اقرأ في هذا المقال
- المعنى اللغوي لمثل مالي أسمع جعجعة ولا أرى طحنا
- أصل مثل مالي أسمع جعجعة ولا أرى طحنا
- قصة مثل مالي أسمع جعجعة ولا أرى طِحنا
- الأسباب التي قد تجعل شخصًا ما يقول “مالي أسمع جعجعة ولا أرى طحنا”
إن أمثال الشعوب تمثل انعكاسًا واقعيًّا للمواقف التي واجهها الأولون، حيث إنهم تمكنوا ببراعتهم وإتقانهم وإجادتهم للّغة العربية، أن يقوموا بتصيير هذا الواقع إلى حكم وأمثال تتناقلها الأجيال، الجيل تلو الآخر، هذا بالإضافة إلى أن وراء كل مثل شعبي حكاية وقصة حدثت في حقبة ما، جعلته يترسخ في عقول الكثير من الناس.
المعنى اللغوي لمثل مالي أسمع جعجعة ولا أرى طحنا
“مالي أسمع جعجعة ولا أرى طِحنًا”: أي أسمع جعجعة، والجعجعة هي الصوت المرتفع للإنسان، أو صوت الرحى، وهي أصوات الجمال حين تجتمع، والطحن هو الدقيق، والطحن هنا يرمز إلى الفعل والوفاء بالوعد، ويضرب هذا المثل العربي المشهور للشخص الذي يعد ولا يفي بوعده.
أصل مثل مالي أسمع جعجعة ولا أرى طحنا
“مالي أسمع جعجعه ولا أرى طِحنًا”، هو مثل عربي مشهور، تمّ انتقاؤه من التراث العربي الأصيل، والأصل الذي ضُرب فيه معنى المثل هو الوفاء بالعهد، ولعل الوفاء بالوعد والعهد من أرقى الصفات التي يتحلى بها الإنسان السويّ المعطاء، وهي من الصفات التي تقرب المرء من الناس وتزيده احترامًا، بعكس الغدر والخيانة وعدم احترام الوعد.
وأصل مثل “مالي أسمع جعجعة ولا أرى طحنًا” يعود إلى الحقبة الجاهلية، وكان يُضرب لكثير الصخب بلا فائدة، وكما أنه يُضرب للشخص الذي قوته كلها في لسانه؛ أي أنه يتحدث من دون أن ينجز أي شيء، ويُضرب عند كثرة الخطب والمظاهرات والكلام دون أفعال حقيقية ودون مواقف، فحينها يُقال: “مالي أسمع جعجعة ولا أرى طحنًا”، وذلك من كثرة ما سُمع من الكلام الفارغ من مضمون حقيقي فلا يُرى الطحن؛ أي الأفعال في المواقف الحقيقية التي لا تحتمل الكلام.
وكما هو معروف إن “جعجعة بلا طحن” “Much Ado About Nothing “، هو اسم واحدة من مسرحيات الكاتب الإنجليزي المشهور وليام شكسبير المهمة والمعروفة، حيث يترجمها البعض: ضجة بلا فائدة، أو ضجة فارغة، أو حتى تحت اسم إشاعة كاذبة، غير أنه يظل جعجعة بلا طحن هو أول اسم عُرفت به، ويبقى هو الأنسب لها كترجمة للعنوان والمضمون.
قصة مثل مالي أسمع جعجعة ولا أرى طِحنا
أما قصة مثل “مالي أسمع جعجعة ولا أرى طحنًا”، فقد حدثت في إحدى القرى الريفية الصغيرة، حيث عاش رجل اتصف بقصر القامة، كما أنه كان جاف الملامح، وقد عُرف بين قومه بأنه رجل فاسد وماجن، لدرجة أنه كان يأتي الفاحشة والنهب والسرقة علنًا في كبد النهار، وعلى مسمع ومرأى الناس كلها غير مبالٍ وغير مهتم بنظرات الكره وكلمات الغضب، والتي تُلقى عليه يومًا بعد يوم بسبب أفعاله السيئة المُشينة، أما عائلته فقد ذاقت ويلات الألم وأنواع الذل والمهانة صنوفًا صنوفًا، صابرين على بخله وشح يديه، فاقدين أي أمل في أن يصلح مسيرته الفاجرة، وسمعته السيئة.
كان لذلك الرجل الفاسد الماجن خمسة من الأبناء، وفي يوم من الأيام اجتمع الأبناء الخمسة، وذلك بعد أن بطش بأكبرهم بطشة ذهبت بعينه اليمنى بشكل تامّ، ثم إنهم بدأوا يفكرون في طريقة تخلصهم مما هم فيه من هذه المعاناة الحية، والذل القاهر المميت، أو حتى لعلهم يجدون سبيلًا يجعلهم يحصلون على أبسط حقوقهم في الحياة، قال أكبرهم بعد ما وضع عصابة سوداء على عينه التي فقأها أبوه: “نحن لن نرضى بهذا الذل بعد اليوم، سوف نجد طريقة تخلصنا من بؤسنا “، وقال آخر: “لا، ألا تذكر عندما طلبت منه حذاء جديد ماذا فعل بك”.
كان أوسط الأولاد الخمسة سنًّا، فتاة صبية وقد ظهرت عليها ملامح الذكاء المبكر، أو هكذا كانوا يعتقدون، وكانت هي البنت الوحيدة بين أربعة من الإخوة، قالت لهم: “لقد جاءتني فكرة جيدة، كل واحد منا سوف يأخذ ورقة، ويكتب بها كل ما يريد، فليكتب كل منا ما يتمناه ليعيش سعيدًا، اكتبوا كل شيء ترونه كئيبًا، أو يجعل حياتكم مريرة، كل شيء، كل شيء، وسوف نعلن عصياننا ولن نأكل ولن نشرب ولن ننظف البيت ولن نحضر الحليب له ابدًا، ولن نجهز الطعام له أبدًا، وعندما يجد أبونا أنه لا مفر من مواجهة متطلباتنا سوف يستجيب و يرضى بها”.
عندما سمع الأبناء فكرة أختهم، صاحوا في فرح، فقد بدت لهم هذه الفكرة كأنها حبل الخلاص، والذي سينقلهم إلى الجبهة الأخرى، حيث سيعيشون مثل باقي سكان البلدة، وانطلق كل منهم يبحث عن ورقة وقلم؛ ليكتب قائمة ما يطلبه في هذه الحياة ليجعل حياته سعيدة، وليكتبوا كذلك كل ما يجعلها تعيسة ولا يرغب في وجوده في حياته، “هل تعتقدون أنه سوف يفكر حقًّا حتى في قراءة هذه القوائم المنتفخة بالمتطلبات؟ – إن الحبر الأسود يكاد يغطي كل فراغ أبيض في الورقة”، هكذا قال أصغرهم سنًّا، وهو ينظر بدهشة إلى كل هذه الكلمات والطلبات والأشياء التي ملؤوا بها أوراقهم، في حين هو كتب سطرًا واحدًا فقط في قائمته.
حلت الساعة التي سيصل فيها والدهم إلى المنزل، وقد اتفق الأبناء على كل شيء، قام الجميع بتعليق القوائم على جدران المنزل في مدخل الحجرة الأمامية، ووقفوا ينتظرون أن يأتي والدهم الذي دقت خطواته عتبة المنزل بعد دقائق، وحين دخل الرجل المنزل نظر إلى منضدة طعامه فلم يجد عليها أي شيء، ووجد أبناءه واقفين متأهبين ليهتفوا كأنهم في مظاهرة، ثم أنه اقترب من الورق الذي عُلّق على جدران المنزل ببطء، وبدأ بقراءة أول سطر في أكبر ورقة، عند ذلك عرف ما الذي يحدث.
لقد مرت الساعات التالية على الأولاد في خوف قاتل، فقد خشي كل واحد منهم أن يلاقي مصير الأخت التي وضعها والدها في “الفلكة”، بمجرد أن علم أنها سبب كل ما حدث، وأخذ يضرب ويضرب في بطش وقوة، لدرجة أن الدم سال من قدميها، ويُقال أن البنت قد اختفت، وبالطبع لم يجرؤ أحد من أهل القرية على أن يتدخل، وقد اجتمع معظمهم ليعرف سبب الصراخ والبكاء الصادر من منزل الرجل.
في منتصف الليل أصبح كل شيء هادئًا وصامتًا، حيث نام الأبناء متحسرين على ضياع فكرة خلاصهم هباءً، أما قوائمهم التي كتبوها، فقد ظلت معلقة على جدران المنزل المظلم، لا يحركها ساكن ولا يداعبها أمل، إلا هذه الورقة الصغيرة ذات السطر الواحد، والتي لم يثبتها الصغير جيدًا، فقد طارت في الهواء متحررة وقد بدت حروفها واضحة من كل جوانبها، وقد كُتب فيها: ” أنا أريد أبًا غير هذا الأب”.
الأسباب التي قد تجعل شخصًا ما يقول “مالي أسمع جعجعة ولا أرى طحنا”
- الشعور بخيبة الأمل: قد يشعر الشخص بخيبة الأمل عندما لا يتم الوفاء بوعود تم قطعها له.
- الشعور بالاستغلال: قد يشعر الشخص بالاستغلال عندما يرى أن شخصًا ما يتحدث كثيرًا عن شيء ما دون أن يفعل أي شيء.
- الشعور بالضيق: قد يشعر الشخص بالضيق عندما يرى أن شخصًا ما يثير ضجة كبيرة دون أي سبب وجيه.
هناك العديد من المواقف التي يمكن استخدام عبارة “مالي أسمع جعجعة ولا أرى طحناً” فيها.
فيما يلي بعض الأمثلة استخدام عبارة “مالي أسمع جعجعة ولا أرى طحناً” فيها.
- في السياسة: قد يستخدم شخص هذه العبارة للتعبير عن عدم رضاه عن أداء سياسي معين.
- في العمل: قد يستخدم شخص هذه العبارة للتعبير عن عدم رضاه عن أداء زميل له في العمل.
- في العلاقات الشخصية: قد يستخدم شخص هذه العبارة للتعبير عن عدم رضاه عن سلوك شخص آخر.
إذا كنت تشعر بخيبة الأمل أو الاستغلال أو الضيق بسبب عدم وجود نتائج ملموسة بعد الكثير من الضجة والوعود، فقد يكون من المناسب استخدام عبارة “مالي أسمع جعجعة ولا أرى طحناً”.
ومع ذلك، من المهم أن تتذكر أن هذه العبارة قد تُعتبر سلبية أو عدوانية.