ فقال: إنْ جُعتُ حَرِدت، وإنْ شَبِعتُ وَجِعت، قال: فكيف حالُكَ في النَّوم؟ قال: إنْ كنت في ملأٍ نعِستُ، وإنْ صِرتُ إلى فراشي أُرِّقت. قال: فكيف حالُكَ مع النِّساء؟ قال: عندي منهنَّ ضُروبٌ: أمّا القِبَاحُ فلستُ أُريدُهنَّ، وأمَّا المِلاح فَلَسنَ يُردنَنِي.
فقال المأمون: لا يَحِلُّّ أنْ يُستَنابَ مِثلُكَ{ أي أنَّهُ ما عادَ يقدِرُ على الرئاسة}؛ وأضعِفوا له رِزقهُ، وألزِموهُ بيتهُ؛ يُركَبُ إليهِ، ولا يَركَبُ إلى أحد.